خديعة حقوق الإنسان

mainThumb

07-03-2009 12:00 AM

تحت وقع المواقف الدولية الباهتة إزاء كل التجاوزات الصارخة على القيم الإنسانية وحقوق الإنسان، تتراجع قناعتنا بأن العالم اليوم تسوده ممارسات تؤكد على احترام القيم الإنسانية ويتصاعد فيه الاهتمام بحقوق الإنسان ومبادئ الحرية والعدالة والديمقراطية، كما يتزعزع إيماننا بأن البشرية تتجه إلى مزيد من إعلاء شأن وقيمة الإنسان وتوفير حياة آمنة يتمتع فيها الجميع بالحقوق والمكتسبات التي نصت عليها اتفاقيات حقوق الإنسان .

لقد كانت أحداث غزة الأخيرة بمثابة اختبار حقيقي لمدى الالتزام العالمي باتفاقيات حقوق الإنسان وقد شاهدنا كيف أن معظم دول العالم الغربي التي تعتبر سادن وحارس حقوق الإنسان اتخذت جانب الحياد وكأن الحرب في غزة دارت بين طرفين متكافئين، بل ذهبت بعض هذه الدول حد التبرير للأعمال البشعة التي نفذتها إسرائيل في حربها على غزة، رغم صور القتل والأشلاء، ومظاهر الترويع والدمار التي غلفت المشهد الكارثي في غزة، واستخدام إسرائيل أسلحة محرمة دولياً واستهداف المدنيين من الأطفال والنساء وتدمير المستشفيات والمدارس والمساجد، وخير مثال على تلك المواقف امتناع سويسرا عن التصويت على قرار إدانة إسرائيل داخل مجلس حقوق الإنسان في جنيف بسبب الأعمال الوحشية التي ارتكبتها في غزة، ويعلم الجميع إن سويسرا هي حاضنة اتفاقيات جنيف الشهيرة، كما بدأت قبل أيام في كوبنهاجن أعمال مؤتمر أوروبي أمريكي لبحث وضع آليات عمل تضمن عدم تهريب الأسلحة إلى قطاع غزة، ويشارك في المؤتمر ممثلون عن الولايات المتحدة وكندا وبريطانيا وألمانيا وفرنسا وأسبانيا وإيطاليا وهولندا والنرويج والدولة المضيفة الدنمارك وقد أبدت هذه الدول استعدادها تسيير قوارب حربية قبالة سواحل غزة لضمان عدم تهريب أسلحة إلى القطاع عن طريق البحر.

الأكثر غرابة أن ذات المواقف تتبناها منظمات حقوق الإنسان ومؤسسات ووسائل الإعلام الحر التي يفترض أنها مؤسسات المجتمع المدني التي تتكفل بحماية حقوق المدنيين وفضح الانتهاكات والتجاوزات التي تتعرض لها الشعوب والجماعات وما يقع عليها من ظلم وقهر، وقد بلغت مواقف بعض هذه الدوائر حداً من السوء تمثل في الوقوف إلى جانب إسرائيل ومناصرتها، فقد رفضت الإذاعة البريطانية نشر نداء استغاثة من أهل غزة، وامتنع الكثير من شاشات التلفزة العالمية عن عرض صور القتل والدمار بذريعة الحرص على مشاعر المشاهدين.

إن الاستهتار الإسرائيلي المتزايد بمنظمة الأمم المتحدة والقوانين الدولية وضرب عرض الحائط بقرارات مجلس الأمن، والاعتداء على مؤسسات ومرافق وطواقم الأمم المتحدة في غزة يضع المنظمة العالمية في حالة من الوهن والضعف بل التشكيك في جدوى وفعالية الدور المأمول منها، وقد توج بان كي مون أمين عام المنظمة هذا الضعف من خلال التصريحات التي أطلقها أثناء زيارته لغزة وأمام جميع مشاهد الدمار والوحشية بأنه سيعمل على التحقق والاستقصاء والمحاسبة إن لزم الأمر.

لقد أخفقت الإنسانية أمام اختبار غزة وثبت أن العديد من المبادئ والشعارات هي شعارات زائفة، حقاً لقد كانت الحرب على غزة كما وصفها الكثيرون وصمة عار في جبين الإنسانية، إنها خديعة حقوق الإنسان ووهم الإعلام الحر وزيف الديمقراطية وحقوق الإنسان .

moha_r70@yahoo.com



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد