معركة الوعي الاقتصادي
في صمت المجتمعات، حيث تبدو الحياة طبيعية، تدور أعمق المعارك وأكثرها تأثيرًا: معركة بين ثقافتين. الأولى تُنتج وتزرع وتصنع، والثانية تستهلك وتستورد وتنتظر. هذه ليست معركة بين الفقر والغنى، بل بين نمطين ذهنيين، ومشروعين متضادين لبناء المستقبل. وللأسف، تميل كفّة الميزان في العالم العربي منذ عقود إلى ثقافة الاستهلاك، التي تسللت إلى عمق الوعي، حتى أصبحت نمط حياة مقبولًا، بل ومطلوبًا.
إن الثقافة الإنتاجية لا تبدأ من المصانع، بل من العقل. من فكرة أن العمل والإنتاج ليسا مجرد وسيلة لكسب المال، بل تعبير عن الكرامة والفاعلية والوجود. بينما ثقافة الاستهلاك تُربّي الفرد على أن الحلول تأتي من الخارج، وأن القيمة تكمن فيما نشتريه لا فيما نُنتجه، وأن السوق أهم من المزرعة، والمتجر أسبق من المصنع.
تشير إحصائيات المنظمة العربية للتنمية الزراعية إلى أن مساهمة الزراعة في الناتج المحلي الإجمالي للدول العربية انخفضت من 12.7% في عام 1995 إلى أقل من 5% في عام 2022، بينما تقل مساهمة الصناعة التحويلية عن 10% في العديد من الدول العربية، في مقابل نمو القطاعات الخدمية والاستهلاكية. هذا الانحدار ليس رقميًا فقط، بل ثقافي أيضًا، يعكس نمطًا عميقًا من إهمال الإنتاج وتقديس الاستهلاك.
في الأردن، تشير بيانات التجارة الخارجية لعام 2023 إلى أن العجز التجاري تجاوز 10 مليارات دولار، بسبب استيراد ضخم للمواد الغذائية والسلع المصنعة، مقابل تصدير محدود. وهذا يُضعف الأمن الاقتصادي، ويجعل الدورة المالية الوطنية ناقصة وغير مستدامة.
لكن الصورة ليست سوداء بالكامل. فهناك نماذج أردنية مشرقة تثبت أن الإنتاج المحلي قادر على المنافسة، إذا توفرت له البيئة المناسبة. من هذه النماذج: شركة "جنة التمور الأردنية"، التي بدأت كمشروع زراعي بسيط في وادي الأردن، واستطاعت خلال أقل من عقد أن تصبح من أبرز شركات تصدير التمور العضوية عالية الجودة إلى أوروبا وآسيا. اعتمدت الشركة على العمالة المحلية، والتقنيات الحديثة في الزراعة والتغليف، وربطت المنتج الأردني بالأسواق العالمية دون وسطاء.
مثل هذه التجارب تثبت أن العودة إلى الإنتاج ليست حلمًا طوباويًا، بل خيار استراتيجي ممكن، إذا أعيد الاعتبار لقيمة العمل والإنتاج، وإذا ما توفرت سياسات ذكية في التمويل والتصدير والدعم.
لكن المشكلة لا تقتصر على السياسات الاقتصادية، بل تمتد إلى التعليم، والإعلام، والثقافة العامة. الإعلام العربي، في مجمله، يُكرّس ثقافة "البرستيج الاستهلاكي"، ويُروّج للنموذج الغربي في الاستهلاك دون نقد. التعليم يفصل الطالب عن المهارات الحقيقية للإنتاج، ويُهيّئه لسوق وظيفة لا مكان فيها للابتكار الصناعي أو الريادة الزراعية.
نحتاج إلى خطاب جديد يُعيد الاعتبار للمزارع، للحرفي، للعامل، ويمنحهم المكانة التي يستحقونها. نحتاج إلى أنظمة تعليمية تُربّي على الاكتفاء لا التبعية، وعلى الابتكار لا التقليد، وعلى احترام القيمة المنتَجة لا المستورَدة.
ولنا في تجارب دول مثل فيتنام وتركيا عبرة؛ حيث استطاعت فيتنام أن تتحول من مستورد إلى مُصدّر عالمي خلال 30 عامًا فقط، من خلال بناء قاعدة إنتاجية مرنة، واستثمار واسع في التعليم الفني، والتشبيك مع الأسواق الكبرى دون التنازل عن الذات الوطنية.
ما تحتاجه الدول العربية ليس فقط إصلاحًا اقتصاديًا، بل إصلاحًا في الوعي الجمعي. نحتاج إلى إعلام يُقدّر المنتج المحلي، إلى تعليم يُعيد الاعتبار للحرف والمهن، إلى قوانين تمنح الأولوية في الشراء والتعاقد والإنتاج للداخل، لا للخارج.
إنها معركة طويلة، لكن لا يمكن لأي مشروع نهضوي أن يقوم على التبعية. فالثروة التي تُستهلك لا تصنع مستقبلًا، لكن الثروة التي تُنتج تصنع الإنسان وتبني الوطن.
سالم الدوسري أفضل لاعب في آسيا للمرة الثانية
سبوتيفاي تطور أدوات ذكاء اصطناعي تراعي الملكية الفكرية
مهم بشأن اتفاق غزة وانتشال جثث المحتجزين
تفاصيل الحالة الجوية في المملكة
القوات المسلحة تتسلم مساعدات طبية تشيكية لغزة
الأردنية: فصل نهائي بانتظار طلبة شاركوا في المشاجرة الجامعية
ولي العهد ورئيس الوزراء البريطاني يؤكدان عمق العلاقات بين البلدين
روسيا: ملتزمون بدعم القضية الفلسطينية لتنفيذ حل الدولتين
شهيدان برصاص الاحتلال في جنوب الخليل وبلدة قباطية
الأردن يشارك في احتفالية يوم الوثيقة العربية بالدوحة
غارات إسرائيلية عنيفة على جنوب لبنان
فرنسا وبريطانيا تنهيان خطط إرسال قوات إلى غزة
ترامب يعلن بأنه سيلتقي بوتين في بودابست
تفسير حلم الامتحان للعزباء في المنام
عائلة الدميسي تستنكر تداول فيديو الجريمة المؤسفة
وظائف شاغرة ومدعوون للمقابلات الشخصية .. أسماء
قرار حكومي مهم بشأن الحجز على أموال المدين
دلالة رؤية ورق العنب للعزباء في المنام
اكتشاف جيني يمهد لعلاج جذري لمرض السكري
النقل البري تتعامل مع 17 ألف راكب يومياً في معان
وزارة الأوقاف تغلق مركز الإمام الألباني للدراسات والأبحاث
موعد عرض الموسم الجديد من ذا فويس على MBC
من هو رئيس مجلس النواب المقبل .. أسماء
41 دار نشر أردنية تشارك في معرض النيابة العامة الدولي للكتاب في ليبيا
دب يهاجم سيدة أثناء سيرها بالشارع .. فيديو
نموذجية اليرموك تحصد ميداليات بأولمبياد الأمن السيبراني للناشئين