ارتجالية القرار وديكتاتورية التنفيذ

mainThumb

03-03-2009 12:00 AM

يقال أن القرار الحكيم المدروس هو الذي يتخذ بعد ترو وتمحص في دراسة مستفيضة لخطة موضوعة حول امكانية التطبيق بحيث تكون ثغراته قليلة بل وتكاد تكون معدومة فلا أخطاء متوقعة ولا سلبيات مهما كانت بسيطة فإن دقة التخطيط السليم من اجل اتخاذ القرار الصحيح تكون الدقة والموضوعية في اتخاذ القرار نابعة من ادارة واعية لها صولات وجولات في فن وضع ما هو مناسب في ميدان التطبيق بحيث يكون متوسط احتمالات الربح موجبا بالتاكيد و تكون محصلة الفشل سالبة لأن القرار اتخذ بعد تجارب تطبيق ناجحة وتكون اليد مليئة تماما من نتائجها في ميدان العمل وما هو معلوم بالضرورة في علوم الادارة والتخطيط ان الادارة ذات الثقة هي التى تتخذ القرار المناسب الحكيم والمدروس والصائب بعد التأكد من صلاحية تطبيقة حتى يثق فيه الاخرون ويثقون كذلك في واضعيه .

ولا بد من مرور القرار في خطوات معروفة لذوى الاختصاص تشتمل هذه الخطوات بعد الدراسة والاستشارة على مرحلة التطبيق التجريبي على فئة منتقاة ممكن سيشملهم القرار حتى ان كان فيه اي خلل لا يعمم ولا تكون الخسارة فيه كبيرة بل تكون محدودة ويمكن جبرها حينئذ وكثير من القرارات لا تتخذ الا بعد دراسة استفتائية تكون على صورة استبانة جماهيرية تطرح على من سيشملهم اثر القرار وهذا طبعا نوع من انواع الشورى وما خاب من استشار .

وهنا أود ان اتطرق الى ما طرح في الآونة الاخيرة بخصوص قرارالعمل والعمال الجديد حيث حدد الراتب الادنى بمئة وخمسون دينارا حيث وضع بصورة ارتجالية من فوق المكاتب دون ان يكون له في الواقع اي تطبيق ، كلنا يؤيد رفع الحد الادنى لأجر العامل وذلك للصالح العام وكما علمنا في الصحافة ان القراراتخذ دون ان يكون اثره واقعا على بعض الشركات الاجنبية في دولتنا ثم بعد ذلك عدل القرار كي يشمل جميع الشركات الاجنبية ، وهذاالتعديل لهو اكبر دليل على التخبط الأعمى في اتخاذ القرار وإقراره دون دراسة او تطبيق وانه اتخذ من على طاولة المكاتب دون ان يكون له اي صلة او ارتباط بميدان التطبيق في الحياة العامة وبالطبع ستكون هناك دكتاتورية وتسلطية واجبارية في التطبيق حتى لو أدى ذلك الى فشل ذريع وخسارة جمة وفساد واضح المهم ان ينفذ واضع القرار رأيه بدراية او لا دراية بواقع الحال والاحوال ( ان كنت لا تدري فتلك مصيبة او كنت تدري فالمصيبة أعظم ) .

ترى لو تساءلنا كيف يطبق القرارعلى العاملين في المدارس الخاصة بمنتصف العام الدراسي والذين لديهم عقودا مدتها عام دراسي والعقد ملزم للطرفين والأجدى والاحرى بوزارة العمل أن تكون قد ابلغت مثل هذه الهيئات التعليمية قبل اجراء العقود فيها في بداية العام الدراسي او ان تؤجل التطبيق عليها الى العام الدراسي المقبل وتكون الشهورالمقبلة هي فترة دراسة مستفيضة لنفس الهيئات لمعرفة حالتها وتحسن تدبير امورها بالصورة المثلى لا أن تكون في ورطة كقول الشاعر ( ألقاه في اليم مكتوفا وقال له إياك إياك أن تبتل بالماء ) .

وسؤال يطرح على وزارة العمل هل قرارها هذا يفض العقود التي ابرمت بين المدارس الخاصة والعاملين بها هل هذا القرار يفند النص القانوني ( العقد شريعة المتعاقدين ) وان كان كذلك يفند النص القانوني فالدستور كفل النصوص القانونية واعطاها قوة اكبر بكثير من قوة مثل هذه القرارات لأننا دولة دستورية تكفل للجميع ان يكون آمنا في سربه من قرار متخبط ينفع ثلة او جهة ويحقق مآرب فردية ولو كانت مصالح معنوية دون المادية ؟

ترى هل تتحمل وزارة العمل فرق الأجور التى تفرض لصالح العاملين والتى تسبب عجزا في موزانات مثل هذه المؤسسات ؟هل من اتخذ مثل هذا القرار يعرف واقع الميدان ام أنه اتخذه في لحظة نرجسية غير ناظر باثرالقرار على الآخرين او لهم .

كان من الأجدى على وزارة العمل لوعملت استبانة او وضعت القرار او اتخذته على ان يطبق بعد مدة معينة ولتكن سنة او نحو ذلك. حتى تستطيع كل جهة ان تدرس واقع حالها وتدبر امورها .

فعلى سبيل الذكر لا تستطيع المدارس الخاصة الآن ان تفرض رسوما اضافية على الطلاب لان كل ولي امر سيقول انا ملتزم بعقدي مع المدرسة والعقد شريعة المتعاقدين وايضا كل ولي امر خطط ميزانيته على هذا ... وعلى الفور لو تدخل القضاء هنا سيؤيد ولي الامر ياترى كيف سيكون موقف القضاء لو تمسكت المدرسة الخاصة بنص العقد المبرم بين المدرسة والعاملين بها وبالطبع ستتدخل وزارة العمل لصالح العاملين ضاربين بنص القانون ( العقد شريعة المتعاقدين)عرض الحائط ويكون هذا النص في هذا الموقف غير قابل للتطبيق ترى متى نتخذ قرارات حكيمة مدروسة دراسة مستفيضة نتطرق الى كل الجوانب ذوات الصلة بحيث يكون القرارمنصفا للجميع خاليا من الثغرات التى ضررها اكثر ولا تخدم الا القلة...

دوما هذه حال القرارات الطارئة المرتجلة خطأها اكثر من صوابها في معظم الاحوال وخسارتها دوما مؤكدة لا شك في ذلك حيث يجبر الآخرين الذين سيطبق عليهم القرار بأسلوب تسلطي دكتاتوري للالتزام ببنوده و حيثياته دون اعطاء هؤلاء أي فرصة أو فسحة كي يفكروا أو يتأملوا هذا القرار ودراسة آثاره ايجابيا او سلبيا لأن القرار وضع موضع التطبيق والالزام بل والإجبار دون وجود اي مجال للرفض أو الإعتراض وصار القبول المرغم ترى هل درس واضع القرار أحوال الأسر الريفية التي تدرس ابناءها ببضعة دنانير شهريا حسب مستوى دخلها أم أن هذه الخطوة ترمي الى اغلاق المدارس الخاصة القروية والبسيطة واقتصارالدراسة الخاصة على ابناء الحظوة والذوات في بعض الاحياء من المدن الكبيرة ؟.

ترى هل درس واضع القرار أنه في مثل هذه الحال ستعود هؤلاء المعلمات الى كهف البطالة في البيوت وبالتالي زيادة العبء على اسرهن حيث بأقل تقدير كن يصرفن ويقمن على انفسهن ؟ هل واضع القرار استشار وزارة التربية والتعليم أو وضع في الحسبان كم العدد الذي سيرفد الى مدارس الحكومة من المدارس الخاصة وهل وزارة التربية والتعليم وضعت خطة لإيجاد مبان تتسع الى هذه الاعداد أم انه قرار وحسب؟ هل وضعت وزارة التربية موازنة مالية لتوفير الكتب المدرسية والمعلمين والاثاث المدرسي الذى يتكفل بتلك الاعداد من الطلاب فالتخطيط الصحيح هو اساس النجاح ترى أم اني مخطىء في قولي ؟ ترى اين وزارة التخطيط من مثل هذه القرارات؟ ام انها تخطط بأقلام بيضاء على ورق ابيض ؟ هذا ولو جلسنا مع واضع القرار او متخذه للحوار والمناقشة فلن تجد اليه سبيلا من الاقناع او الاقتناع حيث سوف تأخذه العزة بالإثم ويشدد على الإلتزام بالقرار معتبرا نفسه انه الأفهم والأعلم والأذكى والأجدى والأكفأ وأنه في قرارة نفسه واعتباراته الشخصية انه لو تراجع عن قراره سيعتبر هذا الامر مثلبة ونقيصة فيه حيث يظن انه اعلى من ان يكون عليه حسيب ورقيب ومصلحة العامة ليست بأهم من مصلحته الشخصية متى نترفع الى المقام الأعلى والأسمى لمصلحة الوطن وندوس على مصالحنا واطماعنا الشخصية وتكون وطنيتنا سامية راقية



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد