ليتني كنت معلماً - الشاعر : عيسى مقدادي

mainThumb

22-05-2013 02:18 PM

على الرغم من أنّ مهنة التعليم من أكثر المهن مشقة وأقلها حظاً من اللمعان والجاذبية ، إلا أنها تبقى سيدة المهن وينبوع عجلة الحياة منذ أن كانت على الأرض حياة وإلى أن يرث الله الأرض ومن عليها  .

ذلك أننا نرى المعلم في كل حركة وسكنة تحدث حولنا على صعيد النشاط البشري ، تراه في شجاعة الجندي الذي يبذل روحه في سبيل الله والوطن ، وتراه في إنسانية الطبيب والممرض وهما يغمران بها المرضى ، وتراه في حماس المهندس وهو يترجم عمله قصوراً وجسوراً وطرقاً وجمالاً ، وتراه في أمانة التاجر الذي يحشر مع النبيين والصديقين والشهداء ، وتراه في سروة الفلاح متفائلاً بغده الواعد بموسم زراعي خصيب ، وتراه في عظمة الأم وهي تقدم للوطن الغر الميامين من فلذات كبدها ، وتراه في كل قيمة حميدة تتبلور على جنبات الحياة  .

وأرجو أن أعذر ان قلت بأننا نراه أيضاً في حوادث السير المؤلمة التي لا تكاد تخمد أوجاعنا من جرائها يوماً واحداً ، وفي أحداث العنف المتزايد في مجتمعاتنا وجامعاتنا بالتحديد ، ولا أريد أن أضيف الى ذلك المزيد ، نعم ان مسؤولية المعلم أكبر من أي تصور وأخطر من أي تقدير ولهذا فقد حوكم النظام التربوي في بعض بلدان العالم المتطورة بصفته مسؤولاً عن الهزائم العسكرية .

ان الخطأ جائزٌ ومحتملٌ في كل مهنة الا مهنة التعليم إذ لاينبغي أن يتطرق اليها الخطأ ، لأن الخطأ فيها يعني خللاً في المنظومة القيمية قد يكلف الكثير الكثير سيما وأننا قد ولجنا بوابات عصر العولمة التي عصفت بالمنطقة بما يسمى الربيع العربي وندرك تماماً بأننا أمام امتحان دقيق اما أن نسجل فيه بصمتنا المشرقة على صرح الحضارة الانسانية ونؤكد فيه أصالتنا وقدرتنا على المواكبة والتماسك ، وإما أن يهمش فيه دورنا وتذوب هويتنا ونصبح ريشة في مهب الريح ، وهنا يبرز دور التربية والمربين ، فهم الجهة المخولة بصناعة الجيل القادر على هضم المستجدات الحضارية المتفاعلة في أتون الحياة والتعامل معها بوعي وروية وطرح رديئها والإفادة من جيدها . وبهذا فإننا نضمن لأنفسنا استقلالية الشخصية والقرار  .

إننا بحاجة الى تمهين العلم عملياً لا نظرياً بحيث يصبح المعلم ذا شخصية مهنية متفردة وتصبح مهنته ذات أطر بينة وذات مرجعية واضحة تزن من يصلح لهذه المهنة المقدسة بميزان دقيق ، فتستبعد من تستبعد وتبقي على القادرين فقط لأن ليس كل من اعتلى صهوة الجياد فارساً  .


وأخيراً أرجو الله تعالى أن يوفق المساعي الجادة والخطوات الرائدة في كل المجالات وعلى رأسها مجال التطوير التربوي ، متمنياً لهذا الوطن الغالي كل المنعة والرفعة والتقدم والازدهار .


((  وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون )) صدق الله العظيم



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد