تكفيه الإشارة

mainThumb

16-02-2010 12:00 AM

أحمد مشرّف الحراحشه

والله لو تدرون ! من الذي ألح علي للكتابة هذه المرة ؛ لأصغيتم بكل جوارحكم ، ولفاضت مآقيكم بالدمع الساخن ؛ لأنني أعرف طهر نفوسكم ومقدار حبكم له ...

والله لو تدرون ! من الذي وشوش بخاطري في الهزيع الأخير من الليل ، وأنا أسمع نبض قلبه ؛ لما سعى واحد منا إلى واحد يطلب مغرما ... من يكون يا ترى !! يا أهل القيافة والعيافة والفطنة . إنه الوطن الغالي .

أن يكون لك وطن تأوي إليه ، وتتذكره كلما حزبك أمر خير من كنوز الدنيا وما فيها .

أن يكون لك كوخ ، وكسرة خبز ، وحصيرة في وطن صغير بين أهلك وأترابك ورفاقك وخلانك خير من أبراج الدنيا التي لم تعرف يوما معنى للمحبة والألفة والصدق ، ولم تشعرك يوما بالدفء الحقيقي . كنت أتجول يوما من عام 1996 في شوارع كوالالمبور وبرفقتي صديقين عزيزين ؛ د. ثائر القاضي ود. زيد القرالة ، فقلت أنظروا إلى هذه الأبراج الشاهقة . فقال القاضي منهما : مربط عنز بحوشــا أحب إليّ من كل ماترون .

أيها الناس : من لا يتحمل مرارة المرّة لن يستطعم بحلاوة الحلوة ، عاش أجدادنا وآباؤنا حياة بسيطة ، قليلة المتاع ، يقتنعون بفتات موائدنا الآن ،ويحمدون الله ويشكرون على ذلك ، فما الذي دهانا اليوم ؛ أصناف من الأطعمة والأشربة ، توسعت بطوننا وتلونت شهواتنا ، لا نقنع ولا نشبع ، و لا نذكر ولا نشكر ، وكانوا لا يبالغون ولا يزاودون ولا يتزايدون ولا يتظاهرون ولا يتباهون ولا يتكبرون على بعضهم بعضا ، وإنما يتكافلون ويتعاونون ويخلطون فقيرهم بغنيهم حتى يعود فقيرهم كالكافي ، ويرضون بالقليل ، ويستمعون للحكمة والنصيحة :

من قول أبي ذؤيب الهذلي :

والنفسُ راغبة ٌ إذا رغبتها وإذا تـُـرد إلى قليل تقـنع

اعلموا أيها الأردنيون أن الله قد حباكم قيادة يحسدكم عليها الآخرون ، وإنها من منن الله ونعمه لهذا الشعب الطيب وهذه الأرض المباركة ، وأن العرب والمسلمين ـ ومنذ أن أنتقل نبيهم إلى الرفيق الأعلى ـ وهم يسعون لتولية آل البيت مقاليدهم ، فاشكروا الله على آلائه ، يزدكم الله من فضله .

واعلموا أيها الناس إن حكومتكم لن تتخذ قرارا في غير مصلحة الوطن ؛ وإن غاب عن الكثير منا دوافعه وأسبابه والظروف القاهرة التي دفعت الحكومة لاتخاذه ، فا لأمران أحلاهما مـر والحر تكفيه الإشارة .

ففي هذا الزمان الذي تنتهب فيه الأوطان صباح مساء ويتخطف الناس من حولنا ؛ لأنهم لم يصبروا على المرة ولا يريدون أن ينتقص شيء مما زاد من حصصهم وفاض عن حاجتهم .

فلا تجلدوا حكومتكم ولا ترفعوا أصواتكم ، وإياكم ورموز الوطن أن تمس ، رموزنا معقد كرامتنا ووحدتنا وركيزة قيمنا وأخلاقنا ؛ ساداتنا من آل البيت ، وأبطال الثورة العربية الكبرى والجيش العربي وقواتنا المسلحة الأبية ، التي لطالما رفع رجالها شعار " المنية ولا الدنية " وشهداء الوطن على مر تاريخه ورموز العلم والفضل والمعروف والإصلاح ، حافظوا على هذه الرموز شامخة لتبقى المروءة ويحــيا الوطن .

فلا تتنابزوا بالألقاب ولا تتشاتموا ولا تنكثوا غزل الوطن من بعد قوة أنكاثا ، وفوتوا الفرصة على المزايدين والمتربصين ببلدكم ..

يا بلدي لك ما أ ُثـمّر من مال ومن ولد ......

** جامعة آل البيت



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد