ماذا لو كان الحج في غير السعودية .. !؟؟

mainThumb

27-11-2009 12:00 AM

محمد حسن العمري
-1-
اكثر المسلمين الذين يعودون من الحج ، يعودون بالاضافة الى المشاعر الدينية بمشاعر متناقضة تجاه رحلة تستغرق بمتوسطها ما لا يزيد عن اسبوعين ، من المشقة وتكاثف المشاعر والرحلة نفسها ما يعتقده الحاج انه قضى عاما كاملا في هذه الرحلة التي لا تشبهها رحلة ولا مسير ..!
فالبرغم من تطور خدمات الحج الحديثة فان الرحلة الفريدة هذه تبقى شاقة ، ولهذا شرعت ووجبت على من يستطيعها ، لكن الحاج –اي حاج- في اكثر الاحيان تضيق به الحال ، فهو لم يكن يعتقد قبل ان يصل مشاعر منى مثلا انه سيكون بمساحة مخصصة لا تزيد عن حجم
فرشة نوم ليست اكثر ، ولا يعتقد انه سيكون فردا تضيق به طرقات عرفات المحدودة و يتزاحم في نهار واحد مع ثلاثة ملايين حاج ، ولا يعتقد انه مهما كانت نوع حملته – مثل ما حصل معي ذات حج في رحلة مع شركة النفط ارامكو العملاقة المميزة- سيبيت في خلاء المشعر الحرام- مزدلفة- او يقف على طابور قوامه عشرات الالاف على مجمع حمامات في منى او في البيت الحرام نفسه..!
يعتقد الحاج الذي لم يسبق له ان زار البيت الحرام او حج قبل ذلك ان هذا انحسار بالخدمات ، لكنه لا يدرك بكل الاحوال ان حجم الخدمات تذوب بين هذا الحجم الذي لا يتكرر في اي بقعة في العالم وفي هذه المساحة المحدودة من الارض..!
-2-
اتساءل واجيب لكل الاخوة الذين يخرجون بهذه الانطباعات ، ماذا لو كان الحج في دولة غير المملكة العربية السعودية ، وكيف كانت ستسير امور مؤتمر بهذا الحجم وهذه الكثافة..؟!
-3-
في حج عام 2006 عندما توفي نحو 250 حاجا عند جسور الجمرات التي بنيت حديثا وقتها وكنت حاضرا ، كانت ادارة الحج السعودية قد امطرت الناس بعدد لا يحصى من النشرات والتوجيهات بكل اللغات عبر مكبرات الصوت عن الية الدخول والخروج ، لكن الحجاج البالغ عددهم نحو ثلاثملايين ، وهو عدد يساوي قوام دولة مستقلة لا يمكن ان تضبطها عشرات القوانين والانظمة والمحاكم والوزارات ، لكن هذا العدد القادم من معظم دول العالم لا يستجيب لاي نداء ولا يخضع لاي قوانين مهما حاولت السعودية تطبيقها على الحجاج ، فان اي مشرف رحلة يتخذ لنفسه قانونا يطبقه على رحلته ، وهو ما يؤدي غالبا لمشاكل كثيرة ، لكنها بالاجمال قليلة على عدد كعدد الحجيج وفي نفس المدة الزمنية القصيرة..!
-4-
تخضع السياحة في البلاد العربية لاكبر عملية استغلال ممكن ان تشاهدها في دولة اخرى ، وهو الشيئ الذي لا تجده مطلقا في اسواق الحج الجبارة ، وتباع هدايا الحجاج المتنوعة بهامش ربح احيانا لا يتعدى 10% ، رغم ان العدد والزحام والحاجة لشراء الهدايا من الممكن ان يفرض على تجار السعودية او تجار الحرمين – ومعظمهم من اليمنيين – ان يفحشوا في استغلال الموسم لكن ذلك لا يحصل ، فسجادة الصلاة الصغيرة التي تصل السعودية بدولار مثلا تباع باكثر من هذا بهامش ربح محدود ، وتباع معظم الهدايا كالمسابح والمباخر و السواك باسعار جملة كأنك في متجر عام مكشوف الاسعار تندر فيه اي مظاهر الاستغلال والجشع ، ويباع جالون ماء الزمزم الصغير ممتلئا باقل من سعر العبوة نفسها فارغة في اي عاصمة عربية ، ولك ان تقدر ماذا لو كانت هذه الحاجة للسياحة في دولة عربية اخرى كيف كان حال التجارة ، اكثرنا بلا تفاخر يعلم حال السياحة في بلاده ويعلم اين يقف التجار منها..!
-5-
في سورة الانعام (اللّهُ أ?Zعْل?Zمُ ح?Zيْثُ ي?Zجْع?Zلُ رِس?Zال?Zت?Zهُ ) ، وقد حبيت العربية السعودية بامكانيات جبارة لا يمكن ان تجدها في اي دولة مسلمة اخرى ، والذي يزورها بين سنة واخرى يشاهد حجما عملاقا من التطوير في الخدمات ، صحيح انه لا يمكن ان يجاري حجم الحج و تداخلاته ، لكنه بالاجمال طاقة جبارة والخدمات لا تنقطع تحت اي ظرف كالماء والكهرباء والبترول ، ناهيك عن ما تنفقه الدولة وهو كثير عما ينفقه الاخرون ايضا ، ففي بعض السنوات ترسى خدمة الحرمين على شركات خير بريال سعودي واحد ، وتوزع خلال الحج من الوجبات والمشروبات ما لا حصر له كذلك ، وفوق ذلك كله وفي يوم النحر تجمع السعودية ما يزيد عن مليون اضحية ، تبردها وترسلها الى اقطاب العالم الاسلامي لان المجتمع السعودي باكثره يكون مكتفيا من لحوم الاضاحي في هذا الموسم ، وهو ما شكل في سنوات كثيرة فضائح رسمية عندما كانت تسطو على هذه اللحوم مؤسسات رسمية في دول عربية تحول دون وصولها للفقراء وهو ما جعل الهئية المشرفة على ذلك ان تعاود الية توزيع الاضاحي..!
-6-
بغض النطر عن وجهة نظر سياسية تحاول بعض الدول الاسلامية ان تلحقها بالعربية السعودية وتشكيك يقدرتها في ادارة الحج ، فان المشاهد الذي لا ينكر يعلم ان حجم الانفاق السعودي وادارة الحج ، من اكبر ما يمكن ان يشهد به للدولة السعودية الحديثة ، واعتقد انه امر باقٍ بتطور واضح لا يحول دونه اي مزاود او مكابر..!



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد