الشهور المفخخة

mainThumb

06-06-2008 12:00 AM

هل اصيبت إدارة الرئيس جورج بوش بالسكتة الانتخابية؟ وهل كانت الخيبة التي ولدتها جولته الأخيرة في الشرق الأوسط بمثابة الإعلان عن بدء هذه الغيبوبة؟ وهل تستطيع دولة عظمى تخوض حربين في أفغانستان والعراق ان تستسلم لحال من افتقاد المبادرة قد تتحول نوعاً من الشلل؟ وماذا يفعل خصوم الولايات المتحدة في هذه الفترة؟
قبل شهرين أسدى الي مسؤول عربي نصيحة جاء فيها: "لو كنت صحافياً مكانك لراقبت في الفترة المقبلة التطورات في بلدين هما العراق ولبنان". سألته أن يوضح أكثر فاكتفى بالقول: "الانتخابات الأميركية تقترب وأنا أتوقع فصلين ساخنين، واحد في لبنان وآخر في العراق". لا أريد القول انني لم آخذ كلام المسؤول على محمل الجد. فأنا اعرف قدرته على التحدث الى كثيرين في المنطقة وخارجها وعلى الحصول على المعلومات التي تنتقل بقنوات متعددة. لكنني ادرجت الكلام في باب التكهنات.

قبل أيام شاءت الصدفة هذه المرة ان التقي المسؤول نفسه. استقبلني بابتسامة من أكدت الأحداث معلوماته. قال: "بكر الصيف الساخن في لبنان ولا بد من قراءة المعاني الاقليمية لما حدث. المعاني الاقليمية أهم من الشق الداخلي وبنود اتفاق الدوحة. يمكن القول ان الدور الايراني في لبنان دخل مرحلة جديدة. في العراق سارت الأحداث في اتجاه مختلف. قامت الحكومة بما يمكن تسميته ضربة استباقية ضد تيار مقتدى الصدر الذي كان يخطط لوضع الجميع أمام أمر واقع جديد على الأرض".

قال المتحدث إن الشهور المقبلة مفخخة بامتياز. دول تشعر بالقلق من عدم قدرة الولايات المتحدة على احتواء الأحداث. آمال معسكر الاعتدال بإنجاز على طريق قيام الدولة الفلسطينية قبل نهاية السنة الجارية منيت بانتكاسة. التطورات اللبنانية الأخيرة أوحت ان معسكر الممانعة لا يزال يملك أوراقاً هجومية في المنطقة. وأمام الوضع الأميركي هناك من يحاول الاحتماء من هذه الشهور الصعبة وهناك من قد يحاول الافادة منها الى اقصى حد.

لم يستبعد المتحدث ان تعاود الرياح الساخنة هبوبها في العراق في الشهور المقبلة. المعاهدة الأميركية - العراقية ليست خبراً ساراً لإيران. المعاهدة ستعني في حال توقيعها حرمان إيران من فراغ كبير على الساحة العراقية تعتبر انها الأقدر على ملئه. استمرار الوجود العسكري الأميركي سيرسم حدوداً للهجوم الإيراني داخل العراق نفسه. قد تختار طهران ممارسة سياسة حافة الهاوية. وضع الإدارة الأميركية الجديدة أمام خيار التفاوض معها وبشروطها. اما محاولة ارغام الأميركيين على الانسحاب السريع والمذل فستكون أمراً خطيراً للعراق والمنطقة. يجب ألا ينسى أحد أن بوش يبقى قادراً على تحريك القوات حتى اللحظة الأخيرة من وجوده في المكتب البيضاوي.

لاحظ المتحدث غياب التطابق بين إيران وسورية في العراق ولبنان وملف السلام. يتحدث الرئيس محمود احمدي نجاد عن زوال اسرائيل واقتلاع "الورم الخبيث". في المقابل اعتمدت سورية القناة التركية لإنعاش المفاوضات مع اسرائيل. أكدت في الوقت نفسه أن أي مفاوضات مباشرة لاحقاً تحتاج الى راع لا يمكن ان يكون غير الولايات المتحدة. سهلت سورية في الوقت نفسه انتخاب العماد ميشال سليمان رئيسا للبنان. بدا واضحاً أن دمشق ترسل اشارات للاحتماء مما تبقى من عهد بوش وترسل اشارات لفتح باب الحوار مع خلفه. ربما كانت تدرك انها تحتاج الى ما يساعدها على مقاومة الضغوط الدولية المحتملة في موضوع المحكمة الدولية وفي ملف "المفاعل" الذي قصفته اسرائيل. يضاف الى ذلك ان لسورية في العراق ولبنان حسابات لا تتطابق بالضرورة مع الحسابات الإيرانية.

لا بد من الالتفات ايضا الى ما يمكن ان تقدم عليه اسرائيل في فترة السكتة الانتخابية الأميركية وتسابق المرشحين على كسب ودها وتأييدها. يمكن الالتفات هنا الى الوضع في غزة. لا بد أيضاً من التساؤل عما إذا كانت اسرائيل تعتبر القنبلة الايرانية وشيكة وتمثل تهديداً وجودياً.

انها شهور مفخخة فعًلا. يلزم الكثير من التعقل لعبورها. هل يملك اللبنانيون الحصافة الكافية؟ وماذا عن الفلسطينيين؟ يجدر بالطرفين عدم تناسي وجود لاعب اسمه "القاعدة".

*نقلاً عن صحيفة "الحياة" اللندنية



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد