غزة .. ظلام دامس يخترقه لهب العدو

mainThumb

03-01-2009 12:00 AM

خيم الظلام على مدينة غزة التي تحاصرها دبابات الاحتلال الاسرائيلي فيما تواصل طائراته الحربية قصفها تارة بالصواريخ واخرى بالرشاشات الثقيلة والزوارق الحربية التي تطلق حمم قذائفها على احيائها.

وتشير مصادر طبية الى استشهاد نحو 509 من ابناء الشعب الفلسطيني هم حصيلة اولية للعدوان الاسرائيلي المتواصل على قطاع غزة وما يزيد على 2500 جريح تكتظ بهم مستشفيات القطاع التي تعاني اصلا من نقص المستلزمات الطبية.

ووسط العتمة التي يشقها بريق طائرات الاحتلال ودوي اصوات القصف الذي ترتج له جدران البيوت ونوافذها لا تجد الاسر الفلسطينية مأوى سوى اللجوء الى احد الغرف بحثا عن ملجأ يقيها تساقط الزجاج وبرد الليل القارس.

واعتاد الفلسطينيون الاقتصاد في كل شيء حتى في الطعام الذي بات الحصول عليه شاقا نظرا لنفاد غاز الطبخ وللنقص الحاد في المواد الغذائية بسبب الحصار وخطر القصف الذي طال اليوم ساحة فلسطين حيث سوق غزة ومحاله التجارية ليعتاد الاطفال ما يقيم اودهم من النزر اليسير من الطعام .

ومع كل غارة جوية ينطلق التكبير والتهلييل وتلهج الالسن تضرعا الى لله في ان يحميهم الله ويجنبهم تبعات الغارة ، وتحتضن الام اطفالها الذين يتجاذب جفونهم النعاس ليغطوا في نوم ما يلبث دوي القذائف ان يبعثهم منه فيستفيقوا وعيونهم مغمضة وكانهم يسخرون من الجلاد ولسان حالهم يقول صبرا اهل غزة فان موعدكم النصر او الشهادة فيهدأ روعهم وروع امهاتهم .

ويبيت الفلسطينيون وهل يبيتون وليل غزة طويل واملهم بفرج قريب يحمله فجر يوم جديد ينهي المجزرة البشعة التي ترتكبها قوات الاحتلال الاسرائيلي بحق اطفال ونساء وشيوخ الفلسطينيين ومساجدهم وكنائسهم، فهل يحلمون فيفيقون وتتوقف المجزرة ، ام ينتظرون قرارا امميا ياتيهم من بين ناطحات السحاب في نيويورك .

الوضع الطبي :

وقال الطبيب معاوية حسنين مدير عام الاسعاف والطوارىء في وزارة الصحة الفلسطينية لوكالة الصحافة الفرنسية ان عدد الشهداء الفلسطينيين "ارتفع الى خمسمئة شهيد منذ بدء الحرب على قطاع غزة السبت الماضي وحتى الان".

واضاف "يمكن ان يكون العدد اكبر بكثير خصوصا ان عددا من الشهداء والجرحى في مواقع لا تستطيع سيارات الاسعاف الوصول اليهم بسبب كثافة القصف الجوي والبري الاسرائيلي خصوصا في حي الزيتون (شرق غزة) وبلدة بيت لاهيا (شمال)".

واستشهد 47 فلسطينيا على الاقل الاحد بفعل قذائف المدفعيات او الصواريخ التي اطلقتها الطائرات الاسرائيلية في الوقت الذي فرت عائلات من المناطق التي تشهد قتالا في شاحنات وسيارات مكتظة وسط تصاعد العملية العسكرية الاكبر التي تقوم بها القوات الاسرائيلية منذ حرب لبنان في عام 2006.

احتجاجات في الضفة

وفي تطور اخر قتلت القوات الاسرائيلية الاحد شابا فلسطينيا اثناء تظاهرة جرت في مدينة قلقيلية في الضفة الغربية المحتلة احتجاجا على العمليات العسكرية الاسرائيلية في قطاع غزة، على ما افادت مصادر طبية وامنية.

واصيب مفيد ولويل (21 عاما) اصابة قاتلة عندما فتح جنود اسرائيليون النار باتجاه مجموعة من الفلطسينيين كانت تلقي حجارة باتجاههم قرب الجدار الفاصل في قلقيلية على ما اوضحت المصادر ذاتها.

الجهود الدولية

واخفقت الجهود الدولية في وقف النزاع في غزة. كما فشل مجلس الامن الدولي في الاتفاق حتى على صيغة لبيان حول النزاع وسط الدعم الاميركي القوي لاسرائيل.

قتال شديد شمال القطاع

وتوغل الجنود والدبابات الاسرائيلية في مناطق جنوب وشمال مدينة غزة. كما ابلغ عن وقوع قتال شديد في المنطقة المحيطة ببلدات بيت لاهيا وبيت حانون وجباليا شمال القطاع.

وهزت الانفجارات القطاع الذي تسيطر عليه حماس ويسكنه نحو 5ر1 مليون فلسطيني، في الوقت الذي سيطر الجيش الاسرائيلي على الطرق الرئيسية. واستمر صوت اطلاق نيران الرشاشات في القطاع الذي يخضع لحصار اسرائيلي مشدد منذ اشهر.

وقال الجيش الاسرائيلي ومصادر طبية ان نحو 30 جنديا اسرائيليا و"العديد" من مقاتلي حماس اصيبوا بجروح منذ بدء الهجوم البري.

اعلنت حركة حماس ان تسعة جنود اسرائيليين قتلوا وتدمير دبابة صهيونية خلال الهجوم الاسرائيلي البري على قطاع غزة الذي بدأ مساء السبت وقالت كتائب عز الدين القسام في بيان لها انها من خلال دخولها على الاجهزة اللاسلكية للجيش الاسرائيلي علمت ان خمسة من جنود الاحتلال قتلوا .

واضاف البيان انه في وقت لاحق ارتفع عدد القتلى الى تسعة جنود . من جهة اخرى اعلنت مصادر طبية فلسطينية ان عددا من المقاتلين الفلسطينيين اصيبوا بجروح بالغة خلال اشتباكهم مع جنود الاحتلال شمال غزة .

وفي بيان للجيش الاسرائيلي صباح الاحد اعترف بان 30 من جنوده اصيبوا في الهجوم البري الذي شنه في قطاع غزة.واشار الجيش الاسرائيلي الى ان اثنين وهما ضابط وجندي اصابتهما خطيرة.

وقالت فضائية الاقصى التابعة لحركة حماس ان كتائب القسام تمكنت من اسر جنديين إسرائيليين خلال الاشتباكات الدائرة في محيط قطاع غزة حيث تتوغل القوات الإسرائيلية هناك.

وتوعد الناطق باسم كتائب القسام والمعروف باسم "ابو عبيدة" قوات الاحتلال بمفاجات سيتم الاعلان عنها في الفترة المقبلة. من جهته نفى جيش الاحتلال الإسرائيلي ان تكون كتائب القسام اسرت جنديين اسرائيليين، على ما اوردته الاذاعة الاسرائيلية.

وفي غضون ذلك اعترف وزير الجيش الاسرائيلي ايهود باراك الاحد بصعوبة العملية العسكرية البرية ، على ما اورده الموقع الالكتروني لصحيفة يديعوت احرونوت الاسرائيلية.

ونقل الموقع عن باراك قوله خلال افتتاح الجلسة الاسبوعية للحكومة الاسرائيلية صباح الاحد " ان العملية البرية للجيش في غزة ليست سهلة وليست بسيطة وانها ستتوسع كلما تطلب الامر ذلك ".

واضاف ان الاختبار الحقيقي ليس في تل ابيب بل على مشارف غزة . وزاد "العملية ستحمل مفاجأت واختبارات صعبة والمطلوب التحلي بالشجاعة والاصرار " على حد تعبيره.وتواصل القصف الاسرائيلي الجوي والبري المكثف على مناطق مختلفة في قطاع غزة ، في مسعى لتجنب القتال القريب وعمليات الالتحام مع المقاومين الفلسطينيين على تخوم مدينة غزة.

ونفت اسرائيل مزاعم حماس بشان مقتل عدد من الجنود الاسرائيليين. وذكرت قناة الجزيرة الاخبارية ان اسرائيليا قتل، انه لم يصدر اي تعليق اسرائيلي على ذلك.

وتبادل الجنود الاسرائيليون اثناء تقدمهم، النار مع مقاتلي حماس الذين اعلنوا انهم اطلقوا قذائف الهاون وفجروا العبوات الناسفة المزروعة على جوانب الطرق. وشوهد جنود الاحتلال كذلك يقومون بعمليات اعتقال للفلسطينيين.

وقال الامين العام للحكومة الاسرائيلية عوفيد حزقيل الاحد ان اسرائيل لا تهدف من هجومها البري الحالي على قطاع غزة الى اعادة احتلال القطاع.

من ناحيته اكد رئيس الوزراء الاسرائيلي ايهود اولمرت الاحد ان الهجوم على غزة كان "لا مفر منه" مشددا على ان اسرائيل لا تريد فتح جبهة جديدة عند حدودها الشمالية مع لبنان، في تحذير مبطن الى حزب الله اللبناني.

واطلقت اسرائيل العملية العسكرية في 27 كانون الاول/ديسمبر بهدف معلن وهو انهاء الهجمات الصاروخية على اسرائيل من قطاع غزة عقب ستة اشهر من التهدئة.

وقتل اربعة اشخاص في اسرائيل جراء الصواريخ التي اطلقها مسلحون فلسطينيون في الاسبوع الماضي. وسقط 25 صاروخا وقذيفة هاون عبر الحدود الاحد وسقطت على مدن سديروت واسدود، الا انه لم يتم الابلاغ عن وقوع ضحايا.

ولا تزال المدارس في جنوب اسرائيل مغلقة. وتخلو الشوارع من المارة فور اطلاق صفارات الانذار عند اقتراب صواريخ.

غضب في العالم الاسلامي

واثارت العملية العسكرية الاسرائيلية غضبا واسعا في العالم الاسلامي واحتجاجات في انحاء العالم حيث خرج مئات الاف المتظاهرين في اسطنبول وباريس وروما ولندن وعواصم الدول الاسلامية والعربية منددة بالعدوان الوحشي .

مجلس الامن

وفشل مجلس الامن الدولي في الاتفاق على صيغة قرار يدعو الى وقف لاطلاق النار في غزة رغم مشاورات مغلقة استمرت نحو اربع ساعات في وقت متاخر من السبت.

ووصفت حماس الاحد ذلك ب"المهزلة". وقال المتحدث باسم الحركة فوزي برهوم في بيان ان "ما جرى في مجلس الامن مهزلة ويوضح مدى هيمنة اميركا والاحتلال الصهيوني على قراراته"

وقال اليخاندرو ولف مساعد السفير الاميركي في الامم المتحدة ان الجهود الاميركية "تهدف الى التوصل الى وقف دائم لاطلاق النار يحترمه الجميع وهذا يشمل وقف اطلاق الصواريخ ووقف تهريب الاسلحة وبدء اعادة فتح المعابر بموجب اتفاق العام 2005".

ادانة فرنسية

وترأست فرنسا الانتقادات للهجوم الاسرائيلي الذي حذر الرئيس الفلسطيني محمود عباس انه ستكون له "عواقب خطيرة" على المنطقة.

ومن المقرر ان يجري الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي الاثنين محادثات مع اولمرت في القدس المحتلة وعباس في رام الله.

ودانت فرنسا الهجوم البري الاسرائيلي. وقالت وزارة الخارجية الفرنسية ان فرنسا "تدين الهجوم البري الاسرائيلي على غزة" وترى ان "هذا التصعيد العسكري الخطر يعرقل جهود المجتمع الدولي" للتوصل الى وقف لاطلاق النار.

كما دانت تركيا، حليفة اسرائيل، الهجوم الجوي والبري ودعت الى وقف الهجوم فورا.

بريطانيا : الهجوم البري لحظة خطيرة للغاية

ومن ناحيته قال رئيس الوزراء البريطاني غوردن براون الاحد ان الهجوم البري الاسرائيلي على قطاع غزة "لحظة خطيرة للغاية" في النزاع، داعيا الى تكثيف المساعي للتوصل الى وقف لاطلاق النار.

وقال براون في مقابلة مع تلفزيون هيئة الاذاعة البريطانية (بي بي سي) "هذه لحظة خطيرة للغاية، مضيفا ان على المجتمع الدولي "بذل جهود اكثر من التي بذلها للتوصل الى وقف فوري لاطلاق النار".

ودعا الممثل الاعلى لسياسة الاتحاد الاوروبي الخارجية خافيير سولانا الاحد الفلسطينيين والاسرائيليين الى وقف لاطلاق النار في قطاع غزة مؤكدا ان الاتحاد الاوروبي مستعد للاسهام في مهمة مراقبين دوليين لحفظ السلام.

وكانت اسرائيل دعت الى اجراء انتخابات عامة مبكرة في العاشر من شباط/فبراير، كما تحظى القيادة الاسرائيلية الحالية بدعم شعبي واسع لها في عدوانها على غزة .



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد