3 تفاحات .. إحداها من حمص

mainThumb

15-08-2012 05:26 AM

 تولى الزميل سمير صنبر، بصفته أمينا عاما مساعدا للأمم المتحدة، مهمة الإشراف على انتقال إريتريا إلى مرحلة الدولة المستقلة. فعل ذلك بنجاح وسلاسة لا يزال يذكرهما الإريتريون بمحبة ووفاء. لكن لم يخطر له بعد هذا النجاح أن الفشل لا يزال محتملا، ليس في الوساطة بين الأحزاب أو الطوائف أو المقاتلين، ولكن بين الأب والابن.

 
الابن هنا، هو أشهر أسماء القرن الحادي والعشرين. حتى اليوم. قد يتغير الأمر غدا، أو بعد حين، ولكن حتى الآن، فإن ستيف جوبس هو أشهر أسماء الجزء الماضي من القرن. ربطت سمير صنبر صداقة زمالة بعبد الفتاح الجندلي. أولا في الجامعة الأميركية في بيروت، ومن ثم عندما جاء عبد الفتاح إلى نيويورك، من أجل فترة دراسية في جامعة كولومبيا.
 
معروف طبعا أن عبد الفتاح هو والد ستيف جوبس «البيولوجي» بلغة الأميركيين، لكن عائلة تبنت الابن وهو وليد فحمل اسمها، جوبس. وتنص القوانين على ألا يعرف الابن بالتبني والده (أو والدته) الحقيقي. لكن ثراء صاحب العقل المذهل الذي جسد «آبل»، مكنه من تكليف شركة تحرٍ، حملت إليه التفاصيل.
 
عندها عرف ستيف جوبس أن مدير مطعم «قهوة لبنان» في كاليفورنيا، الذي يدس في جيبه ورقة الشكر وهو خارج، إنما هو والده. وعرف أن حبه للأكل العربي ليس جزءا من موجة مثل بقية الأميركيين، وإنما هو في الدماء الحمصية التي يحملها.
 
من يتنازل للآخر أولا؟ الأب أم الابن؟ الجواب: باعتبارهما حمصيين، لا الأب ولا الابن. عبد الفتاح الجندلي راح يقول إن هذا الرجل ما كان ليكون أحدا لو لم يكن ابني وذريتي. وستيف جوبس كان يقول، لو نشأت في بيته لكنت الآن أبحث عن عمل.
 
سوف يأتي يوم، في بلاد الكتب والسينما، تكتب فيه قصة الجندلي الكبير والجندلي الصغير. لكنها مأساة عناد حمصي مولود بين رجلين من حمص عاشا على بعد آلاف الأميال من حي الجنادلة في المدينة، ولم يتخل أحد منهما عن كبريائه الفارغة. فقد مات الابن الذي يملك مال العالم في حسرة عدم المصالحة مع الأب، وعاش الأب متحسرا لأنه لم يعانق الرجل الذي تحول معه طريق العلم وتغير معه طريق العلوم.
 
تدافعت باقات الورد بالآلاف على منزل ستيف جوبس يوم وفاته. وعلى باقة واحدة كتب بالعربية: «ثلاث تفاحات بدلت وجه العالم، تفاحة آدم، وتفاحة نيوتن، وتفاحة ستيف جوبس». يقول الزميل صنبر إن الباقة الضخمة بالعربية كانت بلا توقيع. لكنه كان واضحا أنه أب يفاخر بما بلغه ابنه. ولأن الأب والابن حمصيان، من حارة الجندلي، فقد نقلا الحارة إلى سان فرانسيسكو. وبينما كان العالم أجمع يتساءل من هو والد ستيف جوبس، كان عبد الفتاح الجندلي يرسل ثلاث تفاحات. من مجهول.


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد