المجرم والبريء في محكمة العدل الدولية

mainThumb

07-03-2009 12:00 AM

مذكرة التوقيف التي صدرت بحق الرئيس السوداني البشير بتهمة الضلوع بجرائم حرب كانت لها نتائج على المستوى السوداني المحلي والعربي والدولي , بعض المحللين السياسيين أعتبر أن المحكمة الدولية تخول لنفسها إصدار أحكام ومذكرات توقيف بشكل فردي والبعض الأخر رأى أنها سلاح الولايات المتحدة الخفي ونتاج مؤامرات إستعمراية تهدد السودان ممثل برئيسه البشير لتحقيق أطماع سياسية مع الأخذ بعين الإعتبار الإقتصادية منها.

الحديث عن المحكمة وقوانينها وإختصاصها شأن خبراء القانون الدولي , لكننا إذا نظرنا إلى نتائج القرار نجد أن محكمة العدل الدولية قراراتها ليست دولية بل تنطوي على منطق متحيز لا ينطبق عليها إسم " العدل الدولية" فالعدل يجب أن يحاكم كل من قتل إنسان وشرد شعب ودمر وطن, لكن يبدو أننا أصبحنا نعيش في قانون القوي يأكل الضعيف و المجرم بريء والبريء مجرم يجب توقيفه.

كما أن الرئيس البشير الذي تنتمي بلاده لمنظمة المؤتمر الإسلامي والإتحاد الإفريقي وجامعة الدول العربية والتي عبرت عن "قلقها" فقط من مذكرة التوقيف ما زالت هذه المنظمات في تخبط لا تجد جواباً سياسيا أو حتى تعامل دبلوماسي مع هذا القرار من المحكمة الدولية بل هذه المذكرة أصبحت تبشر بمستقبل غامض أكثر من الغموض التي هي غارقة فيه فمن يصدق أن ثلاث منظمات تمثل الوطن العربي والإسلامي والإفريقي غير قادرة على منع المحكمة من العشوائية والإنتقائية في قراراتها التي تطال كل عربي ومسلم وتتجاهل الرئيس السابق بوش وشارون وأولمرت وليفني وغيرهم الكثير ممن كان لهم باع طويل في عمليات القتل والتهجير وتدمير البلدان العربية بدون وجه حق.

إن قرار توقيف الرئيس السوداني ليس موجه له شخصياً , فالكل يعرف أن هذا القرار والذي سوف يدعمه مجلس الأمن وبعض الدول المجاورة للسودان والتي لها علاقات عدائية معه سوف ينشر حالة الفوضى في هذا البلد المهدد أصلا بالإنقسام الى دويلات شمالية وجنوبية وأقاليم صغيرة.

إن المثير للدهشة أن بعض الدول الغربية والولايات المتحدة تساند أي قرار يدين العرب من قبل المحكمة الدولية التي تحركها القوى العظمى لكننا لم نسمع المجتمع الدولي أو حتى هذه المحكمة أنها أصدرت قرارات توقيف بحق بوش الذي إقترف مجازر في العراق وأفغانستان , وشارون في صبرا وشاتيلا وجنين , واولمرت في قطاع غزة , أو محاكمة بعض القادة الروس عما فعلوه في الشيشان, والإيرانيين وجرائمهم بحق عرب الأحواز. لكن يبدو أن هناك أمر خطير وراء هذه المحكمة وقراراتها فاليوم السودان وتقسيمه وغدا الوطن العربي لتقسيمه أكثر وأكثر.

وإذا كانت الدعوى التي أقيمت على الرئيس السوداني البشيربحجة الإضطهاد الديني أو العرقي للأقليات الغير عربية أو حتى غير الإسلامية فعلى العرب والوطن العربي السلام , فهناك أكراد في العراق وهناك أقباط في مصر وهناك أمازيغ في بعض الدول العربية في شمال أفريقيا.

إذاً, إن الذي ينطبق على السودان اليوم ربما ينطبق على كثير من الدول العربية بحجة " العدالة " والعرب مكتوفي الأيدي.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد