الدراما السورية تجتاح الشارع الفلسطيني

mainThumb

23-09-2007 12:00 AM

يحرص العشرات من طلاب وطالبات جامعة بيرزيت، على التجمع يومياً عقب الإفطار، في نادي بيرزيت أو ما يعرف بـ"السهريه" لمتابعة بعض المسلسلات الرمضانية التي تعرض عبر بعض الفضائيات العربية. وفي شهر رمضان، يفر معظم الصائمين إلى المسلسلات التي تعقب يوما مثقلا بالجوع، حيث تحلو السهرات للكثيرين ويتجمعون في بيوتهم أو في المقاهي والجلوس لساعاتٍ أمام التلفاز.
ويقول أحمد شنيور الطالب في جامعة بيرزيت، إنه يتابع يومياً بعض المسلسلات السورية والمصرية، التي تتميز بتناولها قضايا اجتماعية وسياسة، كالعادات والتقاليد أو تاريخ الثورات ومقاومة الشعوب العربية المستعبدة للإحتلالات المختلفة.
ويضيف: يشدني مسلسلا "باب الحارة" و "الاجتياح"، حيث يتناول الأول حقبة من التاريخ السوري، عندما كانت تخضع لسيطرة الدولة العثمانية، وما تخللها من ثورة ورفض للوجود العثماني، وما يرافقه من عمليات مقاومة.
كذلك يتناول العادات والتقاليد الشامية التي كانت سائدة آنذاك، في قالب اجتماعي محافظ، يكشف عن العلاقات الاجتماعية بين الناس، والأدوار التي يلعبها الرجال، والنساء اللواتي كن يلعبن دوراً هامشياً في مجتمع الذكور.
ويؤكد شنيور أنه معجب أيضاً بمسلسل "الاجتياح" الذي تدور أحداثه حول اجتياح قوات الاحتلال الإسرائيلي لمدينتي رام الله وجنين ومخيمها قبل حوالي خمس سنوات، ويجسد التلاحم الوطني الفلسطيني، في مشهد صلاة المسلمين في كنيسة المهد أثناء حصارهم فيها، ودفن موتاهم فيها كذلك.
ويحاول العمل أن يقدم العديد من المشاهد والأحداث الإنسانية التي تدعم صورة الإنسان العربي المتسامحة والمحبة للخير، وما يتعرض له الشعب الفلسطيني من ممارسات وحشية من قبل الاحتلال، وما يتخللها من حصار واقتحامات.
ويؤكد أحد العاملين في مقهى بيرزيت بأن الإقبال كبير، خلال السهرات الرمضانية وتكاد المساحة المتوفرة في النادي لا تتسع للجميع. ويقدر عدد الرواد في كل ليلة بنحو خمسين، جلهم من الطلبة الجامعيين، إضافة إلى شبان وشابات آخرين من البلدة.
وفي أحد المقاهي المماثلة في مدينة رام الله، يتجمع شبان لمتابعة بعض البرامج والمسلسلات الأخرى، في مشهد يكاد يتشابه في معظم المقاهي والنوادي في مختلف المدن والبلدات الفلسطينية.
ويزداد الطلب على المشروبات الساخنة والباردة، فيما تكاد الأراجيل أن تجاور كل مجلس، بحسب محمد علي صاحب أحد مقاهي المدينة، وقال: يرتاد المقهى عدد كبير من الزبائن الذين يبدأون بالتوافد، عقب الإفطار وحتى ساعاتٍ متأخرة من الليل، وأحرص على توفير كل ما يلزم من مشروبات وأطعمة بسيطة، وكذلك شاشة عرض ضخمة لعرض ما يبث من مسلسلات وأفلام وبرامج رمضانية في عدد من الفضائيات العربية.
وفي البيوت يتكرر المشهد، ولكل بعدد أقل من المتابعين، من أفراد العائلة وزوارهم من الأقارب والأصدقاء والجيران، حيث يصبح لجلسات السمر في شهر رمضان طعم أجمل من الأيام العادية، وشعور الكثيرين بالحاجة للاستزادة بقصص وقضايا يجدون في كثير من المسلسلات موطئ قدم، وخصوصاً في الدراما السورية التي حققت رواجاً ونجاحاً واسعة في أوساط المشاهدين والمتابعين، إلى جانب الدراما المصرية التي يلجأ إليها الكثيرون أيضاً، للتعرف على عادات وأنماط معيشية.
وتوضح المواطنة منى عودة الله بأنها تجتمع وأفراد أسرتها يومياً، عقب صلاة المغرب لمتابعة بعض الأعمال الفنية التي تعرض في عدد من الفضائيات العربية، وقالت: في النهار لا نتمكن من المتابعة للانشغال بالأمور البيتية وتحضير الإفطار، وكذلك ما يبث في ساعات الصيام يكون القليل أو إعادة لما يبث ليلاً.
وتؤكد أن المشاهدة يرافقها الحرص على تحضير الحلويات والجلسة المناسبة، وكذلك المشروبات المطربة والقهوة والشاي، وما يلزم لجلسات السمر.
وتشير إلى أن المسلسل المصري" الملك فاروق" محط اهتمام ومشاهدة أسرتها، لما يعرض فيه من عبر وقصص جميلة، تتحدث عن مرحلة مهمة من التاريخ المصري والعربي.
ويروي المسلسل قصة آخر ملوك مصر، ويسلط الضوء على الجوانب الإنسانية التي أهملت في شخصية الملك فاروق. وقد أثار العمل موجة من الأسئلة حول المعالجة التاريخية التي تعرضت لها شخصيات المسلسل والتي طويت صفحاتها.
وفي قطاع غزة، الخاضع لسيطرة حركة حماس الخارجة عن القانون، يهرب كثير من المواطنين من أجواء التوتر والعنف اليومية، لهذه المسلسلات والبرامج، علهم يتمكنون من نسيان أو تناسي ما يعانونه من أوضاع معيشية صعبة.
وأكد البعض في أحاديث هاتفية، أن ساعات المساء تشهد في القطاع، نوعاً من الحركة الهادئة و"تخف الرجل" بحسب تعبيرهم، أثناء لجوء الجمهور لمتابعة الفضائيات العربية التي تعرض كماً هائلاً من الأعمال الفنية الهادفة والمسلية في آنٍ واحد.
الصحافي والناقد الفني يوسف الشايب، قال، إن الإقبال على الأعمال الفنية المختلفة في هذا العام كبير، سيما الدراما السورية، التي تعكس ذات الثقافة والبيئة التي تلتقي عليها بلاد الشام.
وأشار الى أن مسلسل "باب الحارة" يحظى بمتابعة أكثر من باقي الأعمال التي تعرض، لتناوله قضايا قريبة من البيئة والعقلية الفلسطينية المحافظة، وأضاف أنه يثير الحنين الى كثير من العادات والتقاليد التي ذابت أو على وشك أن تذوب.
ولفت الى أن "باب الحارة" أثار جدلا، حول دور المرأة والرجل، وحول بعض العادات والتقاليد التي كانت متبعة في الحقبة التي يعالجها، ومحاولة البعض التمسك بها حتى الآن، وانصراف البعض الآخر عنها.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد