من هو الأردني الذي سماه الحسين بأمين الأمة ؟

mainThumb

12-02-2016 02:18 PM

عمان - السوسنة - تصادف اليوم الجمعة الذكرى الثالثة عشر لرحيل المغفور له  بإذن  الله محمد عودة القرعان الذي ‏غادرنا الى الرفيق الأعلى في الثالث عشرمن شهر شباط من عام 2003 رحمه الله واسكنه فسيح جناته .‏
‏ ‏
غادرنا المغفور له في يوم ماطر كما يحب رحمه الله لإيمانه بقيمة المياه بالنسبة للحياة ولمم تمنع غزارة الامطار احبته ‏وكل من عرفه ليكونوا في وداع أمين الأمة في عصره وهو اللقب الذي اطلقه عليه الملك الراحل الحسين بن طلال ‏طيب الله ثراه لما تميز به من أمانة ونزاهة في حياته واذكر في ذلك اليوم كيف انفعل معالي عمدة العاصمة عقل ‏بلتاجي " ابا الليث " حزنا على رحيله اذ كان من اكثر المعجبين بشخصية المرحوم الذي كان ينظر اليه كل من عرفه ‏بمثابة المثل والقدوة في الانتماء الحقيقي للوطن عملا  لا  قولا وتمثيلا والذي اعتقد ان انشغاله في هموم وتطلعات ‏سكان العاصمة قد انساه تكريم هذه الشخصية التي ندر  مثيلها في عصره  .‏
‏ ‏
‏ ‏
وأبو عودة من مواليد مدينة الطفيلة في العام 1916 عام الثورة العربية الكبرى وكان والده رحمه الله ( عودة القرعان ) ‏من شخصيات الطفيلة المعروفة والذي عمل في العهد العثماني معلما منفردا في قرية صنفحة الى ان صدر قرار ‏تعسفي بنقله من الطفيلة الى اليمن بسبب مواقفه الوطنية المناوئة للأتراك والذي يعتبر نقلا داخليا حيث كانت البلاد ‏العربية ترزخ تحت الحكم العثماني وقد حال دون تنفيذه القرار اندلاع الحرب العالمية الأولى فتحول فيما بعد الى ‏التجارة .‏
‏ ‏
‏ ‏
ترعرع رحمه الله ونشأ في كنف والده المحب للعلم ودرس الابتدائية في الطفيلة التي كانت التدريس فيها حتى الصف ‏السادس وواصل دراسته الثانوية في مدرسة السلط ما مكنه من التعرف على عدد كبير من الشباب الاردني من مختلف ‏مناطق المملكة والذين اصبحوا رجالات الوطن الكبار وانهى دراسته الثانوية في العام 1934 وهنا ُعرف بـ ( ابو ‏عودة ) نسبة لوالده رحمهما الله .‏
‏ ‏
‏ ‏
ثم واصل دراسته في جامعة دمشق حيث درس القانون وتخرج في العام 1937 وحين عاد الى وطنه أقام في عمان ‏وبدأ حياته العملية في مجال المحاماة ثم عين في وزارة المالية حتى العام 1940 لُينقل الى سلك القضاء حتى عام ‏‏1946 لكنه لم يستمر طويلا اذا تم تعينه في دائرة ضريبة الدخل واصبح فيما بعد رئيسا لقسم الضرائب ليبدأ بالتدرج ‏في المهام والمناصب والتي بداها بمنصب وكيل الجمارك التابعة لوزارة المالية منذ عام 1951 وحتى عام 1962 .‏
‏ ‏
‏ ‏
وخلال عمله وكيلا لدائرة الجمارك ( تعادل حاليا منصب مدير عام الجمارك ) زادت معرفة الناس بشخصية ابو عودة ‏الذي تميز بالنزاهة والامانة والانسانية ويروي وزير المالية انذاك ( المرحوم احمد الطراونة ) واحدة من مواقف ابو ‏عودة حيث يقول انه طلب من ابو عودة بأن يتساهل مع المرحوم عاكف الفايز في قضية جمركية وتبين له فيما بعد انه ‏استجاب لطلبه ولكن بصورة لا تصدق اذ قام ابو عودة باستدانة مبلغ من البنك ودفع القيمة الجمركية المطلوبة من ‏الفايز وبذلك ارضى ضميره وارضى صديقه في آن واحد وحين علما الطراونة والفايز بذلك سارع الفايز الى دفع ‏المبلغ الى ابو عودة.‏
‏ ‏
‏ ‏
بعد الجمارك تم تعينه مديرا عاما لمؤسسة الاقراض الزراعي وهو المنصب الذي مكنه من خدمة المزراعين حيث كان ‏يعشق الزراعة ويشعر مع المزارعين فيتبنى قضاياهم ويسعى بكل السبل الى حلها والتخفيف عنهم ومن القصص هنا ‏ان ديون احد كبار المسؤولين وصلت الى نصف مليون دينار وكان هذا المسؤول يتمنع عن التسديد فما كان من ابو ‏عودة الا ان قدم استقالته وحين علم الراحل الملك الحسين تدخل وتم سداد المبلغ ورفض قبول استقالته وقد استمر ‏رحمه الله مديرا عاما للمؤسسة لمدة ثمانية عشر عاما .‏
‏ ‏
‏ ‏
كان رحمه الله يرفض تقاضي مياومات نظير سفره بمهام رسمية خارجية بكون السفرات مغطية من جميع الوجوه ‏ويعيد ما يستحق له الى خزينة الدولة لكن تبقى وهناك قصة انه استحق بدل عمل اضافي عن فترة ترؤسه لجنة ‏تعويضات للمزارعين مقدرها ( 2500 دينار ) وحين ورده التحويل المالي كلف احد الموظفين باعادة المبلغ الى خزينة ‏الدولة. علم الملك الراحل باحواله المالية الصعبة فمد له يد العون غير ان ابو عودة اجاب بتواضع ودماثة ( بوركت ‏سيدي واعزك الله … مستورة والحمد لله … تحياتي إليك على الدوام سيدي ) ما زاد من تقدير واحترام الملك الحسين ‏له فلقبه بأمين الأمة .‏
‏ ‏
‏ ‏
عين عضوا في مجلس الاعيان في العام 1980 ولعدة دورات وقد تميز اثناء عضويته انه الوحيد بين الاعضاء الذي ‏كان ينتقد الحكومة مقدما مقترحات لتصويب قرارات لم يكن مقتنعا بها . وفي الشأن السياسي كان له نشاط سياسي ‏وطني مع مجموعة من الشخصيات الاردنية امثال المرحومين حمد الفرحان ونجيب ارشيدات والشيخ ابراهيم القطان ‏وقد شارك في تاسيس تنظيم سياسي باسم الشباب القومي العربي وانشاء المنتدى العربي واشترك في وقت لاحق مع ‏سليمان النابلسي وعلي مسمار وصلاح طوقان في تأسيس الحزب العربي الاردني وكان من اشد المعارضين للمعاهدة ‏الاردنية البريطانية عام 1946 ومن اصدقائه المقربين جدا الشهيد وصفي التل الذي شكل احدى وزاراته في منزل ابو ‏عودة وقد ُعرض عليها اكثر من مرة حقيبة وزارية لكنه كان يرفض ان يصبح وزيرا
‏ ‏
‏ ‏
تم تكريمه رحمه الله بمنحه وسام النهضة من الدرجة الثانية ووسام الاستقلال من الدرجة الأولى وقد رحل الى الرفيق ‏الاعلى 2003 تاركا ارثاَ خالدا من المجد والسمعة الطيبة والنزاهة والامانة التي  قل نظيرها .‏



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد