هديل تتحدى الحرب والإعاقة وتتفوق في الإعلام

mainThumb

08-09-2025 10:13 AM

السوسنة - تواصل هديل محمود التي تبلغ من العمر عشرين عامًا ، طالبة الإعلام في كلية الآداب، مسيرتها التعليمية بابتسامة لا تخبو، رغم أنها فقدت يديها قبل ثماني سنوات إثر إصابتها بقذيفة خلال إحدى جولات الحرب في مدينة تعز جنوب غربي اليمن ولا ترى في ما حدث نهاية لحياتها، بل بداية جديدة لصنع مستقبل مشرق.

تعود هديل بذاكرتها إلى الرابع من يوليو/تموز 2017، حين كانت تجمع ثمار التين في منطقة الكدحة الريفية، قبل أن تسقط عليها قذيفة وتختلط دماؤها بثمار الأرض. كانت حينها في الثانية عشرة من عمرها، ولم تدرك ما جرى إلا بعد أن أفاقت من غيبوبتها في قسم العناية المركزة بأحد مستشفيات تعز، لتكتشف أنها فقدت كفيها إلى الأبد.

المنطقة التي أصيبت فيها هديل كانت مسرحًا لمواجهات عنيفة بين القوات الحكومية وجماعة الحوثيين، وافتقرت إلى مراكز صحية قادرة على التعامل مع حالات الطوارئ، ما جعل نجاتها من الموت معجزة حقيقية. وفي مارس/آذار 2021، استعادت القوات الحكومية السيطرة على الكدحة، بعد سنوات من الصراع الذي خلف عشرات الضحايا من المدنيين.

بعد إفاقتها، واجهت هديل صدمة نفسية عميقة، وكانت تسأل نفسها وأقاربها كيف ستعيش حياتها من دون يدين، كيف ستأكل أو تكتب أو تمسك القلم. لكن دعم أسرتها، وخاصة والدتها وأخوالها، كان حاسمًا في مساعدتها على تجاوز المحنة، وبدأت رحلة التكيف مع الإعاقة عبر التعليم.

ورغم الألم، لم تتوقف هديل عن السعي، فبعد حصولها على معدل 95.5% في الثانوية العامة عام 2023، انتقلت إلى دراسة الإعلام في جامعة تعز، حيث أنهت عامها الأول بتقدير ممتاز بلغ 92%، وهي اليوم تواصل دراستها في المستوى الثاني، وتحلم بأن تصبح إعلامية بارزة تسلط الضوء على قضايا الفتيات اليمنيات، خصوصًا ذوات الإعاقة وفتيات الريف اللواتي يواجهن صعوبات في الوصول إلى التعليم الجامعي.

هديل لا تخفي أنها مرت بأيام قاسية، خاصة حين كانت تسمع أسئلة الأطفال عن يديها، أو حين واجهت كلمات جارحة من البعض، بينهم من قال لها إن الموت أهون من العيش بلا أطراف. لكنها تؤكد أن الإعاقة الحقيقية هي إعاقة العقل، لا الجسد، وأن العزيمة والإصرار قادران على صنع المستحيل.

في لحظة رمزية، أمسكت هديل بورقة وقلم بين عضديها، وكتبت بخط جميل "بسم الله الرحمن الرحيم"، لتثبت أن الإرادة لا تُقهر. وفي ختام حديثها، وجهت رسالة إلى كل من ترك التعليم بسبب الإعاقة أو الظروف الصعبة، قائلة إن المستقبل يصنعه الطموح والأفكار، وإنه لا مستحيل أمام من يؤمن بنفسه.

من جانبه، وصف أستاذها في مادة أساسيات الكتابة الإعلامية، تيسير السامعي، هديل بأنها واحدة من أبرز قصص النجاح في القسم، مشيرًا إلى أنها لم تستسلم لإعاقتها، بل حولتها إلى دافع للتميز، وأن شخصيتها المؤثرة وحماسها وشغفها جعلا منها نموذجًا ملهمًا بين زملائها وزميلاتها.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد