النشاط الزلزالي في الاردن وطرق التخفيف من الخطر الزلزالي

mainThumb

15-07-2009 12:00 AM

أ.د. عيد عبد الرحمن الطرزي
 

يمتاز الأردن ومحيطه بتوافر المعلومات الزلزالية التي تعود إلى ما يزيد على 40 قرناً من الزمان، أما مصادر هذه المعلومات فهي الكتب السماوية إضافة إلى المخطوطات التاريخية القديمة وكتب التاريخ، ومن الجدير بالذكر انة قد تم إجراء العديد من الدراسات البحثية والتمحيصية لتجميع هذه المعطيات في ملفات زلزالية ليستفيد منها الباحثين والمهتمين في الاردن. ان المواقع والمدن الاثرية والتي تمتد من شمال الوطن الى جنوبة قد تعرضت الى التدمير الزلزالي وبشكل واضح وكبير كما توضح المواقع الاثرية في مدينتي البتراء وجرش (اشكال 1 و 2).

زلازل حدثت في الاردن

لقد تعرضت المنطقة في السابق إلى أكثر من زلزال مدمر كما هو مبين في شكل (3) ومنها زلزال عام 1837 وزلزال عام 1927 واللذين تسببا في وفاة ما يقرب من (5000) شخص في كل من الأردن وفلسطين إضافة الى جرح الآلاف من الأشخاص. النشاط الزلزالي الحالي مستمرعلى طول فالق البحر الميت نهر الأردن ولكن معظم هذه الزلازل لا نشعر بها ويتم تسجيلها من قبل محطات الرصد الزلزالي حيث كان اكبر هذه الزلازل هو زلزال خليج العقبة في 22/11/1995 والذي بلغت قوته 6.2 درجة على مقياس ريختر في حين وصلت شدتة الى VIII درجات على مقياس ميركالي المعدل في مدينة العقبة. كذلك زلزال 11/2/2004 والذي بلغت قوته 5.2 درجة وتمركز في شمال شرق البحر الميت حيث شعر به جميع سكان الأردن من شماله إلى جنوبه ومن شرقه إلى غربه، وبلغت الشدة التدميرية للزلزال ستة درجات في مناطق الشونة الجنوبية وشمال البحر الميت. لو رجعنا الى اخر مئة سنة من الان لوجدنا تمركز النشاط على طول حفرة الإنهدام الأردني كما يبين شكل 4، حيث نلحظ بأنه قد حدثت أربعة زلازل كبيرة بقوة تزيد عن (6) درجات على نفس حفرة الإنهدام خلال تلك الفترة.

ومن الملاحظ أن هناك خلط بين قوة الزلزال وشدته فالقوة تعني مقدار الطاقة المتحررة من بؤرة الزلزال وتقاس بالأجهزة ويتم حسابها بناءاً على هذه التسجيلات بينما الشدة الزلزالية فهو مقياس وصفي لمقدار التأثير للأمواج الزلزالية على الأشياء المحيطة بالإنسان من منشات وبيوت وما تحويه وهو بالتالي يقل كلما ابتعدنا عن بؤرة الزلزال بشكل عام. ويتأثر مقياس الشدة بقوة الزلزال، العمق البؤري، والبعد عن المركز السطحي إضافة إلى الصفات الموقعية الجيولوجية، والطبوغرافية والتربة. من ناحية أخرى وجد أن هناك إرتباطاً مباشراً بين الشدة التدميرية وصفات البناء، نوعية المواد الداخلة في البناء وعدد الأدوار في البناء الواحد حيث أن القاطنين في الطوابق الأعلى يشعرون عادة بشكل أكبر بمقدار الاهتزازات وبالتالي يتم تسجيل شدة اكبر لنفس الزلزال بنفس الموقع.

 

هل الامواج الزلزالية هي التي توقع الضحايا؟

في تمام الساعة 11و41 دقيقة من صباح اليوم السابع من شهر كانون أول من عام 1988 شعر أكثر من (700.000) إنسان يعيشون في دائرة قطرها (50 كم) في مدينة "سبيتاك" في أرمينيا بزلزال مدمر بلغت قوته (6.9) درجات نتج عن هذا الزلزال المدمر وفاة (25.000) إنسان وجرح (31.000) شخص وأدى إلى نزوح ما يقارب نصف مليون قاطن في المدينة المذكورة بسبب الدمار الكبير الذي حصل في بيوتهم وأماكن سكناهم، نتج كذلك عن الزلزال دمار (83) مدرسة و(88) دار للحضانة و (84) مستشفى إضافة إلى قتل أو جرح (80%) من الأطباء والممرضين العاملين في هذه المستشفيات، السؤال المطروح لماذا قتل الكثير من الضحايا في هذا الزلزال متوسط القوة؟ للإجابة عن ذلك دعونا نقارن ما نتج عن زلزال "سبيتاك" في أرمينيا بالزلزال الذي حدث في "لوما بريتا" جنوب مدينة سان فرانسيسكو عام 1989 في الولايات المتحدة الأمريكية حيث بلغت قوته (7.1) درجة أي أن مقدار الطاقة المتحررة عن هذا الزلزال كانت ضعفي زلزال "سبيتاك" لكن المدهش بأن الخسائر كانت مقتل (25) إنسان فقط من أصل مليون ونصف إنسان يعيشون في دائرة قطرها (50 كم)!! ان التفسير الوحيد لذلك هو أن الزلازل لا تقتل، لا بل المباني المتهدمة بفعل الأمواج الزلزالية هي التي تقتل. إن الظاهرة المميزة في زلزال أرمينيا هو تحطم المباني ذات التسعة إلى 12 طابق حيث سويت معظم المباني بالأرض مما لم تعطي ساكنيها أية فرصة للنجاة مما نتج عنه زيادة كبيرة في أعداد الضحايا.

 

الخطر الزلزالي في الأردن

بالنسبة للنشاط الزلزالي في المنطقة حالياً فيلاحظ استقرار واضح بشكل عام خاصة في مناطق وادي عربة، البحر الميت ونهر الأردن.

أما بخصوص النشاط المتوقع مستقبلياً فيجب التأكيد على أن عملية التنبؤ بالزلازل ما زالت غير ناجحة خاصة التنبؤ قصير الأمد ويقصد به توقع حدوث زلزال خلال أشهر أو أيام في منطقة وبقوة محددة فلم تنجح البشرية لغاية هذه الأيام بهذا المجال.

الناظر لخارطة الخطر الزلزالي في منطقتنا والمبين في الشكل (5) يجد أن المناطق المحاذية للبحر الميت ونهر الأردن تمثل أكبر تسارع أرضي متوقع حيث تتراوح ما بين 250-300 سم/ث2 كذلك فإن المدن الأردنية الرئيسية مثل عمان، العقبة، إربـد، مأدبا، عجلـون، السلط، جـرش، تقع جميعها فـي نطـاق يتراوح ما بين 150-250 سم/ث2 وهذا يعتبر تحدياً أمام المهندسين، الانشائيين والمخططين لأخذ هذا الخطر الواضح بعين الإعتبار.

لقد أظهرت معظم الدراسات الزلزالية التي أجريت في المنطقة أن هناك احتمالات لتعرض المنطقة إلى زلازل في المستقبل، ومن المتوقع ألا يزيد مقدار هذه الزلازل عن ست درجات ونصف حسب مقياس ريختر، وأظهرت بعض الدراسات احتمال وصولها إلى سبع درجات، خصوصا إذا كان مركز الزلازل في منطقة بحيرة طبريا والبحر الميت وجبال لبنان. كذلك أظهرت الدراسات التي تجري في كلية الموارد الطبيعية والبيئة في الجامعة الهاشمية أن تعرض المدن والقرى الأردنية لزلزال قوته ست درجات ونصف الدرجة على مقياس ريختر "لا سمح الله" سيؤدي إلى حصول خسائر كبيرة، حيث ستتعرض بعض المدن الرئيسة لانهيارات كلية وجزئية في المباني قد تزيد عن ربع القائم من المباني.

وفي الواقع تكمن أسباب ارتفاع نسبة الأضرار والانهيارات في المباني إلى عدم تحقيق العديد من أنماط المباني الدارجة محليا لمتطلبات الحد الأدنى من مقاومة الزلازل، بالإضافة إلى عدم جاهزية المنشآت والبنى التحتية، وكذلك عدم وجود سياسة وطنية فاعلة لاستخدامات الأراضي مطبقة على أرض الواقع يمكن من خلالها تجنب البناء على الأراضي القابلة للانزلاق في المناطق الجبلية في عمان أو التي يمكن أن تتعرض للتميؤ في التربة الرملية والرسوبيات ضعيفة التماسك في مناطق الأغوار والبحر الميت وخليج العقبة.

بهدف تحديد مقدار الحركة السنوية للقشرة الارضية وانعكاس ذلك على مقدار النشاط الزلزالي الاني والمستقبلي في الاردن، فلقد بدأت الكلية ومنذ ثلاثة سنوات بمراقبة عشرين نقطة موزعة على جميع انحاء المملكة بأستخدام تقنية GPS المرتبطة بالاقمار الصناعية، حيث اكدت النتائج الاولية وجود تحرك للقشرة يتراوح ما بين 5-10 ملم سنويا، وقد يكون ذلك مؤشر هام على ان المنطقة تعيش بمرحلة التراكم للضغوطات التكتونية وهذا يستدعي متابعة مثل هذة الدراسات التفصيلية واستمرارها.

كيف نخفف من أخطار الزلازل

لقد بدأت الدول التي تتأثرن أن أ

كثيراً بالنشاطات الزلزالية المدمرة بإتباع سياسة وطنية تهدف للتخفيف من الدمار الزلزالي من خلال وضع دستور للبناء يلزم به المهندسين والبنائين وهذا بالتالي سيؤدي إلى أن المبنى سيتفاعل بشكل منظم مع الأمواج الزلزالية المدمرة مما يقلل من مقدر الدمار والخسارة في الأموال والأرواح، وكذلك تشمل مثل هذه السياسات عمليات توعية وتدريب للمواطنين خاصة طلاب المدارس والجامعات في كيفية التصرف الآمن أثناء حدوث الزلزال ويجب أن يصاحب ذلك توعية إعلامية للمواطنين بكافئة فئاتهم وتدريب العاملين في المؤسسات المختلفة ومنها وسائل الإعلام في كيفية التصرف أثناء مثل هذه الأزمات والكوارث. ان ادارة الكارثة والاستعداد لها أصبحت من العلوم المتطورة في العالم وتدرس في جامعات مختلفة ومن الجدير بالذكر أن كلية الموارد الطبيعية والبيئة في الجامعة الهاشمية تقوم بتدريس طلبتها مثل هذه المواد في مراحل دراستهم المختلفة وتشارك كذلك في تدريب الجهات المسؤولة سواء في مؤسسات القطاع العام او الخاص والمسؤولة عن أعمال الإغاثة والدفاع المدني في الأردن والدول العربية الشقيقة.

إن لإختيار الموقع أهمية كبيرة في تخفيف مخاطر الزلازل وتصميم مباني مقاومة للهزات الأرضية، لذلك اهتمت علوم هندسة الزلازل بسياسة استخدام الأراضي وخرائط الشدة الزلزالية لكل منطقة، ذلك لأن حجم الضرر الذي يلحق بالأبنية نتيجة تعرضها لضربات الزلازل يعتمد في معظمه على سعة اهتزاز القشرة الأرضية وتسارعها وعلى الصدوع والتشققات الأرضية وحركتها وكذلك على احتمال تميؤ تربة الأساسات في حالة التربة الرملية أو الانزلاقات الأرضية في حالة الأراضي شديدة الانحدار.

وعليه يوصى دوما ألا تقام المنشآت على صدوع جيولوجية، بغض النظر عن مدى نشاطها الزلزالي، إذ يؤدي أدنى تحرك في قشرة الأرض على جانبي الصدوع إلى أضرار ملموسة في المنشآت، وتنفصل أجزاء المنشآت التي تقام على صدوع جيولوجية في بعض الحالات الخاصة بفواصل تسمح لكل جزء من أجزائها المفصولة بالحركة كيفما شاء. وهذا يؤكد مدى اهمية الدراسات الجيولوجية والجيوفيزيائية والجيوتقنية لمواقع المنشات الكبرى قبيل البدء بأعمال الانشاءات.
 
 
عميد كلية الموارد الطبيعية والبيئة/الجامعة الهاشمية

كيف نخفف من أخطار الزلازل

لقد بدأت الدول التي تتأثرن أن أ

كثيراً بالنشاطات الزلزالية المدمرة بإتباع سياسة وطنية تهدف للتخفيف من الدمار الزلزالي من خلال وضع دستور للبناء يلزم به المهندسين والبنائين وهذا بالتالي سيؤدي إلى أن المبنى سيتفاعل بشكل منظم مع الأمواج الزلزالية المدمرة مما يقلل من مقدر الدمار والخسارة في الأموال والأرواح، وكذلك تشمل مثل هذه السياسات عمليات توعية وتدريب للمواطنين خاصة طلاب المدارس والجامعات في كيفية التصرف الآمن أثناء حدوث الزلزال ويجب أن يصاحب ذلك توعية إعلامية للمواطنين بكافئة فئاتهم وتدريب العاملين في المؤسسات المختلفة ومنها وسائل الإعلام في كيفية التصرف أثناء مثل هذه الأزمات والكوارث. ان ادارة الكارثة والاستعداد لها أصبحت من العلوم المتطورة في العالم وتدرس في جامعات مختلفة ومن الجدير بالذكر أن كلية الموارد الطبيعية والبيئة في الجامعة الهاشمية تقوم بتدريس طلبتها مثل هذه المواد في مراحل دراستهم المختلفة وتشارك كذلك في تدريب الجهات المسؤولة سواء في مؤسسات القطاع العام او الخاص والمسؤولة عن أعمال الإغاثة والدفاع المدني في الأردن والدول العربية الشقيقة.

إن لإختيار الموقع أهمية كبيرة في تخفيف مخاطر الزلازل وتصميم مباني مقاومة للهزات الأرضية، لذلك اهتمت علوم هندسة الزلازل بسياسة استخدام الأراضي وخرائط الشدة الزلزالية لكل منطقة، ذلك لأن حجم الضرر الذي يلحق بالأبنية نتيجة تعرضها لضربات الزلازل يعتمد في معظمه على سعة اهتزاز القشرة الأرضية وتسارعها وعلى الصدوع والتشققات الأرضية وحركتها وكذلك على احتمال تميؤ تربة الأساسات في حالة التربة الرملية أو الانزلاقات الأرضية في حالة الأراضي شديدة الانحدار.

وعليه يوصى دوما ألا تقام المنشآت على صدوع جيولوجية، بغض النظر عن مدى نشاطها الزلزالي، إذ يؤدي أدنى تحرك في قشرة الأرض على جانبي الصدوع إلى أضرار ملموسة في المنشآت، وتنفصل أجزاء المنشآت التي تقام على صدوع جيولوجية في بعض الحالات الخاصة بفواصل تسمح لكل جزء من أجزائها المفصولة بالحركة كيفما شاء. وهذا يؤكد مدى اهمية الدراسات الجيولوجية والجيوفيزيائية والجيوتقنية لمواقع المنشات الكبرى قبيل البدء بأعمال الانشاءات.
 
 
عميد كلية الموارد الطبيعية والبيئة/الجامعة الهاشمية


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد