الكتاب المقدس "إدارة التوحش"

mainThumb

28-06-2008 12:00 AM

على قدر ما هو مفرح القبض على 520 إرهابيا ، على قدر ما هو أمر مخيف أيضا ، فمن جهة كان يمكن لهؤلاء أن يزيدوا معاناة المجتمع المتورط في الغلاء ، فيحولوها لكارثة ، لو نجحوا في مخططاتهم التي يحددها لهم كتابهم المقدس "إدارة التوحش" للمؤلف المجهول "أبي بكر ناجي" ، وهي ضرب اقتصاد البلد .

من جهة أخرى مخيف ، لأنه يجعلك تتساءل كيف يمكن لمثل هذا الكتاب أن يصبح مقدسا لدى فئة للأسف لا توجد دراسة تحدد نسبتهم ؟
كتاب يعتمد القتل والتدمير ويرى أن مهمة المسلم هي أن يخوض الحروب دون أن يعتمد على الزمن أو الجغرافيا ، أي يجاهد طوال حياته وبلا توقف إلى أن يفنى غير المسلمين ، مع ملاحظة أن المسلمين هم أصحاب هذا المذهب فقط ؟
كتاب يعتمد على التدمير ، تدمير كل شيء ، من أجل تحقيق الهدف الأسمى وهو أن يدخل جميع من في الأرض الإسلام رغما عنهم ، ومن لا يدخل فدمه وماله ونساؤه مباحون لهذه الفئة من باب أنهم غنائم .

كتاب يشوه الإسلام ، ويقدمه على أنه عدواني وبلا مبادئ ، فهو أي الكتاب وهو يقدم صراعه مع الآخر ، كحكومة عربية مصر ، يطالب من أفراده في مثل هذا الصراع ، بأن يخطف رهائن لأي أفراد في سفارة مصرية ، ثم يفاوضون الحكومة من أجل فك إخوتهم الأسرى ، وإن لم تستجب الحكومة ، فعليهم قتل هؤلاء الأبرياء ، ولكن ليس بطريقة عادية ، بل بطريقة مرعبة ومخيفة ترهب ليس الحكومة بل والشعب معها ، من باب إرهاب عدوهم الذي هو عدو الله أيضا.

كتاب قائم على التدمير أولا ، تدمير كل شيء من خلال خطة على ثلاث مراحل الأولى "شوكة النكاية والإنهاك" ، وهي تعتمد على قتل/اغتيال من يخالفهم في الرأي ؛ كقتل أحد الكتاب كأضعف الجهاد ، إلى أن يصل لتدمير كل مؤسسات الدولة ، فالدولة أو الوطن بالنسبة لهم وكما يقول الكتاب "لا بد من التنبيه على ضلال دعوة بعض قادة الحركات المهترئة ـ (ويعني بالحركات الإسلامية كحماس والإخوان والبشير) ـ بوجوب الحفاظ على النسيج الوطني أو اللحمة الوطنية أو الوحدة الوطنية ، فعلاوة على أن هذا القول فيه شبهة الوطنية الكافرة ، إلا أنه يدل على أنهم لم يفهموا قط الطريقة السننية لسقوط الحضارات وبنائها" .
وبعد تدمير كل ما هو مؤسساتي ، تأتي المرحلة الثانية "إدارة التوحش" ، وهي تحول المجتمع إلى غابة ، فيتمنى عقلاء المجتمع أن يأتي من يدير أمور هذا المجتمع ، فيتقدم رجال هذه الفئة ليلعبوا هذا الدور ، فينشروا الأمن ويوفروا الطعام والعلاج لهذا القطيع .
ثم تأتي المرحلة الثالثة "شوكة التمكين" أو قيام دولة الإسلام ، التي من مهامها خوض الحروب أو كما يقول الكتاب : "إمكانية التوسع على الإغارة على الأعداء ، لردعهم وغنم أموالهم وإبقائهم في توجس دائم وحاجة للموادعة" .

ما يثير المخاوف أكثر ، ليس الكتاب ولا هؤلاء الـ 520 إرهابيا ، بل إنك حين تحاول البحث عن تأثير مثل هذا الكتاب في أفراد المجتمع ، من خلال الانترنت ، ستكتشف أن أغلب الردود على من نشر لهم هذا الكتاب أو أجزاء منه لا تتعدى "جزاك الله ألف خير .. أو جعله في ميزان أعمالك .. أو بارك الله فيك" .

وهذا ما يجعل مخاوفك ترتفع أكثر ، لأنك أمام أفراد يمكن وبسهولة أن ينخرطوا مع هكذا تنظيم إرهابي ، لأنه تم تأسيسهم على الحفظ والترديد ، ويكفي لأي كتاب أو مقال أن يضمن بداخله بعض آيات القرآن والأحاديث ، وروايات ضعيفة عن كيف أباح الصحابة لأنفسهم سحل وقتل وحرق من يخالفهم "كما يروي كتاب إدارة التوحش" ، ليعتنقوا أفكاره .
بقي لدي سؤال وهو غير بريء مفاده : حين تقرأ الكتب والمقالات والبحوث التي خرجت لترد على رواية كتبها المفكر السعودي "تركي الحمد" من باب نصرة الدين وحماية المجتمع من الفكر الضال ، فيما مثل هذا الكتاب لم ينبر له أحد منهم ، هل يعني هذا أن أؤلئك المحاربين يرون كتاب "إدارة التوحش" كتابا مقدسا ؟

*نقلا عن جريدة "شمس" السعودية



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد