يالأمــن يا أمنـــنا الغالي

mainThumb

20-11-2009 12:00 AM

طلال الخطاطبة
لا أنوي أبدا احتراف الغناء أو منافسة الفنان عمر العبدلات في حبه لأمننا الغالي. ولكنها مقدمة لا غنى عنها كترويدة عز وزغرودة فخار لحامي حمى أمننا الداخلي وهو أجهزتنا الأمنية بمختلف اشكالها ومرتباتها: أفرادا وضباط صف وضباطا في هذه الأجهزة الباسلة, رديف جيشنا المصطفوي وريث الثورة العربية الكبرى.
لا أدري ان كانت مقصودة أو مصادفة غير حميدة تلك المؤمرات والتي أصبحت تحاك ضد هذه الأجهزة جهرا نهارا, بعد ان كانت تحاك ضد الوطن. لقد بدأت هذه المؤامرات منذ زمن عندما أصبح ثرى هذا الوطن وشعبه الآمن يتعرض الى العديد من محاولات زعزعة أمنه من القريب والبعيد تجلت في المحاولة الفاشلة لتدمير منبى المخابرات العامة التي أحبطها رجال أمننا الأشاوس, وقد صرح مصدر في الأمن العام أن الأمن يحبط عشرات المحاولات للإطاحة بأمن هذا البلد ولكنه لا يعلن عنها حتى لا يداخلنا الخوف والهلع, وانما كان ذالك الجهاز الفذ يعمل بصمت وسرية تامة.

للأسف تمكن الأرهاب من طعن هذا البلد في منطقة لم يتوقعها الا وهي الفنادق بتفجيرات أرهابية بشعة قتلت أناسا لا ذنب لهم الا انهم قرروا الفرح في ذلك اليوم. نعم لقد غفل الأمن عن المناطق المأهولة وذلك لأنهم لم يتوقعوا أن يبلغ الحقد على هذا البلد درجة العمى بحيث لا يدرك ان من يقتلون انما هم مدنيون يفرحون ويحتفلون بعرس أو موظفون يعملون بالفنادق يجرون وراء لقمة العيش, ومن يدري ربما كان من ضمن الشهداء احد عمال الوطن ينظف ساحة ذلك الفندق لا يدري ان (شرقت أو غربت) . وقد استذكر الأردنيون جميعا هذه الذكرى الأسبوع الماضي بكل ألم واستنكار ولكن بعزم على ان لا يتكرر ذلك المشهد مرة أخرى. لذلك حرص الأمن ومن ذلك الوقت على التواجد في كل مكان حتى وان قال أحدهم يوما " يا أخي شو في عندنا هون حتى الشرطة رايحة جايه". لهذا نرى ان صعوبة حدوث اختراقات أمنية لهذا البلد من ذلك القوت انما ترجع الى السهر الدائم لتلك العيون التي ننام وعينها لا تنام : تتناوب على حراستنا ونحن نسعى في مناكب الأرض سعيا وراء أرزاقنا.

السؤال الذي يطرح نفسه في هذا الوقت هو: ما الذي يجري لجهاز ولمنتسبي الأمن العام؟ لماذا هذا الهجوم المعنوي والجسدي على أفراده؟ لماذا هذا التشكيك بنزاهته والتي نراها بالتعليقات على الأحداث عندما يصدر خبر يخص الأمن العام؟ أنا شخصيا أقول ان ما يجري هو نوع آخر من الإرهاب, نعم انه نوع جديد من الإرهاب. فالإرهاب قد غير جلده (بتشديد الياء) وأصبح إرهابا موجها الى أجهزة الأمن العام نفسها. تطور الأمر فبعد ان فشل الإرهابيون بالنيل من الوطن توجهوا الى حامي أمن الوطن الا وهو عدوهم الشديد الذي ما لانت قناته وما ضعفت عزيمته الا وهو الأجهزة الأمنية. من الملاحظ أن هذا الإرهاب الجديد قد أخذ أنماطا أحاول ان اوجزها فيما يلي:

اولا : المظاهرات واستغلالها للعبث في أمن هذه البلد و الأحتكاك مع الأجهزة الأمنية. وهذه شأنها شأن كل عمل يبدأ طيبا ثم يعبث به العابثون لينتهي بكارثة أمنية تصيب بشظاياها كل الآمنين من الطيبين المشاركين بالمظاهرات أو من يحاول تأمين حمايه الممتلكات العامة التي تخصنا وهم أفراد الأمن. أما الجهات المحركة والمثيرة للشغب فتعود الى مكاتبها ولم تمس بسوء. كلنا نعلم ان هناك جهات تعمد الى ركوب كل موجة وطنية لتجيرها لصالحها حزبيا كما حصل في أحداث غزة المريرة عندما كان الشعب والقيادة في حالة تناغم فريدة لم يسبق لها مثيل ؛ فنظمت المظاهرات ورفعت اللافتات وحدثت الإعتصامات وجمعت التبرعات لصالح شهداء وجرحى غزة. وكانت الحكومة تقود هذه الحملات والأجهزة الأمنية تحمي المتظاهرين. وكنت الاحظ انه كلما قدمت الحكومة شيئا او تساهل الأمن في بعض القضايا اشتد (المتظاهرون) بطلباتهم حتى وصل الأمر للأحتكاك مع رجال الأمن.

أنا لا أصدق في مثل هذه الأوضاع ان يلجاء رجل الأمن الى ضرب احد أو سحبه على السجن هكذا بدون سبب وذلك لأن معهم تعليمات مشددة بتأمين الحماية للمتظاهرين. لكن ماذا يفعل رجل الأمن عندما يشاهد تخريبا لمؤسسة معينه او تكسيراً لمكتب حكومي او اقتحاماً لسفارة؟ هل يبقى واقفا متفرجا. ان حماية الهيئات الدبلوماسية هي مسؤولية الحكومة وتسأل عنه دوليا وربما يتم معاملتنا بالمثل ان غضضنا الطرف من جانبنا.

لايجوز ابدا استغلال المناسبات الوطنية أو الحماسية للإحتكاك مع رجال الأمن للتشويش على أداء الحكومة لأغراض حزبية كما اسلفت.

ثانيا :هناك أمر آخر وهو شبيه بالموقف بالبند الأول وهو استغلال ما يسمى بفورة الدم بالإساءة لرجال الأمن. فعندما تقع مشكلة عشائرية أو حوادث قتل تقوم الدنيا ولا تقعد وتخرب الكثير من المتتلكات العامة بحجة فورة الدم, ومطلوب من الأمن أن يتفرج !!!!! إن الأمن العام هو حامي أمن كل الأردنيين بما فيهم المتخاصمين أنفسهم, ولا يجوز أن يتهم فيها شباب الأمن بأنهم منحازون لهذا الطرف أو ذاك. لذلك يتعرض الشباب الى احتكاك عند منع صاحب فورة الدم من التخريب .

ثالثا : ظهر هذه الأيام نمط آخر من المواجهة مع رجال الشرطة عند تأديتهم واجبهم بالقبض على المطلوبين والأشتباك معهم. لأول مرة أسمع بأن هناك من يتسستر على مطلوب أمنيا ويشكل طوق نجاة لهذا المطلوب حتى يهرب رغم خطورة جرمة. ويتمادى في ذلك لدرجة تبادل اطلاق النار مع قوات الأمن لتمكن المطلوب من الهروب. ليس من حقنا أن نشكل محكمة محلية ونعلن براءة هذا المطلوب ونستصدر كف طلب من عندنا ونعلن عدم أحقية الأمن بالقاء القبض عليه. ان التستر على المطلوب هو مشاركة للمطلوب في جرمه فكيف اذا وفرنا له الحماية ليهرب.

أن جميع رجال الأمن انما يأدون واجبهم باسم الأمن العام ولا يجوز تحميلهم كأشخاص اي مسؤلية تنتج عن مقاومة البعض لهم أثناء تأدييتهم الواجب: نعم , هو يتصرف باسم الأمن وهو بلباس الأمن ويحمل شعاره على جبينه. لذلك لا ارى ابدا أي مسوغ قانوني لتحميل هذا الشخص مسؤولية عشائرية تجاه أهل المقتول لأنه وببساطة لم يخرج من داره قاصدا دار المقتول ليقتله. هناك أجراءات يقوم بها جهاز الأمن داخليا ليتأكد من صحة تصرف عنصر الأمن, واذا كان هناك قصور فأنه يحاكم داخليا ويحاسب. وهنا لا بد من تسجيل كلمة شكر للعشيرة الأردنية التي ذهب احد شبابها دهسا من قبل قوات الدرك أثناء تأديتهم واجبهم بالفصل بين عشيرتين متخاصمتين بنفس البلدة فقد رفضوا الحديث بالموضوع ورفضوا أيضا معرفة اسم الدركي السائق المتسبب بالحادث لقناعتهم بأن الحادث قضاء وقدر.

وللحقيقة فأنني اقدر عاليا قيام قائد الشرطة بزيارة أهل المقتول لتطيب خاطرهم كجهاز أمني ولكن دون مسمى العطوة وتحميل هذا الشرطي أو الضابط مسؤلية عشائرية, وانما تتم محاكمته داخليا من جهاز الأمن نفسه. وهنا ربما يكون من المفيد الإقتراح بتغطية وجوه افراد الأمن بقناع خاص حتى لا يعرفوا ويلاحقوا عشائريا. ان ملاحقة رجال الأمن عشائريا اذا أخطاؤوا اثناء الواجب يجعلهم يغضوا الطرف عن أشياء خطيرة حتى لا تلحقهم المسؤولية يعني (بالعربي الفصيح يشوف ويطنش حرصا على سلامته وسلامة عشيرته) وهنا يتخلخل أمن البلد ونقع بالمحظور ونصبح فريسة سهلة لكل طامع وإرهابي, وربما من ينادي بهذا يهدف للوصول الى هذه النتيجة وهذا بحد ذاته يشكل أرهابا لأفراد الأمن العام.

رابعا: حتى لا يبدوا الأمر وكأنه تبرئة لجهاز الأمن من كل شيء فيجب الإعتراف بأن هناك بعض الأخطاء والهفوات التي تحصل من قبل أفراد الجهاز قليلي الخبرة لحداثتهم بالجهاز عن حسن نية: فقد تناقلت الأخبار على سبيل المثال عن ضرب شرطي دخل لفض اشتباك بين متخاصمين. وهنا أقول لهذا الشرطي بعد الحمد لله على السلامة انه ليس ممن الحكمة الدخول شخصيا بين المتعاركين. وربما أجد لهذا الشرطي عذرا بأنه اعتقد ان وجوده (كشرطي بلباس الشرطة) بينهم سيفض العراك. يا سيدي هذا زمان يختلف عن زمن جدي وجدك, فالناس غير الناس والواقع غير الواقع. لا ينبغي لرجل الأمن أقحام نفسه بمشاكل لا يستطيع حلها وتظهره ضعيفا حفاظا على هيبة الشرطي, وكان يجب عليه استدعاء قوة أمنية لفض النزاع.

كذلك من الممارسات الخاطئة والتي لم تعد مقبولة ضرب المتهم بالشارع عند القاء القبض عليه أو إهانته أمام العامة حتى وان قاوم الأمن. يجب ايداعه سيارة الشرطة ومن ثم الى المركز أو المخفر. يعرف الجميع طبعا ان هناك أجهزة تصوير والخبر ينتقل عبر الأثير الى كل العالم. كذلك لا داعي ابدا لهذا الأستخدام المفرط للقوة خاصة بعد القاء القبض على المطلوب أو المتهم, فالمتهم بريء الى ان تثبت ادانته. نعرف ان الشرطة هم بشر وليسوا ملائكة ولا يعقل ان يسمع أحدهم شتيمته كنوع من الإستفزلز له ويسكت, ولكن يفرض اللباس الشرطي على صاحبه التأني و(طولة البال).

نحن مع سيادة الأمن ونحرص على كرامة الأمن العام وبنفس الوقت نحرص جدا على كرامة الإنسان أغلى ما نملك. لذلك أقترح أن يخضع الشباب الجدد من منتسبي الأمن العام وحتى القدامى منهم والذين تقتضي طبيعة عملهم التعامل المباشر مع الجمهور الى دورات توجيهية حديثة وبشكل دوري ومستمر يحاضر فيها بالإضافة الى ضباط الشرطة الكبار مختصون في علم النفس وعلم الأجتماع وكل العلوم التربوية, فوظيفة الشرطة تنحصر في أحضار المطلوب للقضاء وليس تقويم سلوكه وحفظ النظام وليس العقاب. فالعقاب انما هو وسيلة لتحقيق حياة أفضل لأغلى ما نملك وليس من أجل العقاب نفسه حيث يقول تعالى " ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب". فالعقاب يوقعه القاضي وينفذه بالقانون رجل الأمن وينتهي دور رجل الأمن عند تسليم المتهم للقضاء.

لا بد من فتح قنوات الحوار بين أجهزة الأمن العام والمواطنين من خلال جمعيات أصدقاء الشرطة التي كانت موجودة ولا أدري أن كانت ما تزال موجودة أم لا ومن خلال التلفزيون ووسائل الإعلام المتختلفة. فالمواطنون الصالحون هم سند للأمن العام وهم العين التي يرى بها الأمن ما يجري بالمجتمع, فالعلاقه بين الطرفين هي علاقة تكاملية يكمل أحدهما الآخر.

حيا الله رجال الأمن العام وأخوانهم رجال جيشنا البواسل ,وحيا الله مواطنينا الغيورين على مصلحة وطنهم. ولنعمل جميعا كتفا لكتف لخدمة أردننا الغالي ليبقى دائما أولا كما أراده جلالة القائد المفدى الملك عبد الله الثاني بن الحسين حفظه الله.
alkhatatbeh@hotmail.com



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد