ندوة تعرض 5 جمل مفيدة بخطاب الاعتراف الاميركي بالقدس

mainThumb

09-12-2017 08:30 PM

السوسنة - عرض خبير القانون الدولي المحامي الدكتور أنيس فوزي قاسم، تبعات قرار الرئيس الامريكي دونالد ترمب نقل سفارة واشنطن الى القدس المحتلة اقليميا ودوليا، وذلك في ندوة استضافتها نقابة الصحافيين الاردنيين مساء السبت.

 
وبين قاسم أنه من قراءة الخطاب الرئاسي، يمكن رصد 5 جمل مفيدة، وليس بالضرورة صحيحة، الاولى انه آن الاوان للاعتراف رسمياً بالقدس عاصمة لاسرائيل دون ان يحدد ان كان الاعتراف مقصوراً على القدس الغربية ام الشرقية، الاّ انه يمكن الاستنتاج انه يقصد القدس الشرقية، بالاضافة الى الشطر الغربي منها، وذلك بدلالة اشارته الى ان القدس هي قلب الاديان الثلاثة العظيمة، والقدس الغربية لا تضم اي أثر لهذه الديانات، وجميع هذه الاثار محصورة في القدس الشرقية.
 
وقال قاسم أنه لابد وان الرئيس الاميركي كان يدرك ان هيئة الامم المتحدة بكل اجهزتها المتمثلة بالجمعية العامة ومجلس الامن والمجلس الاقتصادي والاجتماعي واليونسكو ومحكمة العدل الدوليه استقر العمل فيها، كما يظهر جلياً بسلسلة قراراتها، بلا استثناء، على اعتبار ان القدس الشرقية أرض محتلة، وان اسرائيل سلطة قائمة بالاحتلال، وملزمة بالمحافظة عليها شعباً واملاكاً وتراثاً ومقدسات.
 
وبين قاسم ان حكومة الولايات المتحدة الاميركية شاركت بصياغة بعض هذه القرارات والتصويت على بعضها والامتناع عن التصويت عن البعض الآخر، بينما كان بامكانها استخدام حق الفيتو، وآخر مثال على ذلك الامتناع صدور القرار 2334 تاريخ 23/12/2016. الا أن المجتمع الدولي استقر – باستثناء اسرائيل- على هذا الوصف القانوني للقدس الشرقية.
 
واشا الى ان السياسة الوطنية الاميركية ظلت ثابتة منذ العدوان الاسرائيلي لعام 1967، على معاملة القدس الشرقية كأرضٍ محتلة وينعكس ذلك في البيانات الرسمية للرؤساء الاميركيين او لوزراء الخارجية او لمندوبيهم في هيئة الامم المتحدة.
 
وتساءل قاسم، فما الذي تغيّر حتى يخرج الرئيس ترمب على هذه السياسة الثابتة والمستقرة منذ خمسة عقود.
 
وقال ان قائمة الاسباب تطول، وتظل في دائرة التخمين والحدس، الاّ انه من المناسب ان نسأل الرئيس الاميركي عن أي قدس يتحدث، لقد اعلنت اسرائيل بمجرد احتلالها المدينة توسيع محيط القدس وأصدرت قانوناً يضم – نتيجه لتطبيقه- 64 كيلو متراً مربعاً انه يعترف ليس بالقدس الشرقية المحتلة فحسب بل يعترف ايضاً بالقدس، كما تمّ توسيعها على حساب اراض محتلة اخرى، ان الاعتراف الاميركي بالقدس هو اعتراف ليس فقط بالقدس كعاصمة، بل انه اعتراف بصلاحية اسرائيل في مدّ نطاق المدينة لكي تقضم مساحات اضافيه من الاراضي الفلسطينيه المحتلة.
 
وقال ان هذا الاعتراف يخل اخلالاً جسيماً بمبدأ من مباديء القانون الدولي وهو عدم جواز اكتساب اراضي الغير بالقوة، وشكل هذا المبدأ الاساس القانوني للقرار "242" الصادر عن مجلس الامن الدولي في الثاني والعشرين من تشرين الثاني العام 1967 ، الذي بدوره اصبح الاساس لحل الصراع العربي الاسرائيلي، اي ان الاعتراف الاميركي سحب الاساس القانوني للقرار الدولي، ويمكن القول ان السلوك الاميركي اصبح يجيز اكتساب الارض بالقوة.
 
وتابع ان الجملة المفيدة الثانية الواردة في خطاب الرئيس فهي قوله انه يعترف بالقدس "كأمر واقع" وكرر القول ان الاعتراف "ليس أقل أو اكثر من "اعتراف بالواقع." وقال انه اذا كان الواقع هو المحرك الرئيسي للاعتراف، لماذا تنسحب إذن دولة من اراضٍ احتلتها في دولة اخرى، وكل ما على دولة الاحتلال ان تطيل احتلالها الى ان يتحول الى "واقع"، وهذه الحيلة رفضها المجتمع الدولي حين اعلن تفكيك الاستعمار والقى العالم بثقله خلف الثوره الجزائرية، كما القى بثقله خلف شعب جنوب افريقيا وظل المجتمع الدولي يعترف ان السيادة على الارض تظل في الشعب الواقع تحت الاحتلال مهما طال الاحتلال، وبالتالي لا يغيّر "الواقع" من وصف الاحتلال بأنه طاريء.
 
واوضح ان ما يفضح زيف هذا القول انه لو اخذنا "الواقع" بالاعتبار، لماذا يتجاهل الرئيس الاميركي "واقع" سكان القدس الشرقية من العرب، الذين تمّ تجريدهم من جنسيتهم وعوملوا معاملة "المقيم" وتهدد املاكهم بالهدم والمصادرة على مدار الساعة، لماذا لم يعترف "بالواقع" من وجود مؤسسات مقدسية عربية تمّ اغلاقها ومصادرتها ومنع فتحها وهي – في الواقع – أسبق عمراً وواقعاً من الاحتلال.
 
وبين قاسم إن القراءة المرعبة لهذا التبرير هو ان الاداره الاميركية ستخرج علينا ذات صباح وتعلن ان المستوطنات اليهودية اصبحت "واقعاً" ولابدّ من الاعتراف بها كواقع وان قبول "واقع" القدس سينتهي الى قبول "واقع المستوطنات"، و"واقع التشريعات العنصرية" و"واقع الاستيلاء" على مياهنا...الخ.
 
واضاف بالقول ان الجملة المفيدة الثالثة، حين اشار الرئيس الى ان "اسرائيل دولة ذات سيادة، ولها الحق، حالها كحال اي دولة اخرى سيادية، ان تحدد عاصمتها" وهذه جملة يعيد تكرارها بنيامين نتنياهو والمنظرون الاسرائيليون وبعض رموز الكونجرس وهذه مقولة مضللة بل وفاسدة وذلك انه يجب ان نتذكر مبدأً هاماً من مباديء القانون الدولي والذي يقول: لكل دولة الحق بتشريع ما تراه مناسباً لها من قوانين، الاّ ان المجتمع الدولي غير ملزم باحترام هذا القانون الوطني اذا كان يخالف القانون الدولي ولا أدلّ على ذلك من ان اسرائيل سنّت في العام 1980 قانوناً يعلن ان القدس عاصمة لها، ولم تحترم اي دولة في العالم هذا القانون لأن الدول ادركت ان ذلك القانون جاء مخالفاً للقانون الدولي، فاسرائيل، شأنها شأن اي دولة اخرى، ليست طليقة اليد في تحديد عاصمتها او تحديد حدودها او تنظيم قوانينها، بل مقيدة بمعايير القانون الدولي، ومن هنا دان المجتمع الدولي قانونها الوطني عندما اعلنت ان القدس عاصمتها ولم تنقل اي دولة سفارتها الى القدس وذلك ادراكاً منها ان القدس تقام على ارض محتلة ولا تملك اسرائيل حق الاستيلاء عليها.
 
وبين قاسم انه من المهم ان نستذكر ان مجلس الامن الدولي حين اصدر قراره رقم 478 في العشرين من آب عام 1980 والذي اعلن فيه بطلان القانون الاسرائيلي باعلان القدس عاصمة لها، امتنعت الولايات المتحدة عن التصويت وكان بامكانها استخدام حق الفيتو لابطال القرار لو كانت تشعر أن التشريع الاسرائيلي منسجم مع مباديء القانون الدولي.
 
وقال اما الجملة المفيدة الرابعة فهي حين اشار الرئيس الى اعتراف اميركا باسرائيل قبل سبعين عاماً تحت قيادة الرئيس ترومان "ومنذ ذلك الحين، جعلت اسرائيل عاصمتها بمدينة القدس عاصمة الشعب اليهودي التي انشئت في العصور القديمة" وهنا يلجأ الرئيس الاميركي الى خلط السياسة بالاسطورة الدينية، فهو لم يخالف بقراره القانون الدولي وقوانين حقوق الانسان فحسب، بل انه يتجاوز ذلك الى الحديث في مسائل دينية في الوقت الذي يمنعه الدستور الاميركي من ذلك ونذكر ان الرئيس ترومان شطب بقلمه وخط يده كلمة "يهودية" من وثيقة الاعتراف باسرائيل ووضع بدلاً منها "اسرائيل" حيث كان يدرك انه ممنوع عليه الدخول في تلك المتاهة.
 
واشار الى ان الرئيس الاميركي ربما تجاهل الموقف الرسمي للحكومة الاميركية من انها لا تعترف بـ "الشعب اليهودي" كمفهوم من مفاهيم القانون الدولي، وهناك وثيقة رسمية صادرة عن وزارة الخارجيه تؤكد ذلك.
 
اما الجمله المفيدة الخامسة الواردة بخطاب الرئيس فهي قوله ان "قراري هذا لا يعكس بأي شكل من الاشكال خروجنا عن التزامنا بتسيير التوصل الى اتفاق سلام دائم" وهذه الجملة هي أشدّ ما ورد في خطاب الرئيس رياءً وفساداً، فهو يسحب اكثر قضية حساسة وأشدها التهاباً واشتعالاً في النزاع العربي- الاسرائيلي من طاولة المفاوضات ويسلمها لاسرائيل ويمنحها حق السيادة عليها ثم يتحدث عن التزامه بالتوصل الى اتفاق سلام.
 
وتساءل الخبير بالقانون الدولي: الا يذكرنا هذا القول بموقف ذلك اليوناني الذي اراد حرق مكتبة اثينا لكي يخلد اسمه في التاريخ.


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد