ماراثون الحوار الفلسطيني .. إلى أين ؟!!!

mainThumb

11-03-2009 12:00 AM

 

ليس فينا ولا منا ولا بيننا ، من يقف موقف المعارضة أو العداء للوحدة الفلسطينية الداخلية ، أو لجهود الحوار المبذولة لتعزيز هذه الوحدة وحمايتها وتفعيلها لما فيه مصلحة الشعب والوطن والقضية ، فالوحدة الفلسطينية من الثوابت الوطنية التي كانت ولا زالت تشكل الدرع الواقي والسياج الحامي لمسيرة النضال والكفاح من أجل الحرية والإستقلال ، والحوار الوطني البناء منهج من مناهجنا النضالية والإجتماعية والسياسية التي نعتز ونفتخر بها ولا نستغني عنها في تقييم آدائنا وسلوكنا وعلاقاتنا الوطنية ، ومهما إختلفنا وتصارعنا فيما بيننا وتباعدنا وقسونا على بعضنا البعض ، يبقى الحوار والمصالحة هما اللغة الوحيدة لحل خلافاتنا وإنهاء صراعاتنا ، ومن خلاله نستطيع الإتفاق والتوافق على قواسم مشتركة تزيل القسوة والجفاء والإنفصال بيننا .

ومع إنطلاق ماراثون الحوار الفلسطيني الثلاثاء 10/3/2009 ، وبالعودة إلى جولاته التمهيدية السابقة ، تتزايد يوميا التخوفات والتوقعات المتعلقة بآفاق هذا الحوار وتفاصيله وإمكانية نجاحه في تحقيق آمال وطموحات الجماهير الفلسطينية ، التي خيبت آمالها أكثر من مرة بسبب محطات الفشل التي مر بها سابقا !!! ولا يوجد ما يبرر إخفاء حقيقة وجود تخوفات منطقية وواقعية في هذا الحوار بسبب التفاصيل المعقدة التي من المتوقع أن يصطدم بها عند شروع لجانه ببحث الإشكاليات الدقيقة والحساسة للوضع اليومي والأمني في قطاع غزة من ناحية ، ولمدى إستعداد حركة حماس بقبول الشروط الدولية والإلتزام بمباديء إتفاقيات السلام التي وقعتها منظمة التحريرالفلسطينية من ناحية أخرى .

إن إستمرار السيطرة العسكرية والأمنية والمؤسساتية على قطاع غزة من قبل حركة حماس ، وما ينجم عن هذه السيطرة من سلوكيات وإجراءات يومية - لا زالت قائمة - بحق المواطنين بشكل عام وعناصر الأجهزة الأمنية وحركة فتح بشكل خاص ( كفرض الإقامات الجبرية عليهم ومواصلة ملاحقتهم وإعتقالهم ، وتفعيل الإعلام الحمساوي وتوجيهه ضد قيادات حركة فتح والسلطة الفلسطينية وفي مقدمتها الرئيس الفلسطيني محمود عباس ) لا يمكن أن تساهم في إنجاح عمل لجان الحوار والمصالحة التي تدعو حماس إلى ضرورة تكاملها وترفض تجزأتها وفصل مساراتها .

وفي ظل التمسك بمبدأ التكاملية والتعامل مع عمل اللجان كرزمة واحدة ، من حق البعض أن يتساءل إن كان هناك أولوية للجنة على لجنة أخرى ؟ وأي هذه اللجان ستكون الأهم والأسهل لتحقيق التوافق والإتفاق ؟ هل لجنة تشكيل الحكومة هي الأهم وهي التي تحظى بالأولوية ، أم لجنة الأمن ، أم لجنة منظمة التحرير ؟! وعلى فرض أن لجنة تحقيق المصالحة قد إختلفت على موضوع سيطرة حماس العسكرية وممارساتها اليومية ، هل سيؤثر ذلك على نقاشات لجنتي الأمن والحكومة ؟!!

وفي حال لم تتوصل لجنة الأمن إلى إتفاق حول الأجهزة الأمنية للسلطة الفلسطينية والأجهزة التي شكلتها حركة حماس ، وتلك الأذرع التي تشكلت منذ الإنقلاب العسكري ، ومجموعات المقاومة وحول السلاح الذي بحوزة كل هذه التشكيلات ، هل سيؤثر ذلك على لجنة تشكيل الحكومة ولجنة منظمة التحرير الفلسطينية مثلا ؟!! وقد يتسائل آخرون عن الفترة الزمنية الممنوحة للجان الحوار الخمس كي تتفق ، وهل باب الإتفاق سيكون مفتوحا وغير محدد بفترة زمنية ؟!! بحيث يتم الشروع في تشكيل حكومة توافقية جديدة – كما هو مطروح – وتستمر اللجان في نقاشاتها ، لا سيما أن النقاشات في لجنتي منظمة التحرير والأمن ستكون هي الأصعب والأطول .

وهنا يثار سؤال مهم ، هل المطلوب من الحوار هو إنجاز تشكيل حكومة جديدة ترتب للإنتخابات التشريعية والرئاسية وتشرف على إعادة إعمار غزة ؟! أم أن المطلوب هو أبعد من ذلك بكثير ويتمثل بإنهاء حالة الإنقسام والإنفصال التي خلقها إنقلاب حركة حماس ؟!! وعلى فرض أن الحكومة قد تم تشكيلها بموافقة الجميع – وهذا ما سيحصل - هل يا ترى سيسمح لها بالعمل بشكل حر ومستقل ومهني (ماليا وسياسيا وإداريا وأمنيا ) في القطاع الخاضع لسيطرة حماس ؟!! أم أنها ستكون عرضة لإستقواء وتدخل الأذرع المسلحة في عملها ، وسيتم تقي إجراءاتها وسياساتها ولربما الإنقلاب على قراراتها وتوجيهاتها ، إن لم تنل رضا وموافقة القوة المسيطرة على كامل قطاع غزة ؟!!

التساؤلات والتخوفات عميقة وكبير بحجم ماراثون الحوار الصعب والشائك ، ويبقى الأهم والمفيد أن يدرك المشاركون فيه حقيقة وأهمية الأهداف والمصالح الفلسطينية الوطنية التي تتعارض مع نهج المحاصصة والفئوية الضيقة والتدخلات الخارجية ، وأن حماية وصون هذه المصالح والحفاظ على منجزاتها الوطنية يتطلب إنهاء حالة الإنقسام والإنفصال بين شطري الوطن بالضفة وغزة وبكافة أشكاله السياسية والجغرافية والإجتماعية والإدارية والمالية ، وأن الحوار كي يكون حوارا وطنيا شاملا ويؤدي إلى مصالحة قوية لا بد أن يعالج الوضع القائم في قطاع غزة من جميع النواحي والأبعاد .



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد