حكومة السنيورة تلغي القرارين موضع الخلاف مع حزب الله

mainThumb

14-05-2008 12:00 AM

ألغت الحكومة اللبنانية الأربعاء قرارين اتخذتهما ضد حزب الله يتعلقان بشبكة اتصالات سلكية تابعة للحزب وتنحية العميد وفيق شقير المسؤول عن أمن المطار مما أثار أسوأ صراع داخلي في البلاد منذ الحرب الأهلية التي دارت بين عامي 1975 و1990.

وقالت حكومة رئيس الوزراء فؤاد السنيورة في بيان بعد اجتماع عقدته مساء الأربعاء إنها تتخذ هذه الخطوة للحفاظ على الأمن الأهلي وتسهيل جهود وساطة جامعة الدول العربية لإنهاء الأزمة المستمرة في البلاد منذ 18 شهرا. هذا يواجه الوفد العربي الذي وصل ظهر الأربعاء إلى بيروت في مسعى لحل الأزمة بين الأكثرية والمعارضة مهمة صعبة فيما ساد الهدوء العاصمة ومناطق الجبل والشمال بعد اشتباكات عنيفة.

وكان الوفد العربي برئاسة رئيس الوزراء القطري الشيخ حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني قد وصل إلى مطار رفيق الحريري الدولي حيث الحركة متوقفة منذ أسبوع، ثم انتقل إلى بيروت عبر الطريق الرئيسية التي وافق حزب الله، أبرز أطراف المعارضة، على فتح أحد مساربها لمرور الموكب. ويضم الوفد أيضا الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى إضافة إلى وزراء خارجية ثماني دول أخرى هي الأردن والإمارات والبحرين والجزائر وجيبوتي وسلطنة عمان والمغرب واليمن.

ولم تتوفر أية معلومات عن المدة التي سيمضيها الوفد في لبنان. وفي الوقت الذي امتنع فيه الوفد العربي عن الإدلاء بأي تصريح إثر وصوله أو بعد لقاءاته، بدت ردود الفعل الأولى على مهمة اللجنة متفاوتة بين تفاؤل مصادر المعارضة وتحفظ مصادر الموالاة. وأشارت محطة NBN التلفزيونية المقربة من رئيس المجلس النيابي نبيه بري، أحد قادة المعارضة، إلى تفاؤل بري بمهمة اللجنة وذلك بعد أن التقى رئيس المجلس الوفد وعقد مع رئيسه اجتماعا على حده.

وقالت المحطة في مقدمة نشرتها الإخبارية المسائية "أوساط عين التينة، مقر بري، متفائلة وترى أن اللجنة تضع الأمور في إطارها الصحيح. وصرح علي حمدان مستشار بري الإعلامي لوكالة الصحافة الفرنسية بأن اللجنة "تركز مساعيها وجهودها على إنقاذ لبنان من الأزمة السياسية المستعصية ومضاعفاتها وخصوصا ما جرى أخيرا". وأضاف حمدان الذي شارك في اجتماع الوفد مع بري أن اللجنة تريد أن تتأكد من تثبيت الوضع الأمني ومن أن الأمن بيد الشرعية ومن تراجع الحكومة عن قراراتها والعودة إلى الحوار لاستكمال ما تبقى من المبادر العربية.

من ناحية أخرى، رفضت مصادر الرئيس السنيورة الحديث عما دار في اجتماعه بالوفد واكتفت بالقول إن الاجتماع كان جيدا وصريحا.

وأوضح رئيس الجمهورية الأسبق أمين الجميل بعد لقاء الوفد أن أولوية الأكثرية متعلقة بكيفية الحماية من سلاح حزب الله مرحبا بالحوار لاحقا حتى في خارج لبنان. وقال للصحفيين إن أولوياتنا في الوقت الراهن كلمة واحدة طمأنتنا بعد كوارث الأيام الأخيرة التي نجمت عن توجيه حزب الله سلاحه إلى المواطنين" وهو ما ترك "شرخا كبيرا وجرحا بليغا بحاجة إلى وقت وجهد لمعالجته.

وأضاف نرحب بكل الاقتراحات التي سمعناها. بنود المبادرة العربية معروفة ورحبنا بها منذ البداية. وأوضح أن الوفد طرح استكمال الحوار بعد انتهاء الجولة الأولى في الدوحة من أجل الوصول إلى حل، وقال رحبنا وسنتشاور في ضوء ورقة العمل التي يضعونها ونحدد خطواتنا اللاحقة.

وكان مصدر من الأكثرية قد قال لوكالة الصحافة الفرنسية إن الحكومة تعتزم العودة دون شروط عن القرارين مذكرا بأن الجيش طلب مقابل ذلك سحب المسلحين وفتح الطرقات. ويتعلق القراران بإبقاء رئيس جهاز أمن المطار العميد وفيق شقير المقرب من حزب الله في منصبه في انتظار التحقيقات في مسألة نصب الحزب كاميرا على مقربة من المطار، ودرس مسألة شبكة الاتصالات الخاصة بحزب الله.

كما التقى الوفد العربي الزعيم الدرزي وليد جنبلاط وقائد الجيش ميشال سليمان ومن المقرر أن يلتقي الأربعاء أيضا رئيس الهيئة التنفيذية للقوات اللبنانية سمير جعجع ثم رئيس التيار الوطني الحر ميشال عون من المعارضة ليختتم محادثاته ليوم الأربعاء بلقاء رئيس تيار المستقبل سعد الحريري. وقد رحبت سوريا من ناحيتها بمهمة اللجنة وحثت على التعاون معها منتقدة بعنف قرارات الحكومة التي جاءت بدوافع أميركية مبررة رد حزب الله المسلح.

ميدانيا، أفاد مصدر أمني أن الهدوء يسود منذ الثلاثاء مختلف المناطق ولم تسجل أي حوادث مخلة بالأمن بعد أن دخل قرار الجيش قمع التجاوزات بالقوة حيز التنفيذ منذ صباح الثلاثاء، فيما بقيت بعض طرق العاصمة مقطوعة وأبرزها طريق المطار. كما فتح مناصرو الحكومة بعد ظهر الأربعاء جزئيا الطريق الدولية التي تربط شرق لبنان بسوريا والتي قطعوها منذ نحو أسبوع في إطار المواجهات بين الحكومة والمعارضة. وأشار مراسل وكالة الصحافة الفرنسية إلى أن الطريق الدولية فتحت على مسرب واحد فيما بقي المسرب الآخر مقطوعا بساتر ترابي. وتتم حركة مرور السيارات بالاتجاهين على المسرب المفتوح. ولا يزال المعارضون يقطعون طريق المطار وطرقات رئيسية أخرى في بيروت.

هذا وتشكل عملية إلغاء القرارين أول خطوة باتجاه تخفيف حدة التوتر في الأزمة السياسية المستمرة منذ 18 شهرا بين الحكومة المناهضة لسوريا والمعارضة المدعومة من دمشق والتي تركت البلاد بلا رئيس منذ نوفمبر/ تشرين الثاني. وقد أسفرت الاشتباكات الأخيرة عن مقتل ما لا يقل عن 81 شخصا خلال المواجهات التي بدأت في السابع من مايو/ أيار عقب صدور قرارات الحكومة ضد حزب الله، واعتبرت هذه أعنف اشتباكات بين اللبنانيين منذ الحرب الأهلية التي دارت بين عامي 1975 و1990.

وقد اتهم الرئيس الأميركي جورج بوش إيران يوم الأربعاء باستخدام حزب الله في زعزعة استقرار لبنان. وقال بوش في القدس مشيرا إلى تحركات حزب الله في الآونة الأخيرة "هذا جهد إيراني لزعزعة ديموقراطيتهم الفتية." وقال إن الولايات المتحدة تقف مع لبنان. وقال النائب في الائتلاف الحاكم وائل أبو فاعور "الاتجاه العام لدى الحكومة اللبنانية هو تغليب حماية السلم الأهلي على أي اعتبار آخر ومنها القرارات الأخيرة.

وإذا نجح الوفد في تخفيف حدة التوتر فمن المتوقع أن يدعى الزعماء اللبنانيين المتنافسين إلى طاولة حوار في قطر تهدف إلى حل صراعهم السياسي المستمر منذ زمن. وقال مصدر سياسي آخر إن الزعماء الموالين للحكومة يريدون ضمانات بأن حزب الله سينسحب من الشوارع وأن يتعهد بأنه لن يستخدم السلاح ضد خصومه قبل أي حوار. وقد اكتسب القتال سريعا صبغة طائفية وزاد من المخاوف من أن يتجه لبنان نحو حرب أهلية بين مؤيدين للدروز والسنة الداعمين للحكومة من جهة وبين الشيعة المناصرين لحزب الله من جهة أخرى.

وقالت السعودية الداعمة أيضا للتحالف الحاكم إنه إذا أيدت إيران تصرفات حزب الله فان ذلك سيلحق الضرر بعلاقات الجمهورية الإسلامية مع الدول العربية، وألقت إيران باللائمة على الولايات المتحدة في العنف في لبنان. وتعهد الزعيم اللبناني السني سعد الحريري الثلاثاء بألا يكون هناك استسلام سياسي لما وصفه بمحاولة جماعة حزب الله ومؤيديها السوريين والإيرانيين فرض إرادتهم على البلاد بالقوة، لكنه رحب بالوساطة العربية وترك الباب مفتوحا أمام التسوية. وفي نفس السياق، دعا عبد الرحمن بن حمد العطية الفرقاء اللبنانيين لتبني موقف إيجابي إزاء الوساطة العربية الجارية حاليا في بيروت لنزع فتيل الأزمة الحالية..

كما دعا العطية في تصريحات صحفية في الدوحة إلى إعادة الأمور في لبنان إلى ما كانت عليه قبل الجمعة الحزينة على حد تعبيره.

كما أكدت تركيا دعمها الكامل للمساعي المحلية والدولية لإحلال السلام في لبنان بما في ذلك جهود الوفد الوزاري العربي الذي يزور بيروت. وأيدت التوصل إلى تسوية ضمن الأطر الدستورية، كما جاء في بيان للخارجية التركية. ورحب البيان بقرار الجامعة العربية إرسال لجنة وزارية إلى لبنان لعقد محادثات مع الأطراف المعنية لحل الخلافات وإيجاد تسوية عن طريق الحوار بين الحكومة والمعارضة والالتزام بالدستور. كما أعرب البيان عن الحزن الشديد للضحايا الذين سقطوا في الاشتباكات الأخيرة في بيروت وبعض المناطق اللبنانية.

وفي تطور آخر، أعلنت وزارة الخارجية الأميركية أن مجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة سيجتمع بعد ظهر الأربعاء لبحث أعمال العنف في لبنان. وصرح المتحدث باسم الوزارة توم كايسي للصحافيين بأنه يعلم أنه جرت مشاورات وأن مشاورات إضافية ستجري بعد ظهر اليوم كما يعتقد. وأضاف أن هذه المشاورات ستستكمل على الأرجح في الأيام المقبلة، دون أن يوضح ما إذا كانت الولايات المتحدة تنوي طرح مشروع قرار على مجلس الأمن.

وقال إنه في هذه المرحلة لا ندري بعد جيدا طبيعة التحرك الذي يمكن أن تفضي إليه هذه المحادثات، ولكننا نعتقد أن من المهم أن يعبر المجلس بقوة عن موقفه من هذه المسألة.

وأضاف هذه قضية تقلق عددا كبيرا من الدول الأعضاء في المجلس. وكان مستشار الرئيس جورج بوش لشؤون الأمن القومي ستيفن هادلي قد كشف الثلاثاء عن وجود جهود أميركية كي يبحث مجلس الأمن الدولي الوضع في لبنان. وقال إن واشنطن تنوي تكثيف ضغوطها على سوريا وإيران على خلفية دعمهما المفترض لحزب الله الشيعي اللبناني المعارض للحكومة اللبنانية.

على صعيد آخر، أعلنت وزارة الخارجية الأميركية الأربعاء الإسراع في إيصالا الإمدادات الأميركية المنتظمة من التجهيزات العسكرية المرسلة إلى الجيش اللبناني. وقال المتحدث باسم الوزارة توم كايسي في مؤتمر صحافي "كما تعلمون لدينا حاليا برنامج مساعدة عسكرية للبنان". وأضاف أن العمل جار بهذا البرنامج منذ نحو عامين ويهدف إلى مساعدة الجيش اللبناني على القيام بواجبه الذي يقضي ببسط الأمن في سائر أنحاء البلاد. وأضاف أنه يعلم بأن هناك عددا من الأشياء التي قررنا إرسالها، إننا نحاول القيام بهذا الأمر بشكل أسرع./وكالات/



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد