يرتكز مفهوم الإدارة المحلية النموذجية للبلدية على مجموعة من الدعائم التي يمثل كل منها مسارا بالاتجاه الصحيح والتي لا بد من اعتمادها والعمل بهذه الدعائم والمحاور للوصول إلى بلديات كفؤة وقادرة على إدارة العمل البلدي بنجاح وتقديم أفضل الخدمات للمواطنين والوصول إلى تنمية محلية مستدامة .
فالمجالس البلدية هي هيئات محلية ذات استقلال مالي وشخصية اعتبارية تقوم بتوفير الخدمات الأساسية المناطة بها للمواطن ؛ وتعتبر بحق البلديات محور وركيزة أساسية للتنمية بالتشارك مع مؤسسات المجتمع المدني والقطاع الخاص .
فعلى البلديات إعداد خطة إستراتيجية للتنمية المحلية لمدة أربع سنوات يشارك بها المجتمع المحلي ومؤسسات المجتمع المدني والقطاع الخاص ويرافق هذا الإجراء وضع خطة تنفيذية للخطة الإستراتيجية وكذلك خطة مالية تمكن البلدية من تنفيذ خطتها الإستراتيجية ؛ مع إنشاء قاعدة بيانات تتعلق بالسكان والخدمات وغيرها من المعلومات الضرورية في كافة مناطق البلديات مع ضرورة حوسبة الأنظمة المالية والإدارية والتنظيمية .
وبهذا تكون المجالس البلدية محفزة على المشاركة الشعبية في صناعة القرار وتبرز دور البلديات كوحدات تنموية في خدمة المجتمع المحلي .
وهنا أتساءل : أين الانتخابات البلدية !! والى متى سيبقى التأجيل حاصل بذرائع وأسباب ومبررات مختلفة!! ؛ فيجب أن تكون الانتخابات البلدية بروفة حقيقية للمرحلة الجديدة التي نعيشها في الأردن وخاصة بعد التعديلات الدستورية والرغبة الملكية الصادقة بإجراء انتخابات بلدية ونيابية قبل نهاية هذا العام ؛ بحيث تجرى الانتخابات البلدية بمنتهى الحيادية والنزاهة والشفافية ؛ وبحيث تشكل الانتخابات البلدية نقلة جديدة تساهم في التطوير والنهوض بالمهام البلدية وتعظم علاقتها مع المجتمع المحلي والسلطة التنفيذية .
لذا فان انتخابات المجالس البلدية هي محطة مفصلية على طريق الإصلاح الديمقراطي الشامل .
وبعد صدور الإرادة الملكية السامية أصبح القانون رقم 7 لسنة 2012 قانون معدل لقانون البلديات وأصبحت الانتخابات بحكم القانون حق دستوري واستحقاق وطني لا يقبل التأجيل .
إن المواطن الأردني والمجتمعات المحلية تستحق الكثير وتستحق أن تكون رائدة بهذه المنطقة وخاصة إن بلدنا وبحمد الله صاحب ارث حضاريّ .
إن جلالة الملك حفظه الله ورعاه أكد أكثر من مرّة بأن الانتخابات البلدية ستجرى هذا العام ؛ وأكد جلالته كذلك في خطابه الايجابي أمام البرلمان الأوروبي في الشهر الماضي بأن الانتخابات البلدية ستجرى هذا العام ؛ فتأجيل الانتخابات البلدية تعتبر مغامرة بمصداقية مؤسسة الحكم والرغبة الملكية ؛ فرغم كل هذه الدعوات الملكية السامية توجد مماطلة في البدء لإعداد انتخابات تجرى بمنتهى الحيادية والنزاهة والشفافية .
لذا فان إجراء انتخابات بلدية سريعة وواقعية بتكلفة قليلة على الدولة الهدف منها الإصلاح الحقيقي وإعادة الهيبة للدولة والمواطن .
إن إجراء الانتخابات البلدية يفعل دور المجتمع المحلي في الإدارة المحلية وخاصة الشباب والمرأة ويحفز على المشاركة الشعبية في صنع القرار ويعمل أيضا على تعزيز القدرات الإدارية للمجالس البلدية ويمكن البلديات من إفراز قيادات سياسية واجتماعية وثقافية ؛ وتساهم هذه الانتخابات في تعزيز التنمية الشاملة وصولا إلى تنمية مستدامة .
للأسف هناك تخبط وارتباك حاصل في إدارة العمل البلدي أدى بشكل سلبيّ على عملية الإصلاح السياسي وتعزيز الديمقراطية ؛ والتي هي استحقاق دستوري للمواطن الأردني الكريم ؛ ونتج عنها أيضا تراجع في الخدمات المقدمة للمواطنين في كل بلديات المملكة ؛ وخلقت مناخا من الفوضى والمحسوبية والتجاوز ؛ بالإضافة إلى ارتفاع مديونية البلديات وعدم قدرة بعض البلديات في دفع رواتب موظفيها .
ومن هنا تبرز ضرورة تحديد موعد إجراء الانتخابات البلدية لأنها أصبحت استحقاقا وطنيا لا يقبل التأجيل ؛ ويرافق هذا الإجراء إعداد جداول الناخبين وهي مربوطة حسب القانون 13 لسنة 2012 بدائرة الأحوال المدنية الأمر الذي يختزل الوقت والجهد لإعداد جداول الناخبين ؛ وهناك أيضا وبحمد الله الهيئة المستقلة للانتخابات التي تم الموافقة عليها بإرادة ملكية سامية .
أما ما يخص عملية فصل ودمج البلديات الشائكة والتي لها مؤيديها ولها معارضيها ولها ايجابياتها ولها سلبياتها ؛ وللمساهمة الجادة في بعض الحلول التي تساعد في حل الموضوع : ماذ1ا يمنع أن تجرى الانتخابات على البلديات القائمة سابقا وحسب قانون البلديات رقم 14 لعام 2007 والبالغ عددها 93 بلدية !! ؛ على أن يعاد النظر بموضوع دمج وفصل البلديات قبل انتخابات البلدية القادمة أي بعد أربع سنوات ؛ وذلك بعد دراسات واقعية مستندة إلى العوامل الديموغرافية والكثافة السكانية وبعد المسافات ما بين المناطق ومراكز البلديات .
وهنا لا بد من حل جذري لمشكلة الإخوة المواطنين من أبناء المجتمعات المحلية والقاطنين في مناطق البلديات التابعة للبلديات الكبرى أو البلديات الجديدة وكانت بلديات قائمة ومستقلة قبل عام 2001 ؛ ومن أهم الأسباب التي طالب بها هؤلاء المواطنين بإعادة النظر بعملية دمج البلديات والعودة إلى الوضع القائم قبل شهر تموز 2001 : هو تراجع الخدمات بشكل ملحوظ في هذه المناطق سواء المتعلقة بخدمات البنية التحتية من تعبيد الشوارع وصيانتها وإنشاء الأرصفة والأطاريف وإنشاء الحدائق ومكتبات الأطفال وأعمال النظافة العامة من جمع ونقل النفايات وأعمال الإنارة ومكافحة الحشرات والبعوض والذباب وغيرها من الخدمات الضرورية المقدمة للمواطنين .
هل إعادة النظر بإحداث المجالس المحلية في كل منطقة يساهم في حل الموضوع بحيث ينتخب في كل منطقة من مناطق البلديات في المملكة عدد من الأعضاء ويكون بمثابة بلدية مصغرة مع ضرورة منح هؤلاء الأعضاء ومدير المنطقة الصلاحيات الكاملة لإنهاء معاملات المواطنين في مناطقهم بكل سهولة ويسر .
وينتخب الأعضاء من بينهم ممثلا لهم كعضو في البلدية الكبرى أو البلديات الجديدة ؛ بحيث يكون هناك موازنة مقدرة مسبقا ومقررة لهذه المناطق وتنفق خلال السنة المالية ؛ وبهذا يكون المجلس المحلي هو الذراع التنفيذي للبلدية ؛ أما المجالس البلدية في المراكز فتكون من أهم مسؤولياتها رسم السياسات العامة ووضع الخطط الإستراتيجية الفاعلة والشاملة والمتوازنة ومواكبة لتطورات العصر ؛ وتهدف إلى الارتقاء بشمولية العمل البلدي في جميع مكوناته سواء عمل المخططات الشمولية وتعزيز الحاكمية الرشيدة في العمل البلدي ؛ بحيث يتم إحداث إصلاح شامل في قطاع البلديات مع رفع كفاءة وفاعلية العاملين به وتعزيز الإدارة الرشيدة ومكافحة الفقر والبطالة ورفع مستوى الخدمات وإيجاد توازن تنموي بين كافة بلديات المملكة وتوزيع مكتسبات التنمية الاقتصادية بعدالة على كافة بلديات المملكة مع إيجاد مشاريع تنموية استثمارية بالتعاون مع القطاع الخاص ومؤسسات المجتمع المدني وبمشاركة شعبية واسعة مما يساعد في تحسين وتطوير التخطيط التنموي العمراني في البلديات الأردنية ؛ وبحيث تكون البلديات محركا للتنمية والتطوير والنمو وجذب الاستثمار مع ضرورة إعادة النظر وبشكل جاد بموضوع اللامركزية والحكم المحلي بما يخدم البلاد والعباد .
وهنا أناشد دولة الرئيس الأفخم الذي نحترم ونجلّ والحكومة الموقرة بإجراء هذه الانتخابات قبل نهاية هذا العام وبأقل التكاليف الممكنة وهل هناك ما يمنع إن تجرى الانتخابات البرلمانية
والبلدية في نفس اليوم كما يحصل في العديد من الدول المتقدمة وذلك لتوفير الجهد والأمن والتكلفة المالية لإدارة العملية الانتخابية .
إن نتاج الانتخابات البلدية هو تعزيز مفهوم الإدارة المحلية وتعمل على توظيف جميع موارد المجتمع المحلي المادية والطبيعية والبشرية من اجل زيادة الدخل وتحسين الحالة الاقتصادية والرفاهية الاجتماعية وتحسين نوعية الخدمات المقدمة للمواطنين بأقل التكاليف الممكنة ؛ وهذا يعزز الوصول إلى التنمية المحلية المستدامة والتي ترتكز على وحدة المصير والاستدامة والديمقراطية والمشاركة الشعبية والقيم والعدالة والمساواة والشفافية والمساءلة .
أمين عام وزارة الشؤون البلدية الأسبق