يوم تهاوت الحدود

mainThumb

27-01-2008 12:00 AM

توقف لحظة. افرك عينيك جيداً. تأكد انك لست في حلم, وان الذي يتهاوى امامك هو ذلك القاهر الاعظم المسمى "الحدود", وان المحاصرين بالبرد والجوع ينطلقون امامك احراراً مندفعين لا تنتظرهم العصي, ولا تفرق جموعهم قنابل الغاز.

تأكد من سلامة سمعك. أهو هاتف في الحلم ام تصريح رسمي: "مصر لن تشارك في تجويع غزة. والحدود المصرية ستظل مفتوحة امام الغزيين".

الليل البارد دبت فيه الحرارة. اعبر يا اخي المحاصر فلدي لك خبز ودفء ودواء. وكما في الحلم, ترى حرساً لا يضايقونك, وابوابا لا تغلق بوجهك, ومدناً لا تسألك بارتياب: من أنت?

يحق لك ان تندهش وتستغرب فهذه مشاهد لم تألفها وكلمات غريبة على دنيا القطيعة و"التطنيش" التي ولدت فيها وترعرعت. ويحق لك ان تشك بحواسك قبل ان تشك بالآخرين يا ابن الحصارات والعقوبات والمعازل يقررها الاعداء والخصوم وينفذها الاخوان والاشقاء. وانى لك ان تصدق ان في الجسد العربي الهامد اوردة لم تتقطع بعد وحبالاً سرية ما تزال قادرة على نقل النسغ ما بين جزء وآخر.

حتى المراسلون الذين يصنعون القناعات ويغذوننا بالفهم الجاهز اساؤوا فهم المشهد وسموه اقتحاما. لم يفهموا, كما لم تفهم أنت, ان ما جرى عبر معبر رفح كان ابعد ما يكون عن الاقتحام. كان وصلاً ولقاء وفيض مروءة واخاء. كان تذكيرا بأخوة الدم لمن زين له ان يتجاهل او ينسى.

يوم ويومان وثلاثة, وذهب الظمأ وابتلت العروق, ومسحت مدن مصر عن جباه ابناء غزة التعب والغضب, فاستحموا بحنانها وتدفأوا بترحابها واستقوا من لبنها وعسلها, وغادر من غادر وعاد ثانية من عاد وانتشر في الجو عبق التضامن.

يومان وثلاثة ويوم قادم بالتأكيد تعود فيه الحدود حدوداً والجمارك جمارك. لكن الذين عايشوا هذه الايام المشهودة عادوا بقبس من ضياء أكيد وخبأوا في اعماق القلب والذاكرة شاهدهم الذي رأى أرضاً عربية تتصل بأرض عربية, وحدوداً تتراجع عن طيب خاطر, وحلماً مشى حياً بينهم... ولو لأيام.0



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد