الجيش العربي يحقق ذاته محلياً ويتجه نحو العالمية

mainThumb

17-02-2010 12:00 AM

العميد الركن المتقاعد محمود دايج الخرشه

بدايات متواضعة لقواتنا المسلحة مع بزوغ أول فجر لثورة العرب الكبرى، هذه الثورة التي لولاها ما اندحر الظلم وما انتصر الحق قادها سيد الأحرار وشيخ الثوار الحسين بن علي.

بها زال الاستعمار ومنها كانت بدايات الاستقلال وكانت حافزاً وداعياً للإقتداء بنهجها ورسالتها من قبل غرب وطننا العربي الكبير وشرقه وحتى أقاصي خليجنا العربي منها انتشرت عدوى الرغبة في التحرر والانعتاق بدأت من الحجاز ولم تنتهي في بلاد الشام .

ونظراً لشمولية دور قواتنا المسلحة وعدم اقتصار مهامها داخل حدود الوطن ارتأى قائدها الأعلى سمو الأمير عبد الله بن الحسين آنذاك الملك المؤسس أن يطلق عليها اسم الجيش العربي وكان ذلك في العام 1944 ليربأ بها عن الانعزال.

فكانت بحق كما أراد لها قائدها الأعلى رافدا للجيوش العربية في العراق واليمن ولبنان وكافة الأقطار العربية.

بعدها قام الملك طلال بن عبد الله في ترسيخ النهج القومي على الرغم من قصر مدة ولايته إلا أن البصمات واضحة في تواتر تطور بناء القوة العسكرية القادرة على تحقيق مهامها في الدفاع عن ارض الوطن من أي اعتداء خارجي.

وفي عهد الحسين العظيم الحسين الباني طيب الله ثراه كانت القوات المسلحة حاضرة دوماً في وجدانه فهي منه كالروح في الجسد وهي منه محط الاهتمام ومبعث الافتخار كان يريدها جيشاً لكل العرب واصفا إياها بأحد فيالق الأمة العربية وكان ينعتها تكراراً في كتب التكليف السامية لرؤساء الوزارات خلال فترة حكمه بسياج الوطن و درع البلاد وحصن العروبة إيماناً منه بالدور العربي لهذا الجيش.

وبعناية الخالق سبحانهً ثم بقيادة آل هاشم الأخيار أشراف الأمة وقادتها وبهمة النشامى مرتبات الجيش العربي وشعبها الواعي تحقق الأمن الوطني الشامل في أردننا الحبيب وغدا الأردن واحة للأمن والاستقرار في قلب عالمٍ ملتهب تتقاذفه الصراعات وأصبح وطننا محط أنظار قادة العالم من حولنا سواءً السياسيون منهم أو الاقتصاديون .

سألني أحدهم يوماً في احتفال أقامته قيادة الأمم المتحدة في ليبيريا بمناسبة يوم الأمم المتحدة عن سرّ استقرار بلدكم الأردن وسط منطقة جلُّها إن لم يكن جميعها ملتهب؟ فأجبته هي ثلاثة عناصر: أولها عناية إلهيه إكراماً لبيت ألنبوه وثانيها قيادة معتدلة حكيمة وثالثها جيش وشعب ليس لهم ولاءات مزدوجة يلتفون حول القيادة ويحبون آل البيت.

بعد تحقيق ذاتها على الصعيد المحلي انطلقت قواتنا المسلحة إلى أفقها الواسع وهو البعد القومي الشامل الذي أراده لها قادتها من آل هاشم الأطهار فقد ساهمت بالمحافظة على الأمن في دولة الكويت الشقيق بعد استقلالها مباشرة في العام 1961 وشاركت العراقيين تدريباتهم والسوريين في جولانهم الجريح . والفلسطينيون في أقصانا الشريف وفي اليمن شهود لهذا الجيش بالكفاءة والاقتدار.

وما الذي سبق ذكره من الأراضي العربية التي وطئتها قدم الجندي الأردني في الجيش العربي إلا غيضُ من فيض فلا أعتقد إن بقعه في أرض العروبة إلا مرّ?Z بها من إعتمر الطاقية التي تحمل شعار الجيش العربي أو احتضنت أحد جثامين شهداء الجيش العربي أو سالت على أرضه دماءاً زكيه كانت تسري في عروق واحد من جنود الجيش العربي.

(( وهكذا تكرس دور هذه القوات ليكون مدافعاً عن دنيا العروبة والإسلام ، هذا الدور الذي ح?Zملّ?Zته إياه الأمة العربية من خلال ممثليها في الجامعة العربية للدفاع عن حقوقها ومقدساتها وللحفاظ على شعلة عقيدتها وأمانيها القومية))(1).

كما أراد لها الملك المعزز عبد الله الثاني أن تبقى هذه القوات أردنية الانتماء هاشمية الولاء قومية الاهتمام وإنسانية الطبع والخصال فواصل درب الآباء والأجداد من آل هاشم في دعم قواتنا المسلحة (الجيش العربي) فانتسب إليها قائداً ميدانياً شاركها حلاوة الأيام ومرُها حتى غدا الأقرب إلى نبض قلوب منسوبيها إلى أن أصبح قائدها الأعلى تأتمر بأمره وتلتف حول قيادته الحكيمة ولم يأل جهداً في تطويرها وإعدادها حتى غدت قواتنا المسلحة تضاهي مثيلاتها في بعض الدول المتقدمة إعداداً وتسليحاً .

هكذا أراد الهاشميون لقواتهم المسلحة (الجيش العربي) أن تكون. ليست أردنية فحسب ولا عربيه فقط بل عالمية النظرة وإنسانية الهدف والمحتوى . ولما للسمعة الطيبة للجيش العربي في محيطه الإقليمي من الصدى الواسع عالمياً جاءت رغبة الأمم المتحدة في العام 1989م بأن يشارك الجيش العربي في قواتها المنتشرة في بؤر الصراع في العالم فتقدمت بطلبها من القيادة الأردنية للمشاركة بقوات حفظ السلام الدولية كمراقبين دوليين في أنغولا وقد لقي هذا الطلب ترحيباً وموافقة من القيادة الأردنية وأرسلت الأردن بسبعة ضباط للمشاركة زاد عددهم فيما بعد إلى خمسة عشر ضابطاً.

وتوالت المشاركات ثم زاد عدد قواتنا المشاركة حتى أصبح في بعض المهام القوة الثانية في ذلك البلد من حيث تعداد القوات .حتى قيض لهذا الجيش أن يتسلم ضباطه قيادة القوات الدولية ألعامله في كرواتيا وبعدها في اريتريا.

وها هو الجيش العربي ينتشر في شتى بقاع العالم من هاييتي غرباٍٍٍ مرورا بساحل العاج وكرواتيا والسودان وليبيريا والكونغو إلى تيمور الشرقية ونيبال ‘ليقوم منسوبيه بنشر السلام والأمن الذي ينعمون به في وطنهم إلى كل بقاع الدنيا ليشاركهم أبناء جنسهم لذة الأمن ،حاملين معهم مبادئ الثورة العربية الكبرى ومضامين رسالة عمّان الخالدة في الوسطية والعدل والاعتدال.بصماتهم واضحة وذكراهم العطرة ماكثة بعد مغادرتهم، ينهلون من الغير ثقافة ويبادلونه مكانها أمنا وسلاما.

وما قوافل الشهداء الذين رووا بدمائهم ارض الإنسانية إلا شاهدا لهم بالقدرة على تقديم اعزّ ما يملكون، أرواحا زكيه في سبيل الدفاع عن الحرية والسلام وكرامة الإنسان.

dayijbn@yahoo.com

........................

(1) كلمة جلالة المغفور له الملك الحسين بن طلال في دورة الضباط /4 في الكلية الحربية الملكية 2/11/1965 م.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد