لماذا تتراجع المدارس الحكومية أمام المدارس الخاصة ؟

mainThumb

29-01-2010 12:00 AM

سليمان أبو شلذم
إن واقع المدارس الحكومية لا يسر صديقا ولا عدوا، فالأبنية قديمة متصدعة في أغلبها ولم يتم تحديثها منذ فترة طويلة كما أن الكثير منها يفتقر للتجهيزات المناسبة التي تتطلبها العملية التربوية الحديثة من حيث المختبرات العلمية والمشاغل المهنية ومختبرات الحاسوب والقاعات الرياضية المغلقة. هذا بالإضافة إلى كونها لا زالت نمطية التصميم ولا تتوافر فيها لا وسائل التبريد صيفا ولا وسائل التدفئة شتاء بحيث أصبحت بيئة غير جاذبة للطالب والمعلم معا. يضاف إلى ذلك أن الملاعب الرياضية غير مجهزة بالطريقة التي تمكن الطلاب من إظهار نشاطاتهم البدنية ومواهبهم وإبداعاتهم الرياضية بالطريقة المناسبة. كم أن اغلب هذه الملاعب لم تواكب في تصميمها التطوير من حيث النوعية. إذ لا زالت مخصصة لألعاب معينة وأغلبها غير آمن.

أما الغرف الصفية فحدّث ولا حرج. فهي مكتظة في بعض المدارس إلى درجة الاختناق. وألواحها قديمة متهرئة مملوءة بالحفر وغير صالحة للكتابة عليها. كما أن الطباشير المستخدمة ذات نوعية رديئة وغير صحية. كما أن النوافذ في الغرف محطمة أو أنها لا تفتح ولا تغلق بحيث لا تؤدي الغرض من وجودها لا صيفا ولا شتاء.

أما ثالثة الأثافي فهي المعلم نفسه والذي أصبح محبطا وغير قادر على العطاء بالطريقة المناسبة لأسباب كثيرة تم الحديث عنها في مقالات سابقة منها ما يتعلق بالأنظمة والقوانين التربوية ومنها ما يتعلق بالسلوك الطلابي المتردي والوضع المادي السيئ والقيمة الاجتماعية المزرية.

في المقابل نجد هناك انتعاشا واضحا في سوق المدارس الخاصة ، ونجد أن الإقبال عليها يزداد يوما بعد يوم رغم ارتفاع رسومها وقلة انتشارها بحيث أصبح بعضها متخما بالأعداد الأمر الذي انعكس ايجا يا على مخرجاتها بعكس ما هو الحال في مدارس وزارة التربية الحكومية. فكثرة المقبلين عليها أتاحت لها المجال لممارسة الانتقائية في اختيار طلابها وبالتالي ظهرت نتائجها مبهرة مما زاد الإقبال عليها. يضاف لذلك الكثير من الخدمات التربوية وغير التربوية التي تقدمها للطالب بالإضافة إلى البيئة التدريسية الآمنة رغم أن وضع المعلم فيها لا يختلف أكاديميا أو ماليا عن صنوه في المدارس الحكومية بل ربما كان المعلم في المدارس الحكومية يتمتع بخبرات أفضل.

إن المدارس الخاصة عبارة عن مؤسسات أو شركات استثمارية ربحية لذلك فإن من المهم جدا بالنسبة للمساهمين فيها أن تكون مخرجاتها التعليمية على درجة عالية من الجودة حتى يزداد الإقبال عليها. وهي تلجأ إلى أساليب متعددة للمنافسة مع المدارس الحكومية وبأساليب غير سليمة أحيانا. ومع ذلك فقد تبوأت المراكز الأولى في العقد الأخير على الأقل في نتائج طلابها التربوية وغير التربوية بل أن ميزانيات بعضها تساوي ميزانية مدارس بعض المديريات الحكومية مجتمعة.

لقد لعب استخدام وسائل التربية الحديثة التي تتوافر في المدارس الخاصة دورا كبيرا في استقطاب الطلبة المتفوقين. كما أن الاستخدام المبرمج للحاسوب والإنترنت والألواح الذكية Smart board وأجهزة العرض Data Show وغيرها من الأجهزة الحديثة ووسائل التدريس والأنشطة الصفية واللاصفية المساندة للعملية التربوية إضافة إلى وسائل التعليم عن بعد دورا بارزا في جعل المقارنة بين المدارس الحكومية والخاصة تميل بشدة لصالح الأخيرة. وبما أن التعليم مثل التجارة فان الإقبال سيكون على البضاعة الأفضل.

وقد لعب الوضع المتردي في المدارس الحكومية دورا بارزا في زيادة الإقبال على المدارس الخاصة حيث استقطبت هذه المدارس أبناء علية القوم ابتدءا ثم من يليهم ويليهم حتى وصل الأمر إلى الفقراء. كما أن المدارس الخاصة أصبحت تضم أبناء أصحاب القرار التربوي وغير التربوي والذين وبطريقة ما لم يعد يهمهم وضع المدارس الحكومية كثيرا ما دام قد تم تأمين أبناءهم في بيئة تربوية سليمة . وهكذا فقد سحبت المدارس الخاصة البساط عنوة من تحت أقدام المدارس الحكومية.


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد