المطرقة لا تجدي دوما

mainThumb

16-02-2008 12:00 AM

الوضع في سديروت وفي محيطها لا يطاق ، ويبدو أنه لا خلاف في ذلك ، فمواطنون أبرياء يسعون الى العيش بطمأنينة على حياتهم ، يتعرضون منذ سنوات لهجمات ارهابية ، أما ان نقول ما العمل؟ فهذا أكثر تعقيدا.

الرد الاسرائيلي على كل مشكلة فلسطينية هو رفع مستوى العنف ، و"الخبراء" يتدفقون الى البرامج الحوارية ويقترحون قصف ، محو ، تفجير ، تصفية ، واعطاء الجيش الفرصة للنصر ، فالمشكلة هي أنه ليست كل المشاكل - مهما كانت مزعجة - قابلة للحل بوساطة العنف ، وليس دوما الجيش الاسرائيلي ، حتى عندما يمنح الفرصة وكل الاضواء الخضراء ، ينتصر ، وهذا لا يرتبط فقط بجودة القيادة والخبرة في استخدام الاسلحة ، فهناك مشاكل ببساطة لا تحل بالمطرقة ، فوجع الرأس العضال لا يحل بواسطة ضربات على الجمجمة.

اسرائيل تعاني من جمود فكري ، والتعزيزات التي يحاولون خلقها لدى السكان الفلسطينيين هي دوما سلبية ، فلسنوات ونحن نستخدم عقيدة النهج غير المباشر لباراك: ضغط كثيف على السكان سيدفعهم لان يمنعوا الارهابيين من المس بنا ، وهذه العقيدة تجبي ثمنا باهظا من المدنيين الابرياء ، والاسوأ من ذلك ، فان التجربة تفيد بانه: ببساطة هذا النهج غير ناجح.

التاريخ يفيد بأن ما لم تفعله مئات سنوات القمع البريطاني الوحشي في ايرلندة فعله عقدان من الازدهار الاقتصادي ، والارهاب الايرلندي اختفى ليس بسبب القبضة الحديدية البريطانية ، اختفى لان الايرلنديين ملوا من الارهابيين ، وعندما تكون الاعمال جيدة ، فانك لا ترغب في أن تعرضها للخطر ، وعندما تكون المدارس تؤدي عملها ، فان الفتيان لا يتجولون بحثا عن المشاكل بل يتعلمون ، وعندما تجري مفاوضات جدية ، فان الاغلبية تبقي المتطرفين جانبا.

للوهلة الاولى تقترح اسرائيل جزرات لابو مازن ، ولكن الجزرات البائسة جدا هذه لا تصل الى السكان الذين يشكلون بيئة للارهاب ويدعمونه ، والاموال التي تنقل الى منظمة التحرير الفلسطينية تختفي بطرق غريبة في حسابات بنوك اسرائيلية او سويسرية وتحسن حياة النخبة الفاسدة التي طورناها في الضفة ، اما الفلسطيني البائس والتعب ، الذي يحاول أن يعيش حياته في ظروف متعذرة ، فلا يعرفنا سوى من الجانب غير الصحيح من بؤرة الاستهداف.

اسرائيل لا ينبغي لها أن تتخلى عن استخدام القوة ، واحيانا لا مفر ولا منطق في الامتناع عن العنف ، احيانا ليس اخلاقيا الامتناع عن العنف ، فدولة تنازلت مسبقا عن حقها في استخدام القوة للدفاع عن مواطنيها هي دولة عاجزة ، وكذلك دولة القوة ايضا هي الجواب الوحيد لديها على كل مشكلة هي ايضا دولة عاجزة.

"ليس بالقوة" ، كانت امي توبخني عندما كنت أحاول ان أفتح بالعنف علبة منيعة ، "بالعقل" ، ولكن من أجل اعمال العقل فقط يحتاج الامر الى رؤية شاملة ، يحتاج الى الصبر ، يحتاج الى الاستعداد للتعلم من الاخطاء ويحتاج الى التخطيط للمدى البعيد.

أنا أنصت للاصوات التي تنطلق هذه الايام في الساحة العامة ، واصاب بالصدمة ليس فقط لمجرد الدعوة التقليدية لرفع سقف العنف ، بل من سطحية النقاش ، من الجمود الفكري ، من الرفض لتعلم أي شيء من تجربتنا الاخيرة في استخدام المطرقة في المكان الذي نحتاج فيه الى تفعيل حكيم لمشرط الجراح ، للادوية وللعلاج الطبيعي.

لم توجد القوة للتفكير بشكل معقد؟ ، لماذا لا نستخدم العقل عندما يمكن العمل من البطن؟ ، هيا ندعو مرة اخرى الفيل لندخله للمرة التي لا ندري كم عددها الى حانوت الفخار المحلي ، نكرر الامر ، فهذا لن ينجح حقا ، ولكن في الدقائق الخمس الاولى ، الى أن يستقر الغبار ويتضح مدى الخراب ، سنعيش جميعنا احساسا ممتازا ، فقد سمحنا للجيش بان ينتصر.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد