الذكاء الاصطناعي يصنع حضارة وهمية في مصر

mainThumb

27-08-2025 02:08 PM

السوسنة - شهدت منصات التواصل الاجتماعي خلال الأيام الأخيرة موجة واسعة من تداول مقاطع فيديو مثيرة، زُعم أنها توثق اكتشافات أثرية مذهلة تحت الأرض في مصر، من بينها مدينة غارقة وبيت فرعوني.

وقد حصدت هذه المقاطع ملايين المشاهدات، وأشعلت نقاشات واسعة بين المتابعين في العالم العربي وخارجه، وسط تساؤلات عن مدى صحتها.

وتباينت الروايات حول المواقع التي ظهرت في هذه المقاطع، إذ نسبها البعض إلى منطقة أهرامات الجيزة، بينما ربطها آخرون باكتشافات غارقة في مدينة الإسكندرية، في حين أشار فريق ثالث إلى أنها تعود لحضارة مفقودة في حضرموت اليمنية.

أحد أكثر المقاطع انتشارًا حمل عنوان "استكشاف بيت فرعوني تحت الأرض"، وظهر فيه أشخاص يرتدون زيًا موحدًا باللون الأخضر وهم يتفقدون توابيت وقطعًا أثرية داخل أنفاق، وقد تجاوز عدد مشاهداته 114 مليونًا خلال 10 أيام فقط.

تحليل فريق "الجزيرة تحقق" كشف أن هذه المقاطع تعتمد على إنتاج بصري سينمائي يوظف مؤثرات مشوقة وموسيقى غامضة، وتُنشر عادة مصحوبة بوسوم مثل: #استكشاف، #غوصعميق، #مصر، #هرم، #سردقصصي. كما تبين أن أغلبها يُعاد إنتاجه بلغات متعددة، مما يعكس طابعه العابر للحدود وقدرته على الانتشار السريع عالميًا.

وبتتبع مصادر هذه المقاطع، تبين أن جميع الادعاءات المرتبطة بها "زائفة"، إذ أظهرت أدوات كشف الزيف العميق أن الفيديوهات مولدة بالكامل عبر الذكاء الاصطناعي، ونُشرت لأول مرة بين 13 و17 أغسطس/آب الجاري. ويعود مصدرها إلى حساب على تيك توك باسم Glint Gaze، الذي أنتج أكثر من 90 فيديو مشابه منذ مارس/آذار 2025، جميعها باستخدام الذكاء الاصطناعي، وقد تجاوز عدد مشاهداته 200 مليون.

ويتعمّد الحساب عدم وضع عناوين دقيقة للمقاطع، ويُروّج لدليل رقمي يشرح كيفية إنتاج محتوى سينمائي جذاب مخصص للمنصات باستخدام الذكاء الاصطناعي فقط، دون الحاجة للظهور أمام الكاميرا.

وقد ساهم حدث أثري حقيقي في مصر في تعزيز تداول هذه المقاطع الزائفة، إذ أعلنت وزارة السياحة والآثار المصرية يوم 21 أغسطس/آب الجاري نجاح بعثة أثرية في انتشال 3 قطع ضخمة وفريدة من أعماق البحر المتوسط، وذلك للمرة الأولى منذ نحو 25 عامًا.

وشملت القطع المكتشفة تمثالًا ضخمًا من الكوارتز على هيئة أبو الهول يحمل خرطوش الملك رمسيس الثاني، وتمثالًا من الغرانيت لشخص مجهول من أواخر العصر البطلمي، إضافة إلى تمثال من الرخام الأبيض لرجل روماني من طبقة النبلاء.

وقال الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار، محمد إسماعيل، إن موقع أبو قير الأثري يمثل شاهدًا حيًا على عظمة وتاريخ مصر العريق، مشيرًا إلى أن البعثة نجحت في كشف مبانٍ غمرتها المياه عبر القرون نتيجة تغيرات جيولوجية وزلازل.

وتؤكد وزارة السياحة والآثار أن المنطقة لا تزال تخبئ أسرارًا تكشف فصولًا جديدة من حضارة "مصر الغارقة"، إذ إنها تمثل مدينة متكاملة تعود للعصر الروماني.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد