لأنهم عرب عرفات .. صدام .. البشير

mainThumb

06-03-2009 12:00 AM

أن تعلـن عن هويتك وتبذل المستطـاع لتعرّف بها كهويـة حضاريـة كـان لها دورا بارزا في حركـة الحضارة الانسانية،فتلك جريمـة لا يجـوز لك أن تقترفهـا،وإذا مـا راودتك نفسك يوما أن تجاهد دون هويتـك ووجـودك،فتلك كارثـة ستقوم الدنيـا لها ولن تقعد ، نعـم إن الإصــرار علـى أن تبقـى شريفـا تحمـل وجهـك العربـي وتحفظ تاريخـك مـن ميشــع المؤابـي ذو النفس الأبيـة إلـى المختـار الذي عــرّى الطليــان والعربان في نفس الآن،إن هذا الإصرار سيجعـل صاحبه فـي دائرة الإستهدف التي دخلها في عقدنا الحالي ثلاثة من الشرفاء ، إثنان اختارا الموت على كل المغريات التي عرضت عليهم صباحا مساءا، فأصرّا على أن يبقيا وجهيهما عربيان صرفان وثالث تتربص به العيون المتوحشة في كل الدروب.

من منـا لا يتذكر المقاطعة في رام الله وكيف كانت تحيط بها الدبابات الصهيونية إحاطـة السوار بالمعصـم؟ولكـن ذلك لـم يُلـن مـن عزيمـة ( الختيـار) فبقـي صابرا رافضا لكل عروض الإغراءات التي يعلم القاصي والداني أنها انصبّت علـى قضية بذاتها ( القدس ) وليس سواهـا ، ولم تجـد هذه العروض أذنا صاغيـة من عرفات الذي التصـق بقضيتـه حتـى النخـاع ، فكان يـردد فـي كل مـرة يأتيه عرض يتناول عروبة المدينة المقدسة ( إلا القدس،إلا القدس ) ، نعم لقد حفظ ( الختيار ) القائـد و(الختيار ) المُسن ذمار القدس،فحفظت له مدينة السلام هذا الحرص وتلك الروح البطولية في مقاطعته حين أعلنـت (اسرائيل) الحرب عليه لردعه ورده عن موقفه لكنها جابهت روحا عربيـة اختـارت السُمّ علـى أن تفـرط بشرف القدس ، وحفظنـا نحن لـه هذا الشـرف والعزيمـة القويـة التـي أبداها ، واليوم نقول له : أيها الختيار النبيل لأنك حرصـت علـى وجهـك العربـي ،لأنك حفظت درسك جيـدا أعلنـوا عليـك الموت ، لكن لعنة شهادتك الرائعة ستطاردهم وتلاحقهم إلى أبد الآبدين.

من في العراق الأن لا يترحم على من جعله ذات يوم عملاقا ترتعد فرائص الصغار أمامه؟إن من يرى الدمار والدماء والعبث والخيانة التي تلون سماء بغداد هذه الأيام ستعود به حتما الذاكرة إلى تلك الأيام التي التي كانت فيها بغداد الرشيد ملء سمـع الدنيـا وبصـرها،فصـدام لـم يخطء في حربـه الدفاعيـة الأولـى حين كان ينادي فـي صمت ( العربان )أنه يدافع عن البوابة الشرقية للأمة ، والشواهـد الأن تصدّق هذا القول ، فالذئب الأمريكي أتى من البوابـة الشرقيـة ، والثعالـب الإيرانيـة جاءت من ذات البوابة، نعم هذا ما اقترفته يدا صدام حسين حين امتشق سيفه وذبّ عن وجه أمتـه الخطـر الفارسـي اللعين،لكن أبت الخيانـة أن تفارق أهلها،فجـاءت محمولـة على الدبابات الأمريكية ومن الشرق حملتهم إلينا الريح الإيرانية السوداء ،ونُزع وجه العراق الأصيل ليكون أمريكيا في أول مراحـل المحنـة، لينقلب بعد ذلك إلـى فارسي كما لو كان من الأزل هكذا.

في فجـر الأضحـى ارتقـى صـدام شهيدا لم يغادره عنفوانه ولـم ترتجف يداه،كـان كطود شامخ أمام فئران تخشى أن تعلن عن نفسها حتى في هذه اللحظة،صعد صدام نبيلا كما كان ، قويـا صلبـا كما عرفنـاه وكما عرفـه الذين كانوا يلوذون في الزوايـا المعتمة يرقبون وهم متزملين بخزيهم هذا الموقف الإيماني الرائع.

من يعرف الرئيس البشير سيكون أمام عربي بسيط يندفع بكل قواه للوقــوف مع أمتـه فـي كل المحـن التي تتعرض لهـا ، فهذا الرئيس يمتـاز عـن غيـره أن حديثـه مباشر لا يحتمل التأويل ، فلا تجد مناصا من تصديقه ،ولعل من الإنصاف أن نذكـر لهذا الرجل وقوفه دون تحفظ مع الدول العربية التي كانت تحتاج الى وقفة تضامن منه ، ولم يلجأ الى تلك الحيل التي تجعل المواقف تصاغ على أساس موقف مقابل منفعـة أو موقف يقايض بموقف ، بل كان الرجـل عفويـا يأتيـك كريح طيبـة كشأن السودانيين دائما.

ففي الوقت الذي سعى فيه البشير لحل مشكلة الجنوب السوداني من خلال الاتفاق مـع الجنوبيين علـى صيـغ سياسيـة تحفظ للسودان سيادتـه وتعيـد له بعض العافية التـي افتقـدها لسنـوات طويلـة ، كانت قضية دارفور التـي أصبحت الخيـار الأفضـل للغرب لطـرح المشـروع القديـم الجديـد والهادف لتقسيم هذا البلد الذي يمثل مغنما كبيـرا مـن ناحيـة اقتصاديــة فيمـا لـو تشظـى كمـا يريـدون،ولكن النوايـا السـوداء المتمثلـة بالغــرب الغــادر والعمــلاء الصغــار الذيـن أبــوا إلا طعــن وطنهــم فــي خاصرتـه،جوبهـوا بنوايـا طيبـة أقسمت علـى أن يبقى السودان متماسكا بعيدا عن أنياب الذئب الاستعماري وكلابـه المسعـورة من عملاء استعذبـوا البقاء عبيـدا في حظيــرة السيــد الذي سينـال ذلّـه ونـار عبوديتـه القـريب والبعيــد،وحتـى العمـلاء ذاتهم،ولكن يبقى للشرفاء عليهم درجة أنهم انحازوا لحريتهم ذات لحظة.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد