إسلاميو تركيا سيؤثرون على إخوانهم العرب

mainThumb

14-11-2012 10:55 AM

 الاحزاب التركية ترفض دولة كردية مستقلة على ارضها. لكنها لا تمتلك تصوراً واحداً لحل المشكلة الكردية المزمنة في تركيا. فبعضها يتمسك بسياسة انهائها بالقوة العسكرية. علماً ان موقفه هذا قد يكون دافعه مصالح سياسية، وخصوصاً بعدما بدأ البعض الآخر منها يميل الى اعتماد الحوار بغية حلها. ومعروف ان "حزب العدالة والتنمية" الاسلامي الحاكم يعتبر ان الحوار اجدى من الوسائل العسكرية. وقد اجرى قادته مباحثات مع زعيم حزب العمال الكردستاني (الانفصالي) عبدالله اوجلان المسجون منذ اكثر من عقد. لكنها لم تسفر عن النتائج المتوخاة لأسباب متنوعة قد يكون بعضها عدم "سخاء" العرض التركي، وبعضها الآخر تشدد القادة الاكراد الموجودين خارج السجون، وبعضها الثالث عدم تساهل العسكر التركي في هذا الموضوع، وبعضها الرابع التطورات الإقليمية قبل "الربيع العربي" وبعده.

 

إلا ان اخفاق الحوار المذكور لم يثن الحكومة التركية عن استمرار اعتبارها اياه الطريق الوحيد لحل المشكلة الكردية، وخصوصاً بعدما تفاقمت أخيراً، وبعدما نجح اكراد الداخل المؤيدين لـ"الحزب" الانفصالي في إقامة معسكرات لهم داخل منطقة الاناضول، كما في إقامة بنية ادارية موازية للادارة الرسمية مهمتها تصريف اعمال الناس وجمع الضرائب والرسوم. ولذلك فإنها بدأت البحث مع حزب كردي معترف به رسمياً وله تمثيل في البرلمان التركي، يعتبره الكثيرون واجهة لـ"الحزب" نفسه، في خطوات كثيرة يمكن ان تهدئ الاجواء على الارض وأن تفتح الباب واسعاً امام تسوية طال انتظارها. وفي هذا المجال تفيد مصادر ديبلوماسية في انقرة ان هناك موضوعين قيد الدرس حالياً يمكن ان يُطلِق اقرارهما الحوار التركي مع الاكراد. الاول، هو مشروع قانون يجري درسه حالياً في مجلس النواب يتناول توسيع الحيّز الجغرافي للبلديات القائمة وتوسيع صلاحياتها على نحو يعزز اللامركزية الادارية. ومن نتائجه قيام لامركزية إدارية في الاناضول حيث تعيش غالبية الاكراد. وهذا الامر مع الاعتراف للاكراد، بحقوق ثقافية قد يجعل الاكراد اكثر تقبّلاً للحلول. اما الموضوع الثاني فهو الدستور الجديد الذي تعمل حكومة "حزب العدالة والتنمية" على إقراره والذي قد يحوّل النظام رئاسياً. ومعروف ان الدستور الحالي وضعه العسكر في ثمانينات القرن الماضي، وجرى تعديله عشرات المرات لكي ينسجم مع الوقائع التركية المستجدة، وهو اليوم عرضة لتعديل واسع جراء نشوء وضع جديد داخل تركيا هو حكم الاسلاميين لها وتقلّص دور العلمانية تدريجاً في سياساتها وطريقة الحكم فيها. وتُرجِّح المصادر الديبلوماسية في انقرة اياها مرور التعديل الدستوري سواء في مجلس النواب او في الاستفتاء الشعبي. علماً ان تعثّره في المجالين النيابي والشعبي المذكورين لا يعني ضعف الحزب الحاكم. ذلك انه لا يزال قادراً على الحصول في الانتخابات النيابية المقبلة على الأقل على غالبية المقاعد.
 
ماذا عن الحنين للعثمانية الذي يجهر به "حزب العدالة والتنمية" الاسلامي منذ وصوله الى الحكم في تركيا؟ وما هو مصير العلمانية؟ وهل يبقى اسلاميو تركيا ديموقراطيين ومؤمنين بالحداثة، ويساهمون في تحديث "اخوانهم" المسلمين العرب؟ ام على العكس يساهم هؤلاء في إعادة الراديكالية السلفية التعصبية للاتراك الاسلاميين؟
 
ان الحديث الافتخاري عن المرحلة العثمانية ليس أكثر من حنين وهو يعبّر عن "نوستالجيا" معينة، لكنه ليس استراتيجيا موضوعة للتطبيق، وإن كان بعض اركان الحزب الاسلامي الحاكم فكَّر في هذا الامر جدياً في السنوات الاولى لحكمه. والعلمانية ستبقى سمة اساسية لنظام تركيا لكنها ستكون ناعمة او مخففة (Mild). ذلك ان توجه الحزب الحاكم هو تعزيز الانتماء الاسلامي والتوجه الاسلامي لتركيا، اي ستتوجه هذه الدولة الاقليمية الكبرى اكثر نحو العالم الاسلامي. اما عن التفاعل بين اسلاميي تركيا و"إخوانهم" الاسلاميين العرب فإن المصادر الديبلوماسية في انقرة ترجح بل تؤكد ان ينجح الاتراك في تحديث "اخوانهم" العرب وليس العكس. وهذا أمر يتمناه الغرب بزعامة اميركا لأنه يرى المنطقة متجهة نحو الاسلامية لا محالة. ويرى ان التيارات العنفية الاصولية تحاول السيطرة على اسلاميي الاعتدال وفي ذلك خطر عليه وعلى العالم. إلا ان النجاح فيه يتوقف على التزام الاسلاميين الاتراك المساعدة، وعلى جرأة "إخوانهم" العرب في مواجهة الذين يريدون ان يُكوِّنوا مجتمعات ودولاً لا علاقة لها بالحداثة والحريات والديموقراطية باسم الاسلام.


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد