تشغيل شباب الطفيلة

mainThumb

02-10-2012 09:37 AM

 لم تتمكن الجهات الحكومية من تعديل مزاج الشارع في المحافظة الهاشمية، الذي تتغير فيه ملامح الرضى من حين الى حين، تحت وقع الحلول "المزاجية".

 
فالبطالة في صفوف الشباب، تكاد أن تكون أس الغضب وعصب الضبابية التي تسود طعم الحياة للذكور والإناث في المحافظة، ممن يجلسون على قارعة الطريق، بانتظار فرص التشغيل.
 
وليس سرا أن تبدو معالجات الحكومة للقضية على نحو من التسكين وإطالة فترات التسويف، سببا في زيادة تشكيل مفهوم جديد من المعارضة، والوقوف إلى جانب الصوت الصاخب المطالب بالإصلاح في الاردن، ومحاكمة الفاسدين، الذي تتسع فيه القوائم تبعا لحالات الغضب، عكسيا مع تراجع معدلات القناعة بما يجري من حلول.
 
في محافظة الطفيلة بطالة تستشري في ألوية العين البيضاء والحسا وبصيرا، لكن التعبير عنها ظل منحازا إلى الانضباطية والهدوء، فيما هي في مدينة الطفيلة صاخبة، لا تهادن أصحاب القرار، ظلت لهجة الإنذار فيها عالية الرنين، وكان من اشكالها الدخول عنوة إلى مكتب المحافظ الحالي، وطلب الحل العاجل والعادل، الأمر الذي أرغم الحكومة على تقديم حلول بدت للوهلة الأولى جذرية، حين الإعلان عن مئات الفرص في الشركات والمؤسسات. 
 
وتقرر حينها تعيين أكثر من (160) شابا في دوائر حكومية في المحافظة، ذهب معظمها للوسطاء، لكنها بالمجمل لم تتحقق على ارض الواقع إلا بنسبة ضئيلة ، تبعها مبادرة التشغيل في الشركة الهندية، التي أظهرت الفكرة عند النهايات على أنها مجرد دغدغة للمشاعر والأحاسيس.
 
فقد جرى تدريب (30) شابا من أصحاب التخصصات الفنية للعمل في الشركة، وأنفقت وزارة العمل من اجلهم (40) ألفا، لكنها وافقت على تشغيل ثمانية، بصورة وهمية غير حقيقية، ما دفع الى تأهب للتصعيد من جديد.
 
واليوم الثلاثاء تطالعنا الصحف بتدريب (160) شابا في معان للعمل في شركة الفوسفات، التي لها مصانع ومناجم في الشيدية، من أصل (200) شاب تقرر تشغيلهم هناك، ما يفتح سؤالا عريضا عن العدالة والمساواة من جديد.
 
فنحن مع تشغيل الشباب المتعطل عن العمل في معان والكرك وعجلون وفي كل أرجاء الأردن، باعتبار هذه الفئة قنبلة موقوتة في كل المجتمعات، تنحاز عند التهميش للتخريب وللفئات المتشددة وللتطاول الواضح والصريح على الحكومات وعدم احترام الوطن او رجال الأمن.
 
لدينا مناجم للفوسفات في الطفيلة، لم تتمكن من تشغيل نسبة تصل إلى (30%) من الموظفين والمستخدمين فيها من المحافظة، منذ نشأتها قبل (50) عاما، فيما الطفيلة ظلت مهمشة إلى الآن، كالعيس في البيداء يقتلها الظمأ، والماء فوق ظهورها محمول.
 
نحب الوطن ونحب الملك، ولا نساوم عليهما، لكننا مع تشغيل الشباب الذي يزداد غليانا يوما بعد يوم، ومع الحلول الحقيقية وليست الوهمية والتسكينية والعبثية، فما نهبته الأيادي الآثمة من شركة الفوسفات، يكفي لبناء دولة حديثة تتسلح ببرامج لحرب النجوم. 
 
لم لا تذهب الحكومات الى الفضيلة والصدق، بدلا من المراوغة والتمويه، والى متى ستظل في حرب مع الإخوان المسلمين والمعارضة والمعارضين، فيما الحلول العاجلة بين يديها، من استعادة المليارات المنهوبة، بدلا من أفلام المحاكمات الترويحية، ليرتاح الأمن، وتزول من بيننا الاستفزازات والتجييش الفارغ لمقارعة الرأي الآخر بالتهديد والوعيد، بدلا من الانجازات وفتح فرص للتشغيل.
 
لم لا تفتح الحكومة الباب مشرعا لفرص عمل في الجمعيات الخيرية والتعاونية، كما فتحتها في اقل من ثانية، في الدوائر والمؤسسات الحكومية، من خلال تبسيط إجراءات الحصول على القروض والمنح للمشروعات، بتأسيس مكاتب في كل المحافظات لتمويلها وإعداد الدراسات الاقتصادية لها.
 
لن نوافق على فتح جبهات وعزوات لبدر او للجندويل ولا للصويفية وعبدون، فالانتخابات ليست قادرة على الهاء الناس لأكثر من شهرين، والتسجيل لها لن يدع الفقير والجائع متخما في لحظات، تماما كما هي معارك التجييش بين الحكومة والإخوان، الذين كان عليهم الثبات في الميدان في كل محافظة، بدلا من المسيرات المليونية التي سيطال غبارها كل مرافق الآمن والاستقرار ان حدث مكروه لا سمح الله. 
 
أين فرص العمل في الفوسفات، التي تستوعب في الطفيلة لوحدها أكثر من أربعة آلاف طالب للعمل أن صدقت النوايا، من خلال برمج لتأهيلهم وفق تصنيفات، وتوزيعهم للعمل في مؤسسات المجتمع المدني، برواتب من الفوسفات، التي ينبغي استعادة أموال الشعب فيها من تلك الأيادي الملوثة.
 
وأين دور شركة الاسمنت التي تلعب مع الحكومة لعبة القط والفأر، بعد ان سرحت المئات، كوسيلة ضغط لاستخدام وقود رخيص، ولم لا تساهم في برامج مماثلة، بعد أن ركزت خدماتها المجتمعية المحدودة في لواء بصيرا، مع ان الطفيلة كلها تحتاج إلى الإسعافات والمعونات.  
نعم.... نريد بدائل فعلية عن هذه الأفلام الهندية، التي يتبادل الأدوار فيها الحكومة والإسلاميين باعتبارهم القوة الأكبر في وسط الشارع الأردني،  تنتج لنا آفاقا من الحياة الجديدة، بدلا من تكديس المليارات في بنوك الأرض أمام أعين الناس الجوعى، جاءت من مسارب الحرام، ومشارب النهب المكشوف.  


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد