التايمز: أميركا انقذت سلطان هاشم من الاعدام

mainThumb

17-10-2007 12:00 AM

السوسنة - بينما تتوالى الانباء حول احتمال اعدام الفريق سلطان هاشم احمد وزير الدفاع العراقي السابق في ساعة متأخرة من يوم الثلاثاء، كشفت مجلة التايمز عن معلومات جديدة تقول ان الولايات المتحدة الاميركية قد انقذت الوزير العراقي السابق من الاعدام قبل 5 ساعات من تنفيذه من قبل حكومة نوري المالكي في العاشر من سبتمبر الماضي.

و قد توالت الدعوات من عدد من الشخصيات العراقية والعربية والاميركية لوقف الاعدام بحق الفريق سلطان خصوصاً مع شعبيته الكبيرة داخل صفوف الجيش العراقي السابق باعتبار انه "رجل استحق ما وصل اليه من مرتبة وانه لم يكن سوى منفذا للاوامر نظام كان قد قارب النهاية".

مجلة التايمز التي اوردت النبأ قالت ان "الحكومة العراقية لم يتوقف الانتقام لديها الى حد معين مع قراراها اعدام الرئيس العراقي صدام حسين صبيحة عيد الاضحى في نهاية السنة الماضية وفي الخلفية شعارات تبجل الصدر بل كانت قد قررت اعدام وزير الدفاع العراقي السابق سلطان هاشم احمد في الساعة الثالثة من فجر الحادي عشر من سبتمبر 2007 والمصادف للذكرى السادسة لهجمات الحادي عشر من سبتمبر وذلك لاهانة الولايات المتحدة التي كانت قد عرضت صفقة على هاشم عند استسلامه تعهدت فيها بانها ستعامله باحترام".

وتكمن اهمية المعلومات الجديدة التي نشرت في هذا الملف ان مصدر هذه المعلومات هو من داخل الحكومة العراقية الساعية لتنفيذ الاعدام وان الولايات المتحدة هي التي انقذت هاشم من مصيره كونه تحت مسؤوليتها حاله حال السجناء العراقيين من المسؤولين المهمين في النظام العراقي السابق.

وفي التفاصيل، جاءت طائرة هيلكوبتر اميركية في تمام الساعة العاشرة من مساء العاشر من سبتمبر لتخبر المسؤولين العراقيين ان الولايات المتحدة غير مستعدة لتسليم هاشم الى السلطات العراقية ويبدو انها نجحت في الحفاظ على حياته ولو الى حين.

وقال المصدر العراقي ان قرار الحكومة العراقية بزعامة المالكي في اعدام سلطان هاشم احمد قد تسبب في توالي الاتصالات (الحارة) بين المسؤولين العراقيين ونظرائهم من الاميركيين من اجل الحديث عن هذا الاعدام وتلافيه.

وقال المصدر ان "الاميركان ابلغوا رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي ان هناك معارضة لاعدام سلطان هاشم احمد من قبل كبار المسؤولين العراقيين وفي مقدمتهم الرئيس العراقي جلال الطلباني ونائب الرئيس العراقي طارق الهاشمي" بينما اتهم مسؤولون في مكتب المالكي القوات الاميركية بانها "تحمي سلطان هاشم احمد لانه جزء من محادثات سرية مع القوات الاميركية التي تحتل العراق" وان "هاشم سلطان يساعد الاميركيين فعلا في تقليل المقاومة في العراق التي ابتعدت كثيراً عن مواجهة الاميركيين واختارت الميليشيات الشيعية هدفاً لها كما ان الفضل في انخفاض العنف في بغداد يعود للفريق سلطان وليس الى خطة فرض القانون كما تدعي حكومة المالكي".

ويظهر تاثير سلطان هاشم احمد على الاعضاء القدامى في الجيش العراقي من العسكريين الكبار اكثر من تاثيره على مسؤولي الحرس الجمهوري السابق الذين يدينون بالولاء الى الرئيس العراقي الراحل صدام حسين وفق تصريح ادلى به مسؤول في المخابرات العسكرية العراقية السابقة لمجلة التايمز رفض الكشف عن اسمه. كما يدين الاميركيون للفريق سلطان هاشم احمد كونه ساهم في خفض عدد القتلى في صفوف الجنود الاميركيين وتقليل الخسائر في ارواح الجنود العراقيين المساندين لهم واللذين يتهمون (بالعمالة).

ونقلت المجلة عن مسؤول سابق في السي اي ايه قوله ان اعدام سلطان هاشم احمد سيمثل (اكبر خطأ ترتكبه الحكومة العراقية الحالية في حق العدالة) واكد ان الولايات المتحدة تفكر جدياً في اعادة سلطان هاشم احمد الى المشهد العراقي ليقوم بدور لم ينجح في القيام به نوري المالكي الذي وصفه (برئيس الوزراء المترنح) وكانت هذه الرغبة متواجدة بصورة اقوى بعد فترة وجيزة من الغزو الاميركي للعراق كونه من الشخصيات التي يحترمها الجيش بصورة كبيرة.

من جانبه قال ديفيد باتريوس المتحدث باسم القوات الاميركية في العراق لمجلة التايمز ان "قدرة اميركا على حماية سلطان هاشم احمد تبقى محدودة لانه يجب ان يسلم في النهاية الى العراقيين في حال طلبته الحكومة العراقية وان العائق الوحيد امام تسليمه هو عدم التصديق على قرار اعدامه بصورة رسمية واضاف "سنسلمه، لان الحكم صدر من القضاء العراقي، وبالتالي اذا طالب به هذا القضاء سنسلمه".

مسؤول في الحكومة العراقية (رفض الكشف عن اسمه) لمجلة (التايمز) علق على حديث ديفيد باتريوس بالقول ان الحكومة العراقية قد طالبت القوات الاميركية فعلاً بتسليم سلطان في العاشر من سبتمبر وان الولايات المتحدة قد ردت على الطلب بداعي عدم استيفاءه للاجراءات الرسمية المطلوبة في هذه الحالات.

وتقول المجلة انه في حال تم تسليم هاشم الى العراقيين لكي يقوموا باعدامه فان الامر سيمثل اهانة للولايات المتحدة التي سبق وان ضمنت سلامته لدى استسلامه حيث كان هاشم من بين المسؤولين العراقيين القلائل الذين استسلموا بعد نجاح الغزو الاميركي للعراق وقد نظم باتريوس بنفسه مراسم استسلام سلطان هاشم احمد للقوات الاميركية وقام بضمان سلامته واعطاءه الرعاية الطبية اللازمة قائلاً له "اطلب بصورة رسمية منك الاستسلام لي" في رسالة وجهها لسلطان هاشم احمد مضيفاً "ان سمعتك كرجل شريف معروفة على مستوى هذا البلد" مضيفاً "لك كلمتي بانك ستعامل بشكل يحافظ على كرامتك واحترامك ولن يتم الحاق الاذى بك جسمانيا وذهنياً حينما تكون تحت مسؤوليتي".

المتحدث باسم الجيش الاميركي في العراق وصف وعود بتريوس بانها غير (فعالة) الان قائلا "نحن طلبنا منه الاستسلام وضمان سلامته اثناء الاستسلام فقط ولا يمتد الامر الى مايلي ذلك" .

يذكر ان حكم الاعدام قد صدر بحق هاشم بعد اتهامه بالمشاركة في حملة الانفال ضد الاكراد في نهاية الثمانينات، قتل فيها الاف الاكراد كما استخدمت الاسلحة الكيماوية ضد سكان حلبجة. وقد تم تصديق الحكم من قبل محكمة عراقية فيما لاقى القرار معارضة عدد من السياسيين البارزين في العراق من امثال الرئيس جلال الطلباني.

المسؤول العراقي اكد ان "موعد اعدام سلطان هاشم احمد هي مسالة اسابيع بعد العاشر من سبتمبر وان الامر سيتم بعد شهر رمضان وعيد الفطر مؤكداً على ان الامر "سيتم" لان المحكمة التي اتخذت القرار باعدام سلطان هاشم احمد هي محكمة مستقلة وان قرار الاعدام لايتطلب الموافقة من قبل الرئيس العراقي ومن المتوقع ان يتم اعدام سلطان هاشم احمد الى جانب اثنين اخرين اهمهم علي حسن المجيد ابن عم الرئيس العراقي السابق صدام حسين.

نبذة عن سلطان سلطان هاشم احمد الجبوري الطائي

عين سلطان هاشم احمد الجبوري الطائي وزيراً للدفاع في حكومة الرئيس العراقي السابق صدام حسين عام 1995 وكان اختصاصه الاساسي الاستخبارات العسكرية حيث تخرج من معهد بغداد للامن الوطني عام 1975. و كان له ظهور بارز خلال الحرب العراقية الايرانية التي امتدت بين عامي 1980 و 1988 وهو من وقع على قرار انهائها. وفي عام 1988 تزعم الفيلق العراقي الاول الذي كان شريكاً اساسياً في حملة الانفال ضد الاكراد .

و في ابريل 2003 قالت صحيفة الغارديان البريطانية ان الرئيس العراقي السابق صدام حسين امر بابقاء سلطان هاشم احمد تحت الاقامة الجبرية خصوصا بعد تصريحه الشهير الذي قال فيه ان القوات الاميركية امامها اسبوع للوصول الى بغداد حيث صدقت توقعاته وان ظهوره في اجتماعات القيادة العراقية كان فقط صورياً رغم ظهوره الى جانب الرئيس العراقي في اخر جولة له في بغداد قبل فرارهه الى الخارج.

كان سلطان هاشم احمد هو المطلوب رقم 27 على اللائحة الاميركية للمطلوبين وقد استسلم للقوات الاميركية بتاريخ 19 سبتمبر 2003 بعد اسبوع كامل من المفاوضات حيث استسلم في الموصل مركز محافظة نينوى العراقية. وكان داوود باغستاني هو الذي دبر عملية الاستسلام هذه التي قادها من الجانب الاميركي الميجور جينرال ديفيد باتريوس الذي تعهد بالحفاظ على سلامته واحترامه وكرامته الى جانب عائلته.

وقال داوود باغستاني ان الولايات المتحدة قد تعهدت خلال المفاوضات بالغاء اسمه من قائمة المطلوبين الخمسة والخمسين لدى القوات الاميركية اي انه لن يتم الحكم عليه باي احكام مضيفاً "نحن نثق بالتعهدات الاميركية".

ويعتقد ان دور سلطان هاشم احمد في تخفيف من حدة الهجمات على القوات الاميركية كان محورياً خلال الفترة الماضية خصوصاً لانه يملك تاثيراً واسعاً على زملائه من المسؤولين العسكريين الكبار في الجيش العراقي وليس في الحرس الجمهوري. وكان الجيش العراقي في عهدة سلطان هاشم احمد قد قاتل بضراوة في ميناء ام قصر الذي لم تسيطر عليه القوات الاميركية الا بعد اسبوع من بدء غزوها بعكس المناطق التي سيطر عليها الحرس الجمهوري والتي كانت تحت أمرة قصي صدام حسين نجل الرئيس العراقي الاصغر.

يقول سلطان هاشم احمد في معرض إفادته للجنة الأميركية للتحقيق في الحرب على العراق، نشرتها مجلة فورين افريس (العلاقات الخارجية) حول هذا الموضوع: "العمل مع قصي صدام حسين كان خطأ، لم يكن على علم بشيء. كان يفهم الأشياء العامة حاله حال أي رجل مدني، كنا نحضر المعلومات له لكي يقبلها أو يرفضها باعتباره القائد العام لقوات الحرس الجمهوري، وغالبًا ما كان يستعين بمجموعة من المستشارين لاتخاذ القرارات". كان على قصي اتخاذ القرارات النهائية بعد عرض المعلومات الأساسية عليه، ما لم يتدخل صدام حسين بنفسه. وكان الكثير من قادة هذا الجيش يبدون امتعاضهم من قراراته، وقليلون انتقدوا هذه القرارات بصورة علنية ولو محدودة.

بعد انتهاء الحرب، الكثير من كبار قادة هذا الجيش اشتكوا من أن قصي لم يكن يأخذ حتى بنصائحهم. ولكن في النهاية، يبقى أن قصي هو أحد الأسباب الرئيسة لسقوط بغداد، وليس كل تلك الأسباب. وقد تبين فيما بعد أن حتى المستشارين الذين استعان بهم قصي، وقد عرفت هوياتهم بعد الحرب، لم يكونوا مؤهلين لإبداء النصيحة. فيما تم الإبقاء على المؤهلين صامتين حتى حينما كانت تمنح لهم فرصة بالكلام.

كان سلطان هاشم الطائي وزير الدفاع هو الرجل الوحيد في المكان الصحيح في كل نظام الرئيس صدام حسين. كان منافسًا لصدام حسين داخل المنظومة العسكرية، وصوله الى الوزارة تطلب منه الصمت أكثر داخل اجتماعات التخطيط. في واحدة من الاجتماعات التخطيطية تكلم كل الجنرالات حول خطة، وافق صدام عليها لحماية بغداد بينما اختار هو الصمت، يقول احد القادة الحاضرين في الإجتماع، إن العديد من الجنرالات الموجودين هناك كان هدفهم إسعاد صدام حسين، بينما كان وزير الدفاع رجلاً نبيلاً، واختار ألا يتدخل بالتعليق على الخطة تاركًا رؤاه الاستراتيجية لنفسه.

و كان دور فريق هاشم سلطان احمد في تقليل خسائر العراق في مفاوضات خيمة صفوان بعد حرب الخليج 1991 واضحًا ، شهد له حتى قائد القوات الأميركية آنذاك شوارتسكوف، كما كان أبناؤه على غير عادة كل أبناء الوزراء في العراق الأكثر اقترابًا من الناس، وخصوصًا ابنه البكر (عامر) الذي عرف بالتزامه بمبادئ الدين اثناء دراسته في بغداد، كما لم يسجل انه استخدم سلطاته ضد أي من مخاليفه أو منتقدي النظام العراقي السابق.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد