معاهدة تثير شكوكا كبيرة حول استقلالنا

mainThumb

21-06-2008 12:00 AM

في العام 1930 ، وقعت المعاهدة العراقية - البريطانية كمقدمة لحصول العراق على الاستقلال الكامل. وكانت بريطانيا قد احتلت العراق بعد هزيمة الاتراك في الحرب العالمية الأولى ، ومنحها حق الانتداب على البلد. المعاهدة أعطت بريطانيا امتيازات عسكرية واقتصادية في العراق مقابل وعد من بريطانيا بالعمل على إنهاء الانتداب. وقد صادق على تلك المعاهدة برلمان عراقي سهل الانقياد ، لكن الوطنيين رفضوها بشدة. وقد سممت تبعية العراق لبريطانيا السياسات العراقية على مدى ربع قرن. وحفل المشهد العراقي بأعمال الشغب ، والاضطرابات المدنية ، والانتفاضات ، والانقلابات العسكرية ، التي حركتها ، والى حد بعيد ، الخلافات المرة حول المعاهدة مع بريطانيا.

حاليا ، يواجه العراق تكرارا لتلك المعاهدة ، لكن هذه المرة مع الولايات المتحدة الأميركية ، بدلا من بريطانيا ، كشريك أجنبي مسيطر. وتضغط الولايات المتحدة لابرام "تحالف استراتيجي" مع العراق ، جزئيا ، كشرط مسبق لدعم شطب العراق من الوضع الحالي باعتبارها دولة خاضعة للعقوبات بموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة. وهو معاهدة لكن تحت أي مسمى آخر. والهدف من صياغتها كتحالف هو ، جزئيا ، التعتيم على معناها.

ورغم أنه لم يجر تداول مسودة المشروع خارج الدوائر الرسمية ، فإن ما تسرب منها يدق جرس انذار خطير حول معناها بعيد المدى على سيادة العراق واستقلاله. شروط التحالف مع العراق ستزين ، بالطبع ، بوعود بتقديم المساعدات العسكرية والاقتصادية ، لكنهذه المساعدات لن تختلف في جوهرها عن التعهدات التي فرضتها قيود المعاهدة الكارثية السابقة للعراق.

حددت ادارة بوش 31 تموز المقبل كموعد نهائي لتوقيع الاتفاقية. وبموجب الخطة الحالية ، فإن مسودة الاتفاق ستعرض أمام البرلمان العراقي للمصادقة عليها. إلا أن البرلمان يخضع للاحزاب السياسية التي تسيطر على الائتلاف الحالي ، ومن المستبعد أن يكون هناك أي حوار جدي حول هذه المسألة.

فالمرجعية الدينية الشيعية في النجف ، خاصة آية الله السيستاني ، لم تعارض الاتفاقية صراحة ، رغم أن الناطقين باسمه حددوا إشارات يجب أن تحترم في المفاوضات. وربما تكون المرجعية الدينية في النجف هي الجهة الوحيدة الباقية القادرة على منع الاتفاق. لكن من غير الواضح ما اذا كانت القيادة السياسية أو الدينية مستعدة لمواجهة الرئيس الاميركي بوش ، الذي يتطلع الى ما سيقوله التاريخ عنه ، ويسعى لانقاذ حملته على العراق بالادعاء بأن العراق بات آمنا الآن وصار حليفا وفيا لأميركا في الشرق الأوسط.

الآن فقط استيقظ العراقيون على حقيقة أن العراق قد يوقع على معاهدة أمنية طويلة الأمد مع الولايات المتحدة ، كثمن للحصول على سيادته الكاملة. ولهذا ، يتعين على العراقيين معرفة تفاصيل هذه المعاهدة ومضامينها بصورة كاملة. وومعرفة كيف يمكن لهذه المعاهدة أن تقيد حرية العراق في اختيار شركائه التجاريين ، والعسكريين ، والسياسيين؟ وهل سيفرض توقيع المعاهدة على العراق دعم جميع السياسات الاميركية في الشرق الأوسط ، سواء في السر أو العلن؟

هذه أسئلة ذات طبيعة بالغة الأهمية لا يمكن التغاضي عنها ، خاصة مع حديث الحكومة العراقية المتكرر عن "حماية المصالح العراقية". إن معاهدة لها هذه الأهمية غير العادية بالنسبة للعراق لا يمكن فرض قبولها إلا بعد ما لا يقل عن بضعة أسابيع من النقاش. وبعكس ذلك ، فإن التحالف الاستراتيجي المقترح سيكون على الأغلب عنصر انقسام في السياسات العراقية. وسيكون لها التأثيرات الكارثية نفسها التي كانت للمعاهدة مع بريطانيا قبل حوالي ثمانين عاما.

- وزير المالية العراقي السابق

// "الاندبندنت"//



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد