أمنيات ليست بالجديدة بين يدي الحكومة الجديدة

mainThumb

23-12-2009 12:00 AM

طلال الخطاطبه

تهب على وطننا العزيز نسمات عطرية احتفالية هذه الأيام , فبالأمس القريب احتفلنا بالعام الهجري الجديد على صاحب الهجرة أفضل الصلاة والسلام, و في نهاية هذا الأسبوع سنحتفل بميلاد السيد المسيح علية السلام وسنشارك العالم أجمع احتفاليته بالعام الميلادي الجديد قريبا. فكل عام وقائد الوطن والأردن والأردنيون بألف خير.

نبارك للحكومة الجديدة مرة أخرى بثقة سيد البلاد باختيارها لإدارة شؤون العباد في وطننا العزيز. وقد كلفها جلالته بكتاب تكليف مميز لم يترك صغيرة ولا كبيرة الا تناولها بالتفصيل, ولكن كتاب التكليف لهذا العام أمتاز بالطلب الى الحكومة الإلتزام بميثاق الشرف. وقد صدعت الحكومة لهذه الرغبة الملكية السامية وكانت على الوعد معنا حيث وقعت الوزارة رئيسا ووزراء على هذا الكتاب الملزم اضافة طبعا للإلتزام القانوني بالموعد الذي حدده دولة الرئيس تماما وهذا الإلتزام بالموعد يحسب للحكومة. كذلك تطالعنا الأخبار ببوادر تنفيذ الإلتزام بهذا الميثاق. فقد أعلنت شركة الأردن دبي كابتال عن تلبيتها للرغبة التي ابداها دولة الرئيس سمير الرفاعي بخصوص انسحابها من العطاءات المتعلقة بشكل مباشر أو غير مباشر بالحكومة والتي كانت قد تقدمت لها خلال توليه مهام الرئاسة التنفيذية للشركة.

وهناك نقطة مضيئة أخرى تسجل كأيجابية للحكومة في بواكير أيامها وهي زيارة دولة الرئيس لديوان المحاسبة حيث أوعز اليهم بتزويد الحكومة بنواحي التقصير المالي في الجهات الحكومية أولاً بأول دون انتظار تقرير نهاية العام كما كان الحال سابقا, فالهدر العام أو التبذير وسوء التصرف لا يجب أن يتأخر. هاتان نقطتان ايجابيتان أحببت أن أشير اليهما قبل الدخول في أمنياتنا بالعام الجديد من الحكومة الجديدة.

دولة الرئيس:

إن أمينانتا بالعام الجديد ليست بالجديدة على دولتكم, فهي حديث الشارع وليست بالمستحيلة أو صعبة المنال عند أهل العزم. هي آمل رجونا الله مخلصين أن نراها تتحقق على أرض الواقع بعهد دولتكم الشابة. تتخلص هذه الآمال بما يلي:

أولاً: الأسعار

لقد شكلت الأسعار هماً كيبرا على المواطنين محدودي الدخل, فغول الأسعار يبتلع رواتب الموظفين دون تأخير, حيث يتوزع الراتب بين هذا وذاك بلمح البصر, ويترك بعدها المواطن لعيشة الكفاف والستر وربما الإستادانة الى آخر الشهر. نأمل جميعا من دولتكم ايجاد الحلول المناسبة لكبح هذا الغول الذي ينهش راتب الموظف دونما رحمة. والى أن تحين الفرصة لظهور هذه الحلول نأمل إعادة النظر بالرواتب لمواجهة الغلاء.

ثانيا: الشفافية:

وهذه أحدى قنوات الإتصال مع الشعب. فأكثر مطالباتنا كمواطنين هو أن تضعنا الحكومة بالصورة فيما يجري بحيث لا يضطر المواطن الى إلتقاط الأخبار من محطات فضائية أو اقلام معينة يصورون الوضع كما يشاؤون. فالشفافية المصحوبة بالمصداقية من أعلامنا الرسمي هي لنا وجاء من الإعلام الخارجي, ولتثق الحكومة بأن الأردنيين القابضين على جمر غلاء الأسعار العالمي والمحلي سيكونون أكثر تفاهما لو ان المسؤول المعني صارحهم بحقيقة الوضع. وخير دليل على ذلك هو تفهم المواطنين لموضوع أرتفاع البترول ومشتقاته لأنه لم تحجب عنه المعلومة آنذاك. فالمواطن الأردني بشهامته المعروفه انما يطلب الحقيقة من إعلامه الرسمي ليقف الى جانب حكومة بلده ويساندها.

ثالثاً : الفساد:

هذا الورم الخبيث كثر الحديث عنه ولم نر الفعل, فكما يقول المثل نسمع جعجة ولا ترى طحنا. فكم سمعنا عن قضايا فساد انتهت كدوائر الماء في المياه الراكده فلم نسمع عن إجراء بحق هذا أو ذاك. وهنا قد يبرز قائل ليقول ان هناك الكثير من القضايا التي حكم بها القضاء, وهنا نسأل القائل بهذا ولماذا لم يعلن عن تلك القضية؟ ونحن هنا لا نتحدث عن إشاعات أو ما كان يقال اغتيال الشخصية. أن هذا الشخص الذي ثبت لدى القضاء مسؤوليته عن فساد معين أنما أرتكب فساده جهارا نهارا, فلماذا لا يتم الإعلان عنه؟ وهذا الإعلان هو أيضا من الشفافية.

نحن نثق في قضائنا العادل ولكن هناك بند خاص بمحاكمة الوزراء أو النواب وهو أن تحال القضية الى مجلس النواب أو الأعيان فإذا أدانته اللجنة تم تحويله الى القضاء واذا لم تدنه تعلن برائته. وهنا تدور الشكوك حول قدرة هذه اللجنة المكلفة بمناقشة قضية معينة اضافة طبعا لما يشوب هذا الوضع من شبهة حيت يثار السؤال "هل معقول ان تدين اللجنة أحد زملائها؟" وتحقيقا للعدالة يجب أن تكون هناك لجنة قانونية مختصة من خارج دائرة الزمالة والمعارف, ولا مانع من تشكيل هيئة قضائية مستقلة لمثل هذه القضايا وذلك ليس تميزا للمسؤولين عن باقي المواطنين ولكن طبعا من أجل الإستعجال: فقضايا الفساد يجب أن لا (تمطمط) الى سنوات. وهذا ما اشار اليه دولة الرئيس عندما زار ديوان المحاسبة.

رابعاً: سياسة الإسترضاء:

وهذه اشار لها دولة الرئيس في أول اجتماع له مع السادة الوزراء. ليس لدى الأردن الكثير من المال لتوزيعه استرضاء لهذه الكتلة أو تلك. إن العجز المالي بموازنة العام الماضي لم يشهده الأردن منذ سنوات. كذلك لا يوجد العديد من الشواغر بديوان الخدمة لإرضاء هذا المسؤول أو النائب أو غيره, واذا وجدت فهي حق لأصحاب الدور المنتظرين منذ سنوات للتعين.

إن أسواء انواع الإسترضاء هو ما كان يجري لمجلس النواب. فالجميع كان متابعا لهذه الإمتيازات والهبات للمجلس والكوتات التوظيفية والجامعية وكوتات الحج وكان من أطرف هذه الإسترضاءات الشيكات الموقعة باسم سعادة النائب ليوزعها على الطلبة الفقراء في منطقته الإنتخابية التي أثارت جدلا في ذلك الوقت ليس لغرابتها فحسب بل لعدم عدالتها كذلك, فالفقراء من أبناء العشائر قليلة العدد التي لا يحسب لها حساب بالأنتخابات لن ينالوا من هذه الهبات شيئا وستذهب هذه الشيكات الى (الفقراء طبعا) من ابناء عشيرته.

ان الإعتراض على سياسة الإسترضاء هذه هو اضافة لما ذكرت من عجز مالي وعدم العدالة فيها يكمن في أن الأسترضاء حلقة دائرية لا تتوقف ولا يستطيع المسترضي ان يوقف الدعم فجأة لأن الطرف المسترضى لن يرض عن وقف سيل الهبات والأعطيات وسيثور ويرغي ويزبد وربما يهدد بالويل والثبور وسحب الثقة. وهنا اذكر قصيدة شعرية باللغة الإنجليزية كنا ندرسها لطلاب التوجيهي في أواخر السبعينيات وأوائل الثمانينات تشخص الحال بالنسبة لكلا الطرفين, وهذا اسم القصيدة والرابط لمن أراد الدخول وقراءة القصيدة :

Dane-geld by Rudyard Kipling

http://jeffersonian.therealgunguys.com/danegeld.html

خامساً: مجلس النواب

وهذا الأمر يطول شرحة ويبدأ أولا من إصدار قانون انتخاب عصري يخرج لنا مجلسا عصريا. لا نريد أن نستبق تصورات الحكومة حول هذا القانون الموعود ولكننا مع أي قانون يخرج لنا مجلسا مختلفا عن المجلس السابق. أن قانون الصوت الواحد هو سبب مصائبنا برأيي الشخص المتواضع, فعندما نكون بمنطقة واحدة لها ثلاثة نواب فإن النواب الثلاثة يمثلونني وليس واحدا فقط, لذلك يجب أن يكون لي رأي بهم الثلاثة. نعم , نطلب من المواطنين أن يكونوا أكثر وعيا وينتخبوا الأفضل ولكن يجب أن تعينهم الحكومة على ذلك بقانون عصري يلبي طلباتهم, لأنه بدون تغير القانون الحالي فلن يصوت الشخص الا لمن هو من نفس العشيرة رغم عدم قناعته به أحيانا وذلك لأنه من " غزية أن غوت غويت وان ترشد غزية أرشد".

كلنا أمل يا دولة الرئيس بقانون انتخابي جديد يخرج لنا مجلس وطن لا مجلس عشائر فقط مع الإحترام والتقدير لكل عشيرة, ومجلس أفعال لا مجلس أقوال وخطب رنانة ومجلسا أقتصاديا لا سياسيا فقط. أتمنى أن اصل الى اليوم الذي أطرق فيه باب النائب فيهب لمساعدتي دون أن يقول لي انت من وين بلا صغرة.

هذه يا دولة الرئيس بعض من آمانينا بالعام الجديد وهي كما قلت ليست بالجديدة, نضعها بين يدي حكومتكم الجديدة بمناسبة العام الجديد, فهل هي صعبة المنال؟ هل سترى النور أم انها ستبقى مجرد أمنيات لدى المواطن تداعب خياله ويحلم بأن يراها على أرض الواقع؟ كلنا أمل بأن تتحقق هذه الأمنيات أو بعضها على يديكم لتبقى في سجلكم الناصع بإذن الله وليذكرها لكم الوطن والمواطن بكل خير.

أختم بالدعاء الى الله أن يوفقكم ويسدد على طريق الخير خطاكم لتكونوا عند حسن ظن قائد الوطن والمواطن بكم, ولتكونوا جميعا أهل العزم والهمة.

Alkhatatbeh@hotmail.com



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد