دعوة الى تصحيح المناهج لنشر الفكر الإسلامي السوي

mainThumb

03-03-2015 05:36 PM

عمان – السوسنة - أكد علماء ورجال دين وأكاديميون ومسؤولون أن الوطن "بحاجة إلى تحصين مواطنيه ضد التعصب والتطرف من خلال نشر ثقافة وسطية معتدلة وتصحيح مناهج التربية لنشر الفكر الإسلامي السوي".
 
كما أكدوا، خلال ندوة علمية عقدت بعنوان "الشباب في مواجهة الفكر المتطرف" رعاها رئيس مجلس الأعيان عبد الرؤوف الروابدة الثلاثاء، أن الوطن بحاجة إلى حركة حزبية وطنية برامجية تعالج هموم الوطن والمواطن وتطرحها بقالب واقعي قابل للتنفيذ بعيدا عن المزاودة والتنظير المجرد.
 
وشددوا في الندوة، التي نظمها صندوق البحث العلمي بقاعة المؤتمرات في فندق المريديان، ضرورة إعداد برامج تعليمية ومناهج تدريسية لـ"تصحيح المفاهيم، التي أصبحت منتشرة زوراً وبهتاناً، عن الدين وعن ثقافتنا.
 
وقال الروابدة ان التطرف بدأ يصبح سمة في النصف الثاني من القرن العشرين لجميع أصحاب الأفكار والتنظيمات السياسية، إذ حاول الكل إثبات صدقيته بالتعصب لفكره، واحتكار الحقيقة، واعتبار كل من يخالفه على خطأ، لا بل وتطور الأمر لاعتبار المخالف عميلا أو كافرا.
 
وأضاف أن هذه هي صفات الأحزاب العقائدية، فالعقائد لا يمكن أن تتشكل في حزب، مضيفاً إن الأحزاب السياسية عاشت في الدول الديمقراطية، والديمقراطية لا تتجذر، وتنتج آثارها، إلا إذا قامت على أكتاف حزبية ديمقراطية.
 
وشدد على أن الحزبية الديمقراطية هي التي تحمل برامج تشمل الحياة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، وتعمل للوصول إلى الحكم أو المشاركة فيه بأسلوب سلمي وعبر صندوق الانتخاب.
 
وأوضح أن أحزابنا العقائدية قصيرة النفس، لم تقتنع بالعمل الجاد والطويل المدى لبناء قواعد جماهيرية واسعة توصلها إلى صناديق الانتخاب، مشيراً إلى أن المواطن في معظم البلاد العربية لا يقبل بجدية على الحركة الحزبية، لأن الآباء يرون آثارها على أجسادهم أو على سبل عيشهم وينصحون أو يمنعون الأبناء منها.
 
وأكد الروابدة أن الوطن بحاجة إلى تحصين مواطنيه ضد التعصب والتطرف من خلال نشر ثقافة وسطية معتدلة وتصحيح مناهج التربية لنشر الفكر الإسلامي السوي الذي يحول دون اختطاف التدين من أصحاب الفكر المنحرف أو الأهداف الضيقة.
 
كما أن الوطن بحاجة إلى حركة حزبية وطنية برامجية تعالج هموم الوطن والمواطن وتطرحها بقالب واقعي قابل للتنفيذ بعيدا عن المزاودة والتنظير المجرد، فضلاً عن الحاجة إلى البعد عن التعصب الديني أو الطائفي أو القبلي أو الاقليمي".
 
وبين أن السبيل إلى ذلك الالتزام بهوية وطنية واحدة، لا تقصي، الكل فيها شركاء، لافتاً إلى أن الهويات الفرعية وسيلة إغناء للتعددية.
 
من جهته، قال مدير عام صندوق البحث العلمي الدكتور عبدالله الزعبي، إن آلية محاربة الإرهاب والتطرف تفرض علينا كمؤسسات وطنية أن نبدأ للتجهيز لحرب أيديولوجية طويلة لمعالجة ظاهرة التطرف، والتي هي معقدة التركيب من حيث تداخل العناصر والجذور والأثر على الأمن الوطني ومستقبل الأمة.
 
وأضاف إنه لا بد من وضع الخطط لمعالجة شتى أنواع التطرف (سواء اتخذ الطابع الديني أو السياسي أو التربوي التعليمي أو الاجتماعي الأسري أو الإعلامي).
وتابع "أننا في الوطن العربي نعيش أزمة عقل حقيقية، حيث عجزنا عن تقديم الابتكارات والاكتشافات والحلول الناجعة، ما جعلنا أقرب إلى التخلف في المجالات المعرفية التي أثرت على القوة الاستراتيجية للأمة".
 
وأكد الزعبي ضرورة إعداد برامج تعليمية ومناهج تدريسية لتصحيح المفاهيم، التي أصبحت منتشرة زوراً وبهتاناً، عن الدين وعن ثقافتنا، واتهامنا بالعنف والتطرف عقيدة وشريعة وأخلاقاً عبر التاريخ.
 
كما أكد أننا بأمس الحاجة إلى معالجة مفاهيم تربوية آخذة في الانتشار لدى البعض من الشباب، من حيث قبول الفتاوى الشاذة التي تقوض بنيان المجتمع.
 
وأشار إلى "نجاح دعاة الفكر المتطرف لبناء منظومة إعلامية قائمة على التكنولوجيا المتطورة لنشر أفكارهم والتسويق لها، في حين أننا أغلقنا عناصر التواصل الاجتماعي منذ البداية والتي ظهر تأثيرها فيما يسمى بالثورات العربية.
 
وأعلن الزعبي، في ختام كلمته، عن بدء صندوق دعم البحث العلمي باستقبال طلبات المنافسة على جائزة الصندوق لأفضل بحث لمواجهة الفكر المتطرف اعتباراً من اليوم وحتى 31 آذار الحالي.
 
وفي الجلسة الأولى، التي ترأسها رئيس لجنة التربية والتعليم في مجلس الأعيان عبد الله عويدات، كان اول المتحدثين نائب رئيس الوزراء وزير التربية والتعليم محمد الذنيبات، إذ أكد أن عملية تطوير المناهج لم تكن ردة فعل على الأحداث التي تمر بها المنطقة العربية، بل تُبنى وتعدل وفق معايير مستمدة من الدستور الأردني وقانون التربية والتعليم.
 
وقال، بورقة عمل تحت عنوان "دور التربية والتعليم في مواجهة الفكر المتطرف"، إن المناهج الأردنية "زاخرة بالمفاهيم التي تحث على الاعتدال والتسامح واحترام الآخر وقبوله"، مشيراً إلى أن مناهجنا "محايدة وليست مسيسة، ومبنية على أسس تربوية راسخة قادرة على بناء شخصية الطالب بجوانبها كافة".
 
وأشار إلى أن المناهج والكتب المدرسية "أمر مهم، ولكن الأهم منها هو من يقوم على تدريسها وتقديمها للطالب والباحث".
 
من جهته، قال الدكتور سلمان البدور كانت حقوق الإنسان والديمقراطية قاعدتي التاج الذي أدت إليه الحداثة، وحصلت ردة فعل على الحداثة في تيارات أطلق عليها ما بعد الحداثة، فظهرت الأصوليات بالمجتمعات الغربية، وتبعتها الأصوليات في العالم الإسلامي.
 
وأضاف، بورقة عمل تحت عنوان "المجتمع المدني في مقابل التطرف"، إن من أهم حقوق الإنسان التي يدور حولها صراع وتفسيرات وتأويلات أدت إلى صراعات لا يبدو أنها ستنتهي في المستقبل القريب، هي حرية الرأي والتعبير مضافاً إليها حرية الاعتقاد.
 
بدروها، قالت رئيس تحرير "الغد" الزميلة جمانة غنيمات إن بناء المواطنة الحقيقة هو أبرز الأسلحة الفتاكة التي يمكن من خلالها مواجهة الفكر المتطرف والمنحرف.
 
وأضافت، في محاضرة بعنوان "دور الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي في محاربة التطرف"، إن عصابة داعش الإرهابية هي وليد العديد من الظروف أبرزها التهميش، وغياب العدالة الاجتماعية، ناهيك عن البطالة والفقر.
 
وللقضاء على التطرف والإرهاب وتنظيماته، أكدت إن الحل يكمن بالديمقراطية أولا واخيرا، وبمزيد من الحريات.
 
من جهتها، قالت الدكتور حنان إبراهيم إن نشر ثقافة الوسطية أو الفكر الديني المعتدل من خلال الحيز الأكاديمي يتطلب تبني بنى تربوية وتطوير مناهج تعليمية لكل التخصصات.
 
وأشارت، في ورقة عمل بعنوان "دور الأكاديميات في بث ثقافة الاعتدال الديني بين طلبة الجامعات"، إلى دور المؤسسات التعليمية الجامعية ووزارة التعليم العالي والبحث العلمي لخلق أجواء مناسبة وتبني رؤية واستراتيجيات للاهتمام بالتخصصات الاجتماعية والإنسانية والتي تشهد "حالات تهميش" لصالح التخصصات العلمية.
 
وأكدت إبراهيم أهمية إدراج الفكر الديني كمحور تعليمي بمواد مختلفة يتم طرحها في تخصصات مختلفة لا تقتصر على مساقات بعينها كالثقافة الاسلامية أو الفكر الإسلامي أو علوم الدين، وتدريسها بأسلوب رصين بعيد عن النبرة الوعظية أو التقليدية.
 
 
وفي الجلسة الثانية، التي ترأسها الدكتور عبدالناصر أبو البصل، كان أول المتحدثين وزير الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية هايل داود الذي أكد إن انحراف الفكر والتصور والمفاهيم هو بداية التطرف، ومن هنا تأتي أهمية المؤسسات الدينية في التوجيه.
 
وأضاف، في ورقة عمل بعنوان "دور المؤسسة الدينية في المملكة بمواجهة الفكر المتطرف،إن دور وزارة الأوقاف في تقديم صورة الإسلام بعيدا عن فكر التطرف والإرهاب، هو في غاية الأهمية، لما نشهده من أحداث وفكر متطرف في الوقت الراهن.
 
وأكد أن الوزارة وضعت خطة استراتيجية لمكافحة فكرة التطرف، ترتكز على سد نقص الأئمة في 6300 مسجد، وإصلاح الخطاب الديني وتعزيز دوره بمكافحة فكرة التطرف، ونقص الخريجين، وقلة الحوافز للائمة، وغير ذلك.
 
كما بين أن الركن الأساسي في استراتيجية المملكة بمكافحة الفكر المتطرف ومحاسبته هو الالتفات إلى "الأوقاف" والعاملين فيها من الأئمة والخطباء وتوجيههم بالقضايا الرئيسة في المجتمع، ومحاربة الغلو والإرهاب، وتبيان المعاني الحقيقية لبعض المفاهيم التي يتكئ عليها الإرهابيون لحشد الشباب حولهم.
 
من جهته، اعتبر رئيس رابطة علماء الأردن الدكتور بسام العموش، في ورقة عمل بعنوان "الانفتاح السياسي والتحول الديمقراطي في مواجهة التطرف"، أن صمود الأردن في أجواء العواصف الدموية حوله يؤكد بأن النهج الديمقراطي ليس خياراً سياسياً فحسب بل هو نهج حائل دون السقوط الأمني، حيث رأى الاردنيون بأم أعينهم سقوط أنظمة عديدة بسبب الدكتاتورية التي جرفت حكامها المستبدين وبعضهم بنهايات دموية والاخطر الدمار الذي خلفوه لأنهم لم يرسخوا مؤسسية لا تتأثر بتبدل الاشخاص كما هو العالم المتقدم سياسياً".
 
بدوره، رأى المطران الدكتور قيس صادق، في ورقة عمل تحت عنوان "أضواء على الخطاب الديني والعيش المشترك"، أنَّ الآراءَ حولَ الخطاب الديني قد انقسمتْ إلى اتّجاهاتٍ ثلاثة: الاول فريقٌ يدعو إلى التَّصحيح والمراجعةِ باعتبار أنَّ هذه الآليَّة الديناميكيَّة تمثِّل المسار الصَّحيح لطبيعة الأَشياء، فيما يرفض الفريق الثاني وبشدَّة كلَّ الانتقادات الَّتي تَطالُ هذا الخِطاب بحجَّة أنَّها تخدم أجنداتٍ خارجيَّةٍ مشبوهةٍ تُحاول النَّيل من العقيدةِ الدّينيَّة، بينما الفريقُ الثّالث لا يجد حَرَجًا ولا خَجلاً من إعلان رغبتِه الواضحةِ في استئصالِ هذا الخِطاب الدِّيني برُمَّتِه من واقعِنا المُعاصِر، لأنَّه سبَّبَ الأَزمةَ التي تُعاني منها مجتمعاتِنا العربيَّة.
 
وعبر صادق عن أسفه لوجود أصواتَ بعضِ العلماءِ والفقهاء واللاهوتيِّين الّذين يُنادون بتعزيزِ روحِ التَّسامحِ والتَّعايشِ الدَّينيِّ بين الشّعوب دون العودةِ إلى عمقِ دلالاتِه أو إدراكِ مضامينه، وأشار إلى "أن قبولَ مبدأ التَّسامحِ وفكرةِ التَّعايش يعني تجاوز سُبل الانقسامِ بجميع أشكاله".
 
من جهته، عرض الدكتور ارحيل الغرايبة، بورقة عمل تحت عنوان "دور الحركات السياسية الإسلامية في مواجهة الفكر التطرف"، للحركات السياسية الإسلامية ونشأتها وأهدافها وغاياتها الأصلية، ودورها في نشر مفهوم الإسلام الصحيح، وتوضيح أهم مبادئ الإسلام العامة وقواعده ومفاهيمه الضرورية التي تمس الحياة العامة.
 
وأكد ضرورة تجميع طاقات الشباب وتوجيهها في مسارات إيجابية بنّاءة بخدمة المجتمع، وفي العمل التطوعي، الذي ينمي مهاراتهم الاجتماعية والسياسية، داعياً إلى بذل الجهد في بناء وتعزيز قيم التسامح والتعاون وقبول الآخر.
 
إلى ذلك، أكد الدكتور محمود السرطاوي من جامعة العلوم الإسلامية العالمية، بورقة عمل تحت عنوان "دور الجامعات وكليات الشريعة في مواجهة الفكر المتطرف"، إن على كليات الشريعة ان تقوم بواجبها في حمل هذا اللواء "محققة مقاصد الشرع مستوعبة قضايا الزمان والمكان، والوصول اليه، من غير عنت ولا مشقة ومن غير غلو فيه أو تطرف.
 
ويرى أن للإطار الثقافي أثرا كبيرا في مواجهة الفكر المتطرف والارهاب وحل المشكلات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، وإنه يعتبر المقياس الحقيقي لمدى الجدية في السعي قدماً لحل تلك المشكلات. - (بترا)
 


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد