فيلم المصير وجدلية الحكومة والمعارضة بعد مسيرة الاثنين

mainThumb

14-12-2009 12:00 AM

-1-
لا اذكر التاريخ جيدا ..... لكن على ما يبدو في اواسط التسعينات من القرن الماضي عندما دعوت الفريق عبد الرحمن سر الختم و اسرته الصغيرة المكونة من زوجه " سمحه" الطوية وابنه مفعمة " بالحيوية" وابن مترع "بالتمرد" .... دعوتهم بعفوية ساطعة جعلت من الرجل الرزين الهادئ ان يوافق على الفور ... لم ابال بمكانة الرجل الذي كان وزيرا للدفاع آنذاك ان يحضر فليما سينمائيا في احد دور السينما الراقية في عمان او فلنقل بالاحرى انني كنت جريئا وعفويا ومأخوذا بما قرأت في الصحف والمجالات عن فيلم " المصير " للراحل المخرج يوسف شاهين وتمثيل المبدع نور الشريف .
لم يخذلني الجنرال ولبى الدعوة وخرجنا بانطباع مثل هذه الأفلام يمكن ان تعرض على مجلس الوزراء حيث تدور قصته عن الفيلسوف ( ابن رشد ) و علاقة الكاتب بالسلطة .... أو بالأحرى جدلية المعارضة بالسلطة ... ذلك زمن ... والان زمن اخر ... واذا ادركنا تصريحات د. حسن الترابي التي بثتها اذاعة ( البي بي سي ) في اثناء سطوة التصريحات بعد ( مسيرة الاثنين ) وما اعقبها من توترات يدرك ـ تماما ـ ان السلطة التنفيذية من رجال شرطة قاموا بواجبهم ... حيث ذكر د. حسن الترابي ... ان المسيرات قد تفضي الى فوضى في بلد به تعقيدات سياسية جهوية واثنيه كبرى ... هذا التصريح اغفله العديد من المراقبين واكتفوا بتخرصات المعارضين الذين لا يجدون سوى تصيّد نقطة او أخرى هزيلة تنتقد الحكومة في شأن الحريات وقوانين التحول الديمقراطي !!!
-2-
يدرك الجميع ان الحرية اغلى ما يملكه الإنسان ... وهذا ليس شعارا نخبويا ولا منحة من احد على احد انما استحقاقا من مطلوبات الحياة الهامة والحيوية .... حيث يرى بعض المراقبين للشأن السوداني ان مساحات الحرية قد اتسعت كثيرا منذ عام 1989م والى الآن حيث أحدثت اتفاقية السلام اختراقا واسعا في مسائل الحريات التي كانت تمضي بخطى حثيثة نحو الافضل مقارنة بمساحات الحرية في كل المنطقة تقريبا واذا تجاوزنا المقارنات نجد ان مسيرة الاثنين قد عرفت الجميع الاعتقال في سجون النظام السوداني الذي يمكّن معارضيه من حمل الاجهزة الخلوية النقالة ويشتموا الحكومة كيفما اتفق مما يعكس شكل متقدم من اشكال الحرية وعدم التعنت.
المرء يفضل تماما فضاءات رحبه للحرية ولكن لا توجد حريات مطلقة في اعتى الأنظمة الديمقراطية حيث كل النصوص الدستورية مرتبطة بما يحكمة القانون واللوائح المنظمة
والغريب ان يشاهد العالم كله وزراء في الحكومة يشاركون في مسيرات تحاصر البرلمان للضغط عليه لاجازة قوانين بينما ثلث اعضاء هذا البرلمان من حزب الوزراء الذين خرجوا في التظاهرة و يقاطعون البرلمان لهوى أزلي في لعب دور المعارضة رغم ان لهم مسؤوليات تاريخية في التحول الديمقراطي كما يزعمون !!!
أية مسرحية تلك التي تشاهد !!!!
الجهد الذي ينبغي فعله ان ينخرط النواب وفق خارطة الطريق لاتفاقية نيفاشا بأنصبتها المعلنة ليجيزوا قوانين لما اصطلح عليه قوانين التحول الديمقراطي ... وما تبقى من نقص في القوانين التي مررت بالاغلبية يتم بالجهاد المدني عبر التغيير الديمقراطي الذي قرب اجله بالانتخابات !!!
هذا الفعل الملح للأحزاب الان لتفعيل جماهيرها للمعركة الاننتخابية وحراستها لتحقيق النزاهة والحيدة وتأتي بالذي يختاره الشعب طواعيه !!!!

-3-
لم نسمع مطلقا بمعارضة خالية من النقد اللاذع للحكومة بتزويرها للانتخابات او التلاعب في نتائجها ... ولم نجد أيضا حكومة قد ساهمت بشكل فاعل لإخراج الانتخابات بشكل جيد و بشكل نزيه ... هذه لعبة قديمة مثل ( القط والفأر ) التي يجب تجاوزها بحوار تشارك فيه كل الفعاليات الحزبية ومنظمات المجتمع لتستقر الاوضاع بالممارسة الحقيقية التي تزكي المشروع السياسي عبر سنوات قادمة ... ومثلما خلت السجون السودانية من المعتقلين السياسيين ومثلما توقفت الحرب تماما بمآسيها الفظيعة ... وتبقى الان معاناة مخاض السلام في اللغة والسلوك واختلال الامل في الغد الزاهر الذي يلازم المشهد السياسي فترة من الزمان ... فان مسيرة الاثنين قد طرحت تساؤلات فلسفية مثل الازمة بين الكاتب والسلطة ... وبروز تيارات داخل الحركة الشعبية تشجع ابتكار المؤتمر الوطني لأساليب أساسها الحكمة والفاعلية والسرعة قبل ان يفقد كروتا أخرى بيده !!!!
المراقب المشفق على حالة السودان لا بد أن يتناول حبوبا مهدئة حتى يستقيم اما الذين يعانون من امراض مزمنة مثل الضغط والسكري عليهم اعتزال رؤية الملعب السوداني مراعاة لظروفهم الصحية !!!!!
Adel7omer@hotmail.com
 
* كاتـب سوداني .
 


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد