النائب حسن عجاج : سقط الحصار السياسي في الاردن وبدأ الحساب

mainThumb

02-03-2013 06:43 PM

 بقلم : النائب حسن عجاج عبيدات

 
كان العنوان الذي دخل منه الاردن لمرحلة جديدة هو إجراء الانتخابات بنجاح انبثق عنها برلمان جديد . و شكل هذا الانجاز الديمقراطي مدخلاً حقيقياً لإحداث التحولات الديمقراطية وفق مبادئ الدستور ، يساعد على تضافر جميع شرائح المجتمع لحل الازمات السياسية و الاقتصادية و رسم خطط التنمية التي تؤدي الى تحرر الاقتصاد من الإلحاق و التبعية .
 
إن الظروف التي يمر بها الاردن تتطلب من القوى السياسية و الاجتماعية و الشخصيات الوطنية النهوض بدورها لتتحمل مسؤولياتها التاريخية التي تمليها عليها المرحلة الراهنة . و إن مصلحة الوطن و المواطن يجب أن تسمو على اية مصالح اَنية ضيقة . و يبقى السؤال المطروح بعد ظهور النتائج النهائية و تشكيل المجلس النيابي السابع عشر : ما هي الرؤية الجديدة التي يحملها أعضاءُ المجلس الجديد لإعادة بناءِ الدولة و المشاريع السياسية التي ستكون عنوان المرحلة القادمة ، للعبور للمستقبل و تغيير المشهد السياسي الحالي ؟؟
 
لقد كانت الانتخابات مسألة هامة حدثت في الساحة الاردنية ، نتج عنها مجيئُ مجلس نيابي منتخب ، أضاف عنصر تماسك من حيث أنه ملأ فجوة في الشرعية تسند الساحة السياسية كلها ، و قبل انتخابات مجلس السابع عشر كانت هناك فجوة مؤسسية ، و عندما امتلأت هذه الفجوة بمجلس نيابي منتخب ، فقد اصبحت الساحة السياسية تستند على ارضية صلبة ، و هذا مكسب كبير ; فالانتخابات هي جوهر الديمقراطية ، و إن الهدف لكل نظام سياسي هو الحصول على رجال يملكون القدر الاكبر من الحكمة و الادراك و الفضيلة لتحقيق الهدف المشترك للجميع .
 
إن المطلوب للوصول للإصلاح هو تشكيل اقوى حكومة في تاريخ البلد ; بحيث تتألف من خيرة الكفاءات البعيدة عن الشبهات ; الكفاءات السياسية ، و الكفاءات القانونية ، فهذه المرحلة المفصلية من اهم المراحل التي يمر بها البلد . إن هناك ملفات كثيرة موجودة يجب أن تفتح ، و أن هناك تجاوزات حدثت في المرحلة الماضية و يجب التحقيق فيها . إن الهاجس العام يجب أن يكون المستقبل و كيف نصنعه ، من خلال الحوار الحقيقي الذي يشترك فيه الجميع ، من أجل خلق حياة سياسية قادرة على تحريك كل الاطراف ، لخلق قيادات جديدة ، قادرة على قيادة الدولة بسلطة الشعب المباشرة .
 
و عند الحديث عن الفساد المالي و الإداري ، و محاسبة المسؤولين ، فإن ذلك لا يعني أن نعطل المستقبل ، لكي نحاسب على ما جرى سابقاً . و عندما نتحدث عن الفساد يجب أن نتحدث عن ملف الخصخصة كله لأنه ملف واحد ، بالإضافة الى ملف بيع الاراضي الذي حدث فيه ما يشبه النهب .
 
أما موضوع تغيير الرؤساء و المجيئ برؤساء و مسؤولين جدد ، فإن مقولة اللابديل غير صحيحة ، و إن الدولة لا تحتاج الى توريث ، لان الساحة قد تغيرت و لم يعد مجال البحث من البدائل محصوراً ، بل اصبح ممكناً أن تجيئ  البدائل من داخل العمل السياسي . المهم أن الباب انفتح على مصراعيه ، و سقط الحصار الذي كان مفروضاً على الساحة السياسية .
 
لقد أُوكل للكتل النيابية التي انبثقت من المجلس الجديد مهمة التشاور مع رئيس الديوان الملكي ، فباشرت هذه الكتل في عقد الحوارات مع نفسها و مع بعضها لوضع تصوراتها لشخصية رئيس الحكومة القادم ، محددة مواصفاته ، و برنامجه ، للنهوض بقيادة المرحلة القادمة . فتباينت الاشتهادات فيما بينها و أصاب بعضها التشظي لأسباب لا مجال لذكرها .
 
لكن الذي يُراد الحديث عنه هو قانونية هذه الكتل ، و بخاصة أنها تشكلت من نوًاب لكل منهم رؤيته ( الحكومة البرلمانية ) و كيفية تشكيلها . 
 
لم يتطرق الدستور و كذلك النظام الداخلي للمجلس لإسلوب تشكيل الكُتل النيابية و جاءت موادهما خالية من أي حديث عن الكُتل . و تنبع أهميتها في مجلس السابع عشر بأنها ستؤسس لكيفية تشكيل حكومات و اختيار رؤساء الوزارات في المراحل الاحقة . و هذه الالية الجديدة تستدعي إيجاد نظام قانوني لها يدرج في النظام الداخلي الجديد للمجلس ، ليستند مجلس النواب الى اسلوب قانوني عند إختيار الوزراء و رئيس الحكومة .
 
إن المجلس النيابي السابع عشر تقع عليه مهمات كبيرة ، و مسؤليات مضاعفة ، فهو المدخل الحقيقي للتحول الديمقراطي و الاصلاح و التغيير و هو الممثل الشرعي للشعب ، و الشريك الاساسي في صناعة القرارات التي يجب ان تنعكس بشكل ايجابي على مختلف اطياف و مكونات المجتمع في بواديه و قراه و مخيماته ، يتحدث بإسمهم ، و يعبر عن تطلعاتهم و أمالهم في الحياة الحرة الكريمة .
 
و المجلس النيابي السابع عشر هو بوابة العبور ، و نقطة التحول التاريخي للوطن ، يؤكد على النهج الديمقراطي الذي يحمي المواطن و يعزز حريته و حقه في التعبير عن رأيه و معتقداته . و هو الحاضنة السياسية للحوار الوطني الذي ينبثق عنه المؤتمر الوطني العام للوصول الى الاردن المتجدد الجديد ، القائم على العدل و المساواة و سيادة القانون ، للوصول الى بناء الدولة المدنية الحديثة ، دولة المؤسسات ، حيثُ لا مكان فيها الا للمواطن المنتج المسؤول المنتمي العامل من أجل البناء و التحديث و التعمير .
 
فهل ينجح المجلس السابع عشر في هذا المارثون الطويل ؟ و هل يتمكن من اجتياز المطبات التي قد تعترض طريق عمله للوصول الى حيثُ يتطلع و يرنو ؟ .


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد