على وزارة التربية أن ترحل

mainThumb

04-06-2011 12:48 PM


أما وقد أوشك العام الدراسي على الرحيل ليضيف خطوة أخرى إلى الوراء في مسيرة وزارة التربية التنازلية منذ 1988 تاريخ المؤتمر التربوي الأول الذي كان يهدف أساسا إلى امتطاء ظهر وزارة التربية لتشكل شرعية سياسية واقتصادية وفكرية بطريقة غير شرعية مستغلين براءة الأطفال ولامبالاة المعلمين لننفذ ما تريده السلطة في كل المجالات ، وكانت الخطوة الأولى هي صياغة شكل من إشكال الانفصال المنظم في وزارة التربية وتقسيمها إلى فئتين :فئة مهمتها التخطيط ووضع الايدلوجيات والأسس والبرامج والمناهج والكتب والتعليمات التفصيلية واقترحوا لأنفسهم تسمية تربوي على غرار " شيوعي ".
والفئة الثانية المعلمين على غرار كلمة " العمال والفلاحين " مهمتها العمل حسب البرنامج الذي أعدته اللجنة المركزية ، وفي كل دول العالم ثبت فشل كل الأنظمة الشمولية .
 طبعا لم تكن الفئة الأولى مستقلة أيدلوجيا أو تأتي بنظرياتها من بنات أفكارها ، أو تتخذ قراراتها من خلال دراسة نظرية أو معاينة ميدانية واقعية للمطلوب والإمكانيات المتوفرة بشريا وماديا ، بل إن مكاسبها تأتي من ترويجها لأفكار نخبة من الباحثين عن النجومية في كل الميادين . بداية ، التربية تعرض للنشء الحقيقة أو ما يعتقد أنها الحقيقة ، وليس تجميل الواقع أو ممارسة توجيه دعائي سطحي على غرار افتتاحيات صحف الحكومة ومناهج تعتمد التسويق الدعائي لأي فكرة لا تصلح في مؤسسة أكاديمية وهي غسيل ادمغة وهذا اعتداء على حق الانسان بالحصول على المعلومة الصحيحة ، والمعلم حتى يكون معلما لا يجوز له إن يقول كلاما يحتمل الكذب أو الشك أو الاختلاف ، فلا يجوز له إن يتحدث إلا بالحقائق الثابتة ثبوتا قطعيا وتحظى بالإجماع كقضايا الإسلام الأساسية وليس تأويل الإسلام حسب انظمة الحكم .
 كيف لي إن أقول للطلبة ـــ مثلا ــ إن مجلس النواب يمثل إرادة الشعب ، كسياسي نبرر هذا القول إما كمعلم فهذا غير جائز .
 فمن مصطلح العولمة إلى الوسطية إلى الاقتصاد المعرفي إلى عبقرية الخصخصة إلى منظومة حقوق الطفل إلى ترسيخ كونغرس الطلبة إلى حصة محاورات ومناظرات أفلاطون تعمل الفئة الأولى على كل المحاور المتعلقة بالشأن التربوي ، ومنها المناهج وإدارة المدرسة والوحدة الصفية . وهي في كل ذلك تعمل في عالم افتراضي ودعائي موجه للمجتمع عن التطور والانجازات والحداثة في نظم التعليم .
جرب قسم من المعلمين والمدارس ما تعلنه وزارة التربية فأصبحت المدرسة فوضى عارمة وسلوكيات صبيانية وتردي في تنفيذ أي من مهماتها الأخرى ، وأصبح الهم الأول لكوادر المدرسة هو الضبط العام فقط أي بقاء الطلبة إذا أمكن داخل أسوار المدرسة حتى نهاية الدوام وإذا تحقق هذا فهو اكبر انجاز ،. دون أن يتوفر أي جهد أو وقت لأي إعمال أخرى بما فيها أساسيات المناهج ، وأصبح الأهل يلقون باللائمة على المدرسة والمعلمين بضعف الطلبة واتهامهم بالتقصير أو قلة المعرفة .
ولولا قلة قليلة من المعلمين لا زالت تستخدم الأساليب الواقعية في المدارس ( أي الأساليب القديمة ) لانتهى التعليم وأصبحت المدرسة ساحة توقيف لا أكثر .
 طبعا الفئة الأولى لا تعترف بمسؤوليتها وتؤكد إن الخلل هو في المعلمين أنفسهم ، لكن منَ من الفئة الأولى يستطيع تطبيق نظرياته في أي مدرسة أساسية أو ثانوية للذكور لمدة أسبوع واحد .
من منهم يستطيع بالحوار والكلام الناعم إقناع الطلاب بالانتظام فقط أو منعهم من الهروب والقفز عن الأسوار والتدخين والمشاجرات وترك الكتب في المقاهي والعبث بالخلويات ولبس الطواقي والاساور وكل ممارسات المراهقين داخل أسوار المدرسة وأثناء الحصص نفسها . واقعيا المدرسة الأردنية لم يعد بإمكانها لا تقديم المعرفة ولا تعديل السلوك لان الأولوية أصبحت الضبط الأمني اليومي بمعنى حشر الطلبة داخل أسوار المدرسة بأقل حد ممكن من الفوضى ، وفي مواجهة طلبات الإدارة العليا يكفي توثيق الإعمال الافتراضية حبرا على ورق .
لا أقول لا يوجد تعليم إطلاقا ، ولكنه أصبح محدودا ورديء في التنفيذ ويشكل هدرا واضحا للطاقات والجهود والمصاريف الكبيرة التي يتحملها الأهل والدولة في التعليم . ما نطالب به هو رحيل نظام وزارة التربية وان تصمت عن العبث الأيدلوجي ونشر الافكار الهدامة والخلافية على الملا . فقط مطلوب منها تامين الاحتياجات المادية وليس الايدلوجية فالفكر التربوي وطرائق التدريس والمنهاج وإدارة المدرسة وإدارة وتقييم الطلبة وأسس النجاح لتتركه للميدان التربوي فهو الأقرب إلى الواقع .


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد