حكاية الشفافية

mainThumb

20-02-2010 12:00 AM

تتردد كلمة " الشفافية" كثيرا في حياتنا العامة وبالذات في أروقة الحكومة، ولكن المواطن البسيط لا يعرف من معناها شيئا سوى أنه يرى جهازا شفافا، يظهر ما بداخله من قطع ويبين تفاصيله لكل من رآه، أما إذا أراد أن يطبقها على المسؤول فكأنها تعني أن المسؤول يبين أعماله مهما كانت، خيرا أو شرا، أو أن المسؤول شفاف لدرجة أنك إذا نظرت اليه لا تراه بل ترى من هم حوله! الزمرة التي توجه دفة سفينة أعماله، وقد تزداد معاني هذه اللفظة ضبابية في ذهنه، فلم يعد يعرف لها معنى! أهي تعني ممارسات المتنفذين في الدوائر على أمزجتهم دون أن يعبأوا بالقانون أو محاسبة القضاء، فيفعلون ما يريدون ويضربون بالقانون وجه المواطن الذي يجأر دون معين، ويمارسون مخالفاتهم على مرأى من الجميع سواء مواطن أو مؤسسات دولة، وهم في قمة الشفافية لا يخفون شيئا وليفعل المتضرر ما يشاء ولن يصل الى شيء!! فالشفافون يمارسون ما يمارسون بشفافية ولا يخافون أحدا.

نعم شفافون يجاهرون بالشخصنة، وبالمحسوبيات والجهويات وبالطائفية التي تعددت حتى ضاق عنها البلد والذي يقول غير ذلك سوداوي موتور، يطعن بلده بالصميم، ويجلب العار والدمار على شفافيتنا التي نباهي بها الدنيا! ماذا عليك إذا فعلت ماتريد لا ما تريد أسس وظيفتك وكنت صادقا مع نفسك فلم تخف ذلك، لو أخرجت ما في نفسك ليراه الناس جميعا حتى لو هظمت حقهم وأكلت مالهم وتعديت على حرياتهم، فأنت صادق مع نفسك ومعهم، أليس هذا شفافية وعكسه ظلامية، ماذا لوتركت الاختلاس الخفي لأنه ظلامية وأخذت المال العام على مرأى من القانون وتحكمت بمقدرات العباد كما تريد دون وجل، لو تعاملت وأنت مسؤول على أساس: أن صاحب الحق هو من يقدم خدمة شخصية لك، أويقترب بالطائفة أو الجهة ثم تجاهر بذلك على رؤوس الأشهاد أليس هذا قمة الشفافية.

اعتذر من القارئ العزيز على استخدام بعض المصطلحات التي قد لا تستعمل في مجتمعنا على الحقيقة ولكنها مجازيا موجودة بقوة مثل مصطلح "الطائفية" ولم يعد معناها بمعنى "القرابة" وأصبحت كنتونات مغلقة داخل البلد.

ولمن أشكل عليه معنى "الشفافية" بعد ما قرأ، لما اعتراها من تبدل في الدلالة وتعددت معانيها في الزمان والمكان والموقف، والحضور والغياب، والأنوثة والذكورة، وغيرها من عوامل تغيير المواقف والأقوال والأعمال التي أصبحنا نتقنها ونحضّر لكل حالة شفافيتها، فهي تعني مطابقة أعمالك للقانون الذي يساوي بين الجميع..أو بلاغيا: "مطابقة الكلام لمقتضى الحال" وأنك لا تخفي شيئا صغر أو كبر، وأنك في كل حال وفي كل زمان ومكان وبغض النظر عن المقابل لك وجنسه لا تغير مواقفك، فالكل أمام القانون سواء.

saberawidi@gmail.com



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد