الحسين بن طلال .. رحل الجسد وبقي الرّسم والعمل

mainThumb

19-11-2009 12:00 AM


الدكتور حسن فالح البكور
إذا كانت الدُّول والشُّعوب تخل?Zّد ذكريات قادتها بالخطب والأشعار والاحتفالات والنّدوات في المجالس والصالونات والسّ?Zاحات، وفي الفضائيات والإذاعات والمجلاّت، وتقيم النُّصب التذكارية في الباحات، فإنّنا نحن في أردنّ الحشد والر?Zّباط، أردن?Zّ الدّوحة الهاشمية، نخل?Zّد ذكرى الراحل العظيم أبي عبد الله بن الحسين بالإضافة إلى تلك المظاهر، نخل?Zّده في قلوبنا، ونحفر رسمه في فلذات أكبادنا، ونغرس رسمه وصورته في عيوننا، ونطبع كوفيّته على جباهنا وخدودنا، ونرسم تاجه الوضّ?Zاء فوق رؤوسنا، وندو?Zّن في صدورنا بأحرف من نور سطوراً من مكارمه، وننقش بطولات الكرامة والفداء التي اختطها دفاعاً عن ثرى الأردن الطهور وفلسطين على شفاهنا, ونرصّع في سفر التاريخ المعاصر معاني الشموخ والإباء التي كانت شامة على جبينه وانسحبت على جبيننا,ونطرّز في سجّادة الوطن خيوطاً منسوجةً من عباءاته التي ما لانت يوماً لأحد، ونشحذ الهمم وعزائم الر?Zّجال والإرادة من كنوزه العامرة التي استعصت على الأعداء في ميادين الحرب والس?Zّلم والسياسة.
سي?Zّدي صاحب الجلالة ,يرحمك الله , مهما نظم الشعراء من القصائد بحقك، ومهما كتب الخطباءو ودبّجوا الكلمات، فإن أفعالك وأعمالك التي نهض?Zت بالأردن وشعبه, ستظل هي الأعلى، فكلّ بقعةٍ من بقاع المعمورة ,تشهد بفضلك وهباتك ومكارمك، وكلّ ذرة ترابٍ في وطن الأحرار, تنبض بدفء حنانك، وكلّ قرية ومخيم ومدينة وتجُّمع وباديةٍ ستبقى تردّد كلّ صباح ومساء أناشيد الفخر والإجلال التي تنطق بعونك الهاشمي وقوافل الخير من بحرك الزاخر بآلاء الله ونعمِه التي جابت مشارق الكون ومغربه, ولن ننسى يا سي?Zّدي هدير خطبك في المحافل الدولية ومؤتمرات القمم العربية التي أسهمت في استقرار الأمن العالمي، ولن نغفل يوماً عن لقاءاتك ومؤتمراتك الصحفية التي استشرفت?Z من خلالها آفاق المستقبل لأعوام قادمة، وها نحن اليوم نشهد على حسن منطقك ورؤاك التي تحقّقت.
سي?Zّدي صاحب الجلالة غفر الله لك، إنّ?Z العالم يشهد أنك أُمةٌ في رجل، ففيك من الأُمّة إرادة قوية وعزيمة لا تلين، وصبرٌ منقطع النظير، وشجاعة وفروسية، ومدرسةٌ في الأخلاق : حلمٌ ووقارٌ وصدق وأمانة وإخلاص ووفاء، وتقوى الإله.... الخ، علّمت?Z الأجيال دروساً في مهارات التواصل والاتصال مع الآخر، دون أن نفقد هويتنا وثقافتنا، علّمت الص?Zّغار والكبار كيف يبنون الحضارة ويتأثرون بالحضارات دون أن يذوبوا فيها، علّمت ببراعة وحنكة حوار الحضارات والإطلالة على المعاصرة والمحافظة على الأصالة، علّمت الساسة فنون السياسة، والعسكريين فنون الحرب والقتال, وعلّمت المفك?Zّرين والمؤ?Zّرخين والمعل?Zّمين والفلاسفة والبلاغيين مناهجهم ومسالك دربهم في الحياة.
سيدي صاحب الجلالة رحمك الله : نستذكر يوم مولدك بكل اعتزاز وافتخار أنك حملت الأمانة وبلّغت الر?Zّسالة، فكنت الأمين في القيادة والعادل في الحكم، والصّادق في الوعد، أحببت شعبك فأحبّوك شاهداً وغائباً، حيّاً وميتاّ، احتضنتهم بعباءات تسامحك ودفئها، فصانوك، ألبستهم مكارم الهاشميين، فشكروك، نهضت بهم ورفعت مقاماتهم، فحمدوك، دافعت عن حقوقهم ونافحت عن مقّدساتهم، فنصروك، آويت أخوانهم من المهاجرين فما خذلوك، وعند اشتداد المحن وتكالب الأزمات والمعاناة, خضت الميادين تصول وتجول أسداً في الوغى، فدانت لسيفك رقاب العِدا، فما أسروك، فرّقت?Z جمعهم وحطّمت أسطورتهم، فما قهروك.
سي?Zّدي صاحب الجلالة باعد الله بينك وبين النار كما باعد بين المشرق والمغرب، وأسكنك فسيح جنانه، نمْ قرير العين فعين المولى ترعاك، ولاتبتئس، فعين عبد الله ترعانا، كما كانت في الماضي عيناك ترعانا، وسليلك الهاشمي بأهداب العيون نرعاه، وبالمهج والأرواح فدِاه، ومن عاديات الز?Zّمان ونوائب الدّهر يحفظه رب?Zّي ويرعاه.


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد