الملك في خطاب مهم : الانتخابات تاريخية

mainThumb

25-01-2013 05:53 PM

السوسنة -  قال جلالة الملك عبدالله الثاني "إن الأردن شهد هذا الأسبوع انتخابات نيابية تاريخية تعكس حقيقة أساسية مفادها وجوب تمكين كل مواطن بحيث يكون شريكاً حقيقياً إذا ما أردنا لأُمتنا توظيف كامل قدراتها وإمكاناتها"، معتبرا جلالته أن الربيع العربي شكل فرصة على الجميع استثمارها.

 

وأكد جلالته، في خطاب ألقاه اليوم الجمعة أمام المشاركين في الاجتماع السنوي الثالث والأربعين للمنتدى الاقتصادي العالمي، بحضور جلالة الملكة رانيا العبدالله، "أننا في الأردن نسعى إلى مسار إصلاحي قائم على سيادة القانون... ومن شأن التغيير المنشود تعزيز التمثيل، والفصل بين السلطات، وحماية الحريات المدنية".
 
ولفت جلالته إلى أنه "ستنطلق المشاورات مع مجلس النواب قريبا لتكليف رئيس وزراء جديد"، مؤكدا جلالته أن مسؤولية المجتمع لم تنته يوم الاقتراع، بل على الجميع الانخراط وباستمرار في "مساءلة مجلس النواب والحكومة، وتعزيز ثقافة الأحزاب السياسية في المملكة، وضمان إبقاء زخم الإصلاح السياسي والاقتصادي".
 
وأكد جلالة الملك في الكلمة أن لدينا في الأردن "نقاط قوة مهمة يمكننا البناء عليها، منها موقع الأردن المركزي في المنطقة، حيث تتوفر إمكانية الوصول إلى أكثر من مليار مستهلك في جميع أنحاء العالم ، ولدينا قوى عاملة متنوعة ومبدعة، وضمانات تم تعزيزها ضد الفساد، وسياسات وتشريعات استثمارية جاذبة".
 
وبين جلالته أن الأزمة الاقتصادية العالمية قد أضرت بالجميع. "وفي الأردن، يعاني شبابنا الذي يشكل غالبية السكان من مستويات غير مقبولة من البطالة، وقد خسرنا أسواقا بسبب الأزمة في سوريا، فيما تضع أزمة الطاقة عبئاً ثقيلا على الخزينة، لكن التحديات التي تواجه الأردن لم تزدنا إلا تصميما، ونحن ماضون في سلسة من الإجراءات والقرارات الضرورية من أجل مستقبل آمن ومزدهر".
 
وتطرق جلالته في الكلمة إلى استضافة الأردن لما يزيد على ثلاثمائة ألف لاجئ سوري، مجددا جلالته دعوته للعالم "لرفع مستوى استجابته للأزمة السورية وتداعياتها، حيث يواجه اللاجئون فصل الشتاء القارص؛ وهناك حاجة ماسة إلى مزيد من الدعم الدولي"، الذي يجب عليه أن يوحد جهوده بشكل حاسم لوضع حد للمأساة في سوريا.
 
وأشار جلالة الملك إلى الحاجة إلى خطة انتقالية حقيقية وشاملة تضمن وحدة سوريا شعبا وأرضا، "وتضمن لكل السوريين دورا ليكونوا شركاء في مستقبل بلادهم"، محذرا جلالته أن أي خيار عكس ذلك، "إنما هو دعوة للتشرذم وتنافس متطرف على السلطة والاستئثار بها، والمزيد من الصراع وعدم الاستقرار، وسيكون له عواقب كارثية على المنطقة والعالم".
 
وشدد جلالة الملك على "أن إحراز الأمن على المدى الطويل في منطقة الشرق الأوسط يتطلب إنهاء الصراع، وبغض النظر عن نتائج التصويت في الانتخابات الإسرائيلية الأخيرة، يجب أن يتصدر السلام والأمن الرغبة في وجدان كل الإسرائيليين، ولنتذكر هنا أن مبادرة السلام العربية مازالت توفر المسار الصحيح لتحقيق ذلك، والذي يقوم على أساس حل الدولتين، بحيث نصل إلى دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة وقابلة للحياة، وإسرائيل آمنة تتمتع بالسلام مع جميع جيرانها".
 
ودعا جلالته في كلمته قادة العالم لإحداث الفرق وتجاوز الحدود التي تفرق بين الشعوب، وتداول الخيارات الصعبة، ومساعدة الجيل الجديد كي يعيش واقعا تسوده العدالة العالمية، وتتوفر فيه الفرص، مرحبا بهؤلاء القادة للمشاركة في اجتماع المنتدى الاقتصادي العالمي حول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، والذي سيعقد في أيار المقبل في البحر الميت".
 
وتاليا نص خطاب جلالة الملك : 
 
بسم الله الرحمن الرحيم
 
أشكرك بروفسور شواب، وأشكركم جميعاً. إنه لمن دواعي سروري أن أشارككم في هذا الاجتماع مجددا. صديقي كلاوس، لقد أثبتت التطورات العالمية المتتابعة صحة الرؤى والأفكار التي ناديتم بها، وأسست عليها هذا المنتدى، الذي لم يكن ليقتصر على النقاش وحسب، بل شكل قاعدة تنبثق منها الأفعال.
 
أصدقائي،
 
لقد سادت في السنوات الثلاث الأخيرة حالات من الاضطراب والتحديات امتدت إلى كل بقاع الأرض، ولم تستثني الشرق الأوسط. وفي كل قارة وُضعت الأنظمة السياسية والاقتصادية تحت المجهر، وها هي الشعوب تبحث عن إجابات حان وقت تقديمها، فليس هناك ما هو أكثر خطورة وتعطيلاً من نمط التفكير القائم على أساس "لننتظر ونرى" ماذا سيحدث.
 
واليوم نسمع البعض يقول "لننتظر ونرى" ماذا سيحل بتسوية حل الدولتين للصراع الفلسطيني - الإسرائيلي. وهم يبررون هذا الموقف بالقول بأن حالة من اللايقين تسود هذه المرحلة وأن هنالك أولويات أخرى، "لذا دعونا ننتظر وحسب". لكن التحديات غير المسبوقة التي يواجهها الاستقرار والأمن الإقليمي والعالمي اليوم، لا تحتمل مثل هذا الانتظار.
 
كما نسمع البعض يقول "لننتظر ونرى" مآلات الربيع العربي، ويقولون أيضا إن هناك الكثير من الغموض يكتنف المشهد الحالي، أو أنهم يخشون أن يعجزوا عن الإمساك بزمام الأمور. لكنه ليس بالإمكان اليوم البقاء خارج عملية التغيير، حيث ينشد المواطنون تحقيق أهدافهم، ما يعني الانتقال سويا إلى ديناميكية جديدة وعدم البقاء رهينة للوضع الحالي، ومن حالة الاحتجاج إلى المساهمة الفعلية والإحساس بأن لهم مساهمة حقيقية في صياغة المستقبل، وكذلك الانتقال من خدمة المصلحة الذاتية إلى تقديم المصلحة العامة دون سواها.
 
وفي ذات الوقت، نسمع البعض في الغرب ينظر إلى التحولات في العالم العربي، ويقول "دعونا ننتظر"، حتى تتضح الرؤية، و"دعونا نرى فيما إذا كانت الديمقراطية ستأخذ مجراها". لكن علينا أن نتذكر أن التعددية والتنوع واحترام الآخر يتطلبون الدعم والمبادرة، وإذا ما ترك من يسعون بجد لتحقيق الصواب وحدهم بلا سند، فقد يتحول استبداد الأمس ببساطة إلى استبداد أكثر سوءا. وهناك حاجة للانخراط بإرادة وعزيمة من أجل تعزيز مبادئ المساواة وسيادة القانون، واحترام الحقوق الثابتة لجميع الشعوب.
 
وأخيراً، نسمع البعض في مجتمع الأعمال العالمي يقول "ونحن سوف ننتظر ونرى". لكن النجاح في منطقة الشرق الأوسط لا يستطيع الانتظار، والشركات والمستثمرون الذين يبادرون الآن سوف تكون لهم الصدارة، وسيبعثون برسالة قوية إلى قادة المستقبل والمستفيدين من خدماتهم مفادها: "نحن معكم، على أرض الواقع، نبني المستقبل معا".
 
أصدقائي،
 
سيبقى الأردن ملاذا آمنا في وسط هذا الإقليم لأنه يرفض التعامل مع الأمور من مبدأ "لننتظر ونرى"، بل يبادر كعادته لمواجه التحديات بلا تردد. وقد شهدنا هذا الأسبوع انتخابات برلمانية تاريخية في الأردن، إذ صوت الناخبون لـ 150 عضوا في مجلس النواب، من بين عدد غير مسبوق من المرشحين والمرشحات على حد سواء.
 
وتعكس هذه الانتخابات حقيقة أساسية مفادها أنه لا بد من تمكين كل مواطن بحيث يكون شريكاً حقيقياً إذا ما أردنا لأُمتنا توظيف كامل قدراتها. لقد وفر الربيع العربي للأردن فرصة لتجديد زخم التغيير، حيث أننا نسعى إلى مسار إصلاحي قائم على سيادة القانون. ومن شأن التغيير الشامل والمنشود، والقائم على التوافق، تعزيز التمثيل، والفصل بين السلطات وحماية الحريات المدنية، خاصة حقوق المرأة والأقليات.
 
وستنطلق، تباعاً، المشاورات مع مجلس النواب خلال الأيام القليلة المقبلة لتكليف رئيس وزراء جديد. وهناك قرارات في غاية الأهمية مرتبطة بالسياسات على جدول أعمال صانعي القرار، أبرزها إيجاد فرص العمل، وقضايا الطاقة، والخدمات، وتحقيق المزيد من الإصلاح السياسي أيضاً. وهنا أود التأكيد وبقوة أن المواطنين الأردنيين هم القادة بكل ما لهذا الوصف من معنى. فمسؤوليتهم المدنية المجتمعية لم تنته يوم الاقتراع بإدلائهم بأصواتهم، بل إن انخراطهم المستمر في غاية الأهمية، من أجل الاستمرار في مساءلة مجلس النواب والحكومة، وتعزيز ثقافة الأحزاب السياسية في المملكة، ولضمان إبقاء زخم الإصلاح السياسي والاقتصادي.


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد