ساق العرب الخشبية

mainThumb

01-06-2008 12:00 AM

منذ عشرات السنين انتقد الروائي والكاتب الفلسطيني الشهيد غسان كنفاني وجود ساق خشبية عربية عندما يتعلق الأمر ببنى التصنيع التحتية والاستقلال العسكري والكفاءة الادارية والانتاج الثقافي والفكري وقوة الجامعات في حين امتلك العرب ساقا فولاذية عندما يتعلق الامر بوسائل الترفيه والحركة الفنية الغنائية والسينمائية وحتى الشعرية والروائية. وعلى صفحات جريدة «السفير» حذر كنفاني من الكارثة المرتبطة بهذه العقلية واستهتار البعض بأهمية وجود ساقين فولاذيتين شبيهتين بالساقين اللتين بدأتا في النمو على أرض فلسطين لكيان عرف كيف يستثمر امكاناته وتحالفاته ليوقع بعد اشهر قليلة من مقال غسان كنفاني أكبر نكبة في تاريخ العرب المعاصر اصطلح على تسميتها بالنكسة.
أربعون عاما مضت على النكسة وستون على النكبة وما زالت ساقنا الخشبية هي ذات الساق بل حطمت جميع محاولات تدعيم تلك الساق بدعائم فولاذية في حين استمر السوس ينخر الساق التي من المفترض انها تحمل مستقبلنا ومشروعنا الحضاري بل اصبح لدينا هم آخر وهو المحافظة على ارادة بناء الساق ووجودها أصلا بعد ان اصبحنا في زمن الدعوة الى بترها والاعتماد على السيقان المستوردة واتهام كل من اعترض بالمغامرة والعبثية والقومجية والصدامية. ساقنا الفولاذية الاخرى ما زالت بخير بل دعمت وتطاولت من خلال برامج مرسومة واستراتيجيات تتبعها مختلف الفضائيات ورأس المال المرتبط بها واصبح بامكان كل راقصة وكل مهرج وكل نصاب ان يدير فضائية وبقي السؤال الذي طرحه غسان منذ اربعين عاما حاضرا.
نعم لا مشكلة في الترفيه وفي وجود ساق فنية فولاذية ولكن ماذا عن الساق الاخرى هل ستبقى خشبية وهل نريد ان نظل معتمدين للابد على تكنولوجيا جاهزة تصدر لنا من الهند واليابان والولايات المتحدة وفرنسا ألا يراود أحد منا حلم انشاء شركة الكترونيات عربية عملاقة تنافس ما في العالم أو نواة لها؟ ألا ننزعج من الارقام المليارية التي تترافق مع كل صفقة سلاح عربي لا يستخدم؟ ألا نغار من كوريا الشمالية والجنوبية اللتين استقلتا حديثا مثل باقي الدول العربية وتقدمتا تكنولوجياً؟ والأهم من كل ذلك هل يوجد تصور دقيق في أية دولة عربية لمستقبل أمنها واستقلالها الذاتيين وهل يعرف احد ان يتصور على الاقل دورنا في اقتصاد العالم ووجودنا بعد ان حطم ارتفاع اسعار النفط والغذاء احلام عشرات ملايين العرب.
" عن الوفاق الايرانية "


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد