لماذا شجع العرب الجزائر .. ؟!

mainThumb

22-11-2009 12:00 AM

محمد حسن العمري
الكثير من العرب اليوم سمعوا بمباراة مصر والجزائر بعد تصعيدها اعلاميا قبل مباراة الاياب في مصر فقط ، وهو ما لم يحدث مطلقا مع مباراة الذهاب التي كانت قبل ذلك في ملعب البليدة بالجزائر ومرت بسلام قبل ان يدخل الجزائريون مصر مرة اخرى بغير سلام وغير آمنين من القاهرة الى استاد القاهرة..!
***
تابعت تقريبا كل مباريات المجموعات الافريقية التي وصلت اخرها الجزائر لكاس العالم بعد ان وصلت نيجيريا والكاميرون ووكوت ديفوار وغانا ، ولم تكن ثمة اي تداعيات اعلامية الا بعد فوز الجزائر المستحق على مصر ، والحقيقة التي شاهدت ارهاصاتها اعلاميا فان التصعيد الاعلامي قد بدأ مصريا قبل ان يصل مثيله للجزائر التي ايقظت روح الفتنة فيها فردت على الفور..!
***
اعتقد بما لا يدع مجال للشك ان العرب قاطبة كانت تقف وراء المنتخب المصري الذي شارك في بطولة القارات قبل اربعة شهور فقط وقدم فيه المنتخب المصري صورة مشرفة وخصوصا في مباراته مع ايطاليا التي خلدها محمد حمص بهدف رائع لم يكن اقل شأنا من هدفي زيدان قبله ولا هدف شوقي..!
لكن الذي شاهدته بعد ذلك وخصوصا من المتابعين الرياضيين و ردود الافعال المثبته على المواقع فان الحالة الاعلامية العربية غير المصرية كانت تنحاز اكثر للجزائر ، الذي بدأ غير مكترث سياسيا اول الامر في المباراة اصلا قبل ان يضطر ثالوث الحكم العائلي المصري مبارك وجمال وعلاء الى اقحام الاعلام المصري مجبرا كطرف في ( المحنة!) القومية التي صارت ، وهو ما يعتقده اكثر العرب اليوم ، وانها وسيلة سياسة اقحمها النظام الجمهوري ( المتورث!) في محاولة لدغدغة عواطف الشعب المصري الذي لا اعتقد انه انزلق في لعبة الكبار على نحو مؤلم..!
***
تمتلك الجزائر نظاما سياسيا فريدا يختلف عن بقية الانظمة العربية الحاكمة في المغرب العربي ، فرغم اختلافات الرؤى للزعماء الجزائرين فان موقفهم دائما منحازا للقضايا العربية ، وهو ما اعرفه عن الشعب الجزائري نفسه ، فموقف الجزائر المتحفظ بشدة في استخدام القوة ضد العراق بعد احتلال الكويت ، ورغم انها لم تدخل يومها في قائمة المعسكرات العربية كان نابعا من شعور قومي لا ينطبق على اي مصالح خاصة اتخذت على اساسها الدول العربية قراراتها ، كما حدث مثلا مع الرئيس السوري يومئذٍ او الدول التي ايدت او الدول التي عارضت ، وهو نفس الشيئ الذي جعل الرئيس الجزائري الحالي يشارك في قمتين متناقضتين للعرب بعد احداث غزة الاخيرة ، وللجزائر وثورته الخالدة في الوجدان العربي قيمة كبيرة لا تقل عن قيمة الشقيقة الكبرى مصر التي رائ اعلامها الموجه انه يجب على العرب ان يشجعوا مصر رغم ( انوفهم!) وهو ما حاول ان يوجهه معلق النايل سات الذي ظل يهاجم المتخب الجزائري ( وعصبيته) وعنفه طوال المبارة رغم ان كلا الفريقين حصل على عدد متقارب من الانذارات ، ورغم ما حاوله المعلق ان يطعن في التحكيم الدولي معتقدا -رغم خبرته- ان تحكيم كاس العالم كتحكيم الرياضة العربية التي تجعل من غداء في فندق فاخر لحكم ما ان يبيع تاريخه ، كمهزلة الدورة الرياضة العربية التي عقدت في التسعينات في سوريا واصرت الدولة المضيفة على ابتلاع كل الميداليات باي شكل ، فصارت صورة عن التخلف والتشرذم العربي الرسمي، وهو ما اعتقده معلق النايل سات في مباراة لكاس العالم تخضع لقوانين واحترام ليس بالمستوى العربي ..!
***
شاهدت مبارة الحسم الاخيرة في فندق موفنبك بالعاصمة اليمنية صنعاء ، ورغم انها دولة محايدة فقد رأت ادارة الفندق المصرية ان تضع تحت الشاشة العملاقة للمباراة ( مصر الى كاس العالم..!) ولفت الاعلام المصرية على فرقة الرقص المصرية التي تعذرت عن المشاركة بعد نتيجة المبارة ، وبحكم معرفتي باكثر الاخوة اليمنيين الذين شاهدوا المبارة وبسبب التداعيات المصرية فقد انحاز الاكثر باتجاه الجزائر ، وباستثنائي وصديقي الدكتور معن العداسي وطبيب لبناني كان حاضرا لم يصفق احد للهدف الجزائري تلافيا لاي مشاكل ، وهو ما استعدى احد الاخوة العاملين بالسفارة المصرية يسألني على نحو غريب : لماذا صفقت للهدف الجزائري ..! وقلت له كنت سافعل نفس الشيئ لو سجلت مصر ، فمصر عربية والجزائر كذلك ..!
ولا اعتقد ان مصرنة المباراة جعل العرب بمعزل عن مشاهدتها بل جعل الشعور العام ان المباراة عربية وليست مصرية او جزائرية ومن حق اي شخص ان يشجع اي فريق منهما ، وهو ما يستهجنه الاخوة المصريين على العرب ، فمصر الشقيقة الكبرى التي تمتلك 70 ميون عربي ولكن هناك ايضا 200 مليون عربي اخر ، وهو ذات الشيئ الذي جعل دولة كسوريا تنسحب من الجمهورية العربية المتحدة في يوما ما، فمصر ليست كل العرب بل هي نواته وعمقه ولا يجب ان يسود التسيس الرسمي لذلك الى سواد الشعب المصري الذي ينتشر في كل البلاد العربي ويمتلك اكثرنا اصدقاء حميمين من ارض الكنانة اينما حللنا وارتحلنا..!
***
لا اقلل اليوم من شأن الكرة والرياضة فهي من وسائل رقي الشعوب ، والتعبير عن انتمائها ، والعرب بالاجمال عاطفيون ويتاثرون باي موقف عربي من المحيط الى المحيط ، و من منا يذكر اداء المنتخب الجزائري العملاق عام
1982 والفوزين التاريخيين على المانيا والتشيك وما سمي بملحمة خيخون التي اقصت الجزائر باعتراف رئيس الاتحاد الالماني الذي دعى الفيفا يومها الى تغير الية المباريات لاستبعاد الترتيب المسبق بين الفرق ،واداء المغرب الرائع عام 1986 الذي اوصل اول فريق عربي للدور الثاني قبل ان تعاوده السعودية مرة اخرى في اول مشاركة لها عام 1994
وكان العرب كذلك يوم سجل مجدي عبدالغني هدفه التاريخي بمرمى هولندا عام 1990 من ركلة جزاء لينتزع نقطة من اقوى المنتخبات الاوروبية هجوما على الاطلاق في ذلك الحين..!
واذكر ايضا عام 1994 ان اكثر العرب كانت تشجع السعودية ضد المغرب وكلاهما عربيتين في نفس المجموعة وذلك لان فرصة تاهل السعودية للدور الثاني كانت افضل رغم ان المغرب كانت تمتلك سجلا افضل في كاس العالم..!
***
لا اعرف كيف خطر ببالي اليوم ان امين الجامعة العربية السابق عصمت عبدالمجيد قد قبل ان ينحاز لموقف بلاده الرسمي من العراق ورفض زيارة العراق ايام حصارها رغم انه امين الجامعة العربية وليس الجامعة المصرية ووافق على ان تتم قمة عربية بدون حضور العراق ، وكان هذا يستدعى استقالته برتوكوليا وليس قوميا ، لكنه لم يفعل ما فعله الشاذلي القليبي التونسي الذي استقال عشية موقف معين لدولته الام ..!
***
ما اعتقده اليوم ان السبعين مليون مصري سيقفون بالفطرة في كاس العالم القادة خلف منتخب الجزائر كاي عربي اخر ، وستكون حينها قد زالت غشاوة هذا التسيس الذي تابعته مصريا من اول ( المعركة!)، فالعرب اصحاب كيان واحد ومصر هي اكبره ومحوره لكنها ليست كله ، والعرب ينظرون للتسيس المصري في كل شيئ هو خطوة رسمية لمصرنة الشقيقة الكبرى بحزب واحد ، وهو ما لا نعرفه عن المصريين المنتمين بالاعماق للعرب كل العرب ، فالسياسة المصرية – وللاسف- دائما تتجه الى هذا الانحياز ولا يمتلك ساستها اي كياسة جعلت من رئيس دولة واولاده(!!) جزءا من حرب ما كان يجب ان تكون ولا يمكن ان تستمر لان العرب موجودون ولان المصريين موجودون ايضا وليست هذه السياسة التي تحاصر الجميع..!


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد