صحيفة السوسنة الأردنية

- ريم الرواشدة - افرز التباين الظاهر حيال إلغاء قانون المجلس الأعلى للإعلام الذي يسير في طرقه الدستورية، ضبابية حيال البديل المتوقع للمجلس، ومصير مبنى المجلس الذي يعد مثاليا للتدريب الإعلامي لامتلاكه بنية تحتية كلفت الملايين، إضافة إلى مصير الموظفين الذين يعملون وفق نظام خاص.
المطلعون على حال المجلس يظهرون تحديا في إمكانية إنجاز أي مؤسسة بديلة لحجم الدراسات والتدريب المنجز في المجلس، وخاصة تقرير الحريات الإعلامية السنوي الذي أصبح عرفا أردنيا يصدر بحيادية وعلمية دون تدخل من جهات داخلية وخارجية.
مصادر مطلعة ومهتمون اعتبروا إلغاء المجلس خطأً رغم إقرارهم بحق الآخرين في التعبير عن وجهة نظرهم وتأييد الإلغاء ولكن على أن يعطى المجلس حقه وان يكتب الكاتب رأيه عن علم ودراية دون تجن أو لاعتبارات شخصية، وان تكون المادة الصحفية غير موجهة وترتكز لوجهة نظر واحدة، بل يجب أن يكون الإعلامي محايدا ومهنيا وهذه ضرورة في العمل الإعلامي وما يسعى المجلس لتحقيقه من خلال دوراته التدريبية.
وقالوا يمكن تعديل نظام المجلس وتوسيع مهامه، ولكن لا يعقل إلغاؤه، لأنه- بحسبهم - مثّل حالة إعلامية متقدمة في الدراسات والتدريب على المستوى الإقليمي.
وعلى ضوء عدم وضوح الرؤية حول مستقبل المؤسسات الإعلامية فقد ينطوي على إلغاء المجلس افتقار التنسيق مع الجهات الحكومية والمجتمع الإعلامي والمدني حول القوانين ذات العلاقة المباشرة بالعمل الإعلامي أوالتي لها علاقة بالإعلام.
كما أن إلغاء المجلس يضيع جهد سنوات متواصلة من التدريب الإعلامي المهني القائم على برامج أعدها خبراء في الإعلام من أكاديميين وعاملين تمت بناء على دراسات أجراها المجلس لاحتياجات الإعلاميين في الأردن، وتتفق مع الرؤية الملكية في النهوض بالإعلام وخاصة في النواحي المهنية.
كما أن المجلس يرتبط باتفاقيات وبرامج مع العديد من الجهات الأكاديمية والتدريبية المحلية والخارجية كالجامعات ومراكز التدريب، وأضحى له فريقه التدريبي المختص وخاصة أن المجلس يملك بنية تحتية واستوديوهات إذاعة وتلفزيون حديثة صممت لأغراض التدريب، يدار بعدد قليل من الموظفين - 35 موظفا - يشغلون جزءا محدودا من مساحة المبنى.
يظهر التساؤل عن الجهة القادرة على إجراء البحوث والدراسات والتقارير بعلمية وحيادية دون أي اتهام كتقرير الحريات الذي يصدر سنويا، ويشكل حالة اردنية متميزة لدقته وحياديته، ودراسات متعددة كحالة المهنية وتقرير أحوال المهنية والانتخابات وقاعدة البيانات الإعلامية، خصوصا وأن المجلس يديره أكاديميون وإعلاميون وخبراء في هذه المجالات وخاصة في الإعلام والقانون.
وأنجز المجلس خطة عمل تعدل من نظامه ومهامه ليصبح أكثر فاعلية على الساحة المحلية والدولية، وله سمعته في الوسط الإعلامي المحلي في مجالات التدريب، والتشريع، حيث يعد بيت خبرة، تقوم مؤسسات الدولة بالاستعانة به لغايات وضع الاستراتيجيات الإعلامية، وتدريب الناطقين الرسميين ومدراء الدوائر الإعلامية الخاصة والعامة، ويقوم بتصدير خبرته إلى الخارج وخاصة في المجالات التشريعية كقانون ضمان حق الحصول على المعلومات. وقد تلقى المجلس استفسارات خارجية حول إمكانية التدريب على المهن الإعلامية والبحثية في دول عربية ترغب بتطبيق تجربة المجلس في دولها.
وان كانت الآراء المؤيدة للإلغاء، بالغت بعناوينها، فان العديد من الكتاب انصف المجلس واعتبروا إلغاءه ضمن حالة الإرباك التي تواجهها المؤسسات الإعلامية نتيجة عدم وضوح الرؤية لمستقبل الإعلام والتخبط في اتخاذ القرارات، ذاكرين أن لا معنى للتشبث الرسمي للسيطرة على وسائل الإعلام ،إذ أن المجلس لم يفشل ولكن تم إفشاله.
وصدرت الإرادة الملكية بتشكيل المجلس الأعلى للإعلام بتاريخ 13 /12 / 2001، وأصدر المجلس وثيقة الإعلام الأردني ... رؤية ملكية عام 2003، والتي شكلت فرصة حقيقية لدعم النهج الديمقراطي في المملكة وتأصيله، وذلك من خلال توفر الإرادة السياسية لبناء نظام إعلامي حديث، يشكل ركيزة لتحقيق التنمية السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، ويواكب في الوقت نفسه التطورات المعاصرة التي يشهدها المجتمع على المستويات كافة.
ووضعت الوثيقة رؤية شاملة ومتكاملة للإعلام الأردني، وركزت على استقلالية مؤسسات الصحافة والإعلام، وتشجيع التعددية، واحترام الرأي والرأي الآخر، وعرض وجهات النظر المختلفة، في إطار من المهنية والتميز والإبداع والحرية المسؤولة، الأمر الذي يفضي إلى بناء حالة مواتية للتعبير عن الوطن بكافة فئاته وأطيافه، وعكس إرادته وتطلعاته، والإسهام في بناء المعرفة، والدفاع عن حقوق الإنسان، فضلاً عن إعطاء مؤسسات الإعلام فرصة كاملة للقيام بدورها الرقابي في المجتمع وبناء فضاء إعلامي يتواصل مع المواطنين، وينفتح على العالم.
واستناداً لرؤية وثيقة الإعلام الأردني تحددت رسالة المجلس الأعلى للإعلام وأهدافه ومهامه، بحيث أصبح الجهة المرجعية لإعادة بناء النظام الإعلامي، وفقاً للأسس والمبادئ التي حملتها الوثيقة.
وأعد المجلس وثيقة تستجيب للرؤية الملكية وتحمل عنوان نظرة في الإعلام الأردني في مطلع القرن تبحث في الوضع الراهن، وتضع تصوراً شاملاً لمنظومة النظام الإعلامي المستقبلي.
وأنجز المجلس عدداً من الدراسات التطويرية لمؤسسات الإعلام منها رؤية المجلس بشأن إعادة هيكلة الإعلام، وتطوير التشريعات الإعلامية ودراسة حول الاحتياجات التدريبية والمركز الأردني للتدريب الإعلامي ، ونظرة في الإطار التنظيمي لمؤسسات الإعلام، ومرتكزات الإعلام الأردني.
وأصدر المجلس رؤى تطويرية للعلاقات العامة والإعلام الحكومي والتلفزيون الأردني ومؤسسة الإذاعة والتلفزيون والمركز الأردني للإعلام ووكالة الأنباء الأردنية والمركز الأردني للتدريب الإعلامي وقواعد التوجه المستقبلي للإعلام الأردني ودولة القانون والتعددية السياسية.
وفي الإطار التشريعي، قام المجلس بدراسة تطويرية للتشريعات النافذة في المملكة، والتي لها صلة بقطاع الإعلام لإعادة النظر فيها من خلال رؤية تطويرية، مرجعيتها الدستور، والوثيقة الملكية الإعلام الأردني/ رؤية ملكية حيث عمل المجلس على اقتراح مشاريع قوانين جديدة أو إجراء تعديلات لمشاريع القوانين، المركز الأردني للإعلام و المطبوعات والنشر، قانون ضمان حق الحصول على المعلومات، مؤسسة الإذاعة والتلفزيون، وكالة الأنباء الأردنية، الإعلام المرئي والمسموع، محكمة أمن الدولة، حماية أسرار ووثائق الدولة.
كما أصدر المجلس مدونة المبادئ الرئيسية للتغطية الإعلامية والصحفية للانتخابات النيابية لعام 2007 بالاشتراك مع نقابة الصحفيين وإجراءات تنظيم وتسهيل عمل الصحفيين والإعلاميين في الأحوال الطارئة والمناسبات الخاصة، وميثاق الشرف الخاص بالإعلام المرئي والمسموع مع زهاء 30 محطة إذاعية وتلفزة.
وشكل لجنة الحريات والقضايا الإعلامية، للنظر في أي شكوى ترد إلى المجلس، للعمل على تسويتها في ضوء مواثيق الشرف الإعلامية المعتمدة.
وفي مجال الدراسات والبحوث والحريات الإعلامية عمل المجلس على إعداد مؤشرات علمية لقياس الحرية الإعلامية، ومؤشرات علمية لقياس المهنية بما في ذلك الدراسات العلمية الخاصة بها، وقام بإصدار تقارير دورية حول واقع الحرية والمهنية لقطاع الإعلام في الأردن وتطويره كما قام بتنظيم ندوات وورشات عمل لمناقشة نتائج الدراسات والتقارير الصادرة عنه في مجال الحريات الإعلامية ومستوى المهنية ومن هذه الدراسات تقرير مقياس الحريات الصحفية في الأردن (1 /7 /2004 - 31 /12 /2004) و تقرير مقياس الحريات لعام 2005 تقرير مقياس الحريات الإعلامية لعام 2007.
وأنجز المجلس تحليل المضمون الهيكلي للصحف اليومية ووكالة الأنباء بترا والصحف الأسبوعية والحريـات الصحفية في إطـار أوضـاع حقـوق الإنسان للعام 2005.
ولرفع السوية المهنية قام المجلس بتطوير خطط وبرامج تدريبية تساهم في إعداد كوادر إعلامية مدربة تدريباً علمياً يجمع بين الأبعاد المهنية والقانونية والمهارات الإبداعية المطلوبة حيث أنشأ مركزا إقليميا متميزا يعنى بتدريب الإعلاميين والمعنيين بالقطاع الإعلامي والناطقين الرسميين والمسؤولين. ويحتوي المركز على قاعات محاضرات مجهزة بشاشات عرض ولوازم التدريب النظري والتلفزيوني ، إضافة لقاعة كمبيوتر لأغراض التطبيقات العملية.
كما جهز المجلس لغاية التدريب الإذاعي والتلفزيوني غرف أخبار وقاعات واستديو إذاعي مجهزة بمستلزمات التدريب الفني والهندسي وفقا لأحدث المواصفات ووحدات مونتاج متكاملة.
وخلال الفترة 27 /6/ 2004 وحتى 1 /11 /2008 عقد المجلس زهاء 105 دورات تدريبية و7 ندوات متخصصة شارك فيها 2100 مشارك ومتدرب وقدم المجلس مجموعة من الخطط والمشاريع التي تتعلق بتطوير الإعلام الأردني وتنميته.