عفيا عليك يا دبي

mainThumb

02-06-2008 12:00 AM

نحن السعوديون لدينا شيء لا أعرف اذا كان أحد في العالم يشاركنا فيه ،فمنذ ولدت وأنا أشاهد الاحتشام والعباءة والطرحة والغطوة للمرأة داخل السعودية، والثوب والشماغ والعقال للرجل .

لكن بمجرد أن نركب الطائرة الى أي بلد في العالم ،الرجل يستبدل الثوب بالبدلة والكرافتة والمرأة تطبق العباءة وتدسها في حقيبتها ولا تراها مرة أخرى الا على طائرة العودة الى الوطن .

المرأة الاماراتية لا تخلع عباءتها في السفر والكويتية أيضا ليس لديها هذه الازدواجية فما ترتديه في الكويت سترتديه في الخارج ،وحدنا السعوديات نمارس هذه الازدواجية التي اعتدنا عليها ونمارسها بتلقائية دون أن تدهشنا .

طبيب انجليزي يحكي عن قصة رحلته على الطائرة السعودية للمرة الأولى من مطار هيثرو الى مطار الملك خالد في الرياض ،يقول :"ركبت الطائرة وأنا محاصر بمجموعة من الحسناوات اللواتي يرتدين الجينز ويفردن شعورهن ويضعن المكياج ،ركبت الطائرة وبمجرد اقلاعها نمت ولم أستيقظ الا على صوت المضيفة وهي تخبرني أننا وصلنا الى الرياض لأتلفت حولي وأجد أن كل أشجار الميلاد التي كنت محاصر بها وقد تحولت الى كتل سوداء لا ترى منها شيئا "

هذه دهشة رجل غريب رآنا بعينه الجديدة بينما نحن اعتدنا على هذا ونمارسه بشكل طبيعي،فلدينا مقاييس لما هو متوقع منا في البيكاديللي في لندن والشانزيليزيه في باريس والذي يختلف تماما عما هو متوقع منا في شارع التحلية في الرياض ،مقاييس واضحة يكاد يتفق عليها الجميع .

لكن تأتي دبي وتحيرنا وتربك هذه المقاييس التي تعارفنا عليها .
كثير منا يقول أحتار في دبي ،ماذا أرتدي ؟كيف أتصرف ؟هل أعاملها معاملة بلد خليجي وأرتدي الزي الخليجي ؟هل أرتدي ما أرتديه في لندن وباريس فهي مدينة عالمية وتضم كل الجنسيات ؟لكننا لا ننسى أنها بلد خليجي ويلتزم أهلها بالزي الخليجي ؟

نلوم دبي ونتهمها بغياب الهوية وغرابة الأطوار ،لكن العلة الحقيقية فينا نحن ،فدبي تقول لك :كن نفسك وأنا أتقبلك كما أنت ،وسأوفر لك ما تريد ،المسجد والبار والفنادق الخاصة بالنساء ودور السينما والشواطئ الخاصة بالنساء والمراقص وحتى سيارات الأجرة التي تقودها سيدات .

دبي وضعتنا في مواجهة مع ازدواجيتنا لنحاول من خلالها أن نعرف من نحن وماذا نريد ؟

*********

في دبي قرأت اعلانا في صحيفة ينشر رقما للطوارئ للتبليغ الفوري عن ...هل تعرفون عن ماذا؟
ليس عن ارهابيين هاربين وينوون تدمير البلد على رؤوس أهلها ،وليس عن قنابل مزروعة تستهدف النائب الفلاني من التيار الآخر، وليس عن سيارة مفخخة،وليس عن بقية أنواع القلق التي نعاني منها في عالمنا العربي ...
الرقم المنشور هو للتبليغ الفوري عن أي اشارة مرور معطلة أو رصيف مكسور أو قمامة لم يتم تنظيفها؟ أحببت دبي أم لم تحبها، اقتنعت بفكرتها أم لم تقتنع لا تستطيع أن تمنع نفسك من القول: عفيا عليك يا دبي.

 "العربية.نت"




تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد