العلم لمن يريد مجاناً

mainThumb

10-06-2014 07:18 PM

إستوقفني قبل مدة قصيرة إعلان هام عن قرب إطلاق مبادرة "إدراك ... العلم لمن يريد " و هي بالمناسبة مؤسسة أردنية تحت رعاية الملكة رانيا العبدالله , و شدّني الموضوع لما تتميّز به هذه المبادرة من نقلة نوعيّة و متطوّرة جداً في إستخدام نمط جديد في تقديم العلم, لمن يريد و مجاناً .

 و " إدراك "  و نحن هنا لا نسوّق لها بقدر ما نستعرض المزايا التي سيجنيها المقبلون عليها  , هي الثانية في العالم العربي بعد منصة أكاديمية دراسات اللاجئيين الفلسطينين, و إن كانتا مقتبستين من تجربة غربية سبقتنا بأكثر من أربعة و عشرون عاماً تقريباً , إلا أنها تمنح طالب العالم فرصة حقيقية بكل معنى الكلمة  ليغرف ما شاء من العلم أو التخصّص من مصادره الأكاديمية ( الجامعية على الأغلب )  , و أحياناً كثيرة قد تكون الجهة المقدمة للبرنامج أو المساق جامعة عالمية مشهورة مثل هارفارد أو مركز أوروبي أو أقليمي... الخ .

نحن نتحدث ( كما نأمل في مبادرة إدراك ) عن منصّة تعليميّة إلكترونية مكانها المنزل أو المكتب , تُتيح لأي إنسان عربي أن يكتسب المعرفة لأي من المساقات المتاحة, بدون الحاجة لدفع رسوم دراسيّة, و كل ما يتطلبه الأمر من الدراسين هو  توفير جهاز حاسوب و تخصيص جزء من وقتهم لذلك, و في ختام المساق و الذي غالباً ما يستغرق أسابيع معدودة  تعتمد على طبيعة المساق و عدد مقرراته , يُمنح الدارس شهادة من الجامعة التي قدمت البرنامج بعد مشاركته في عدد من المناقشات و نجاحه في الإمتحانات السريعة المخصصة .

لقد إنتشرت هذه المنصّات الإلكترونية كرديف موازي للتعليم عن بعد في الجامعات الغربية إبتداءً من مطلع تسعينيّات القرن الماضي , و تبنّتها جامعات عالمية مشهورة إلى جانب مراكز إقليميّة و عالميّة كالإتحاد الأوروبي و بعض أجهزة الأمم المتحدة و بعض المراكز الحقوقية و القانونية و الإعلامية من حول العالم , و  الغاية منها إستقطاب الموظفين و طالبي العلم و المعرفة نحو هذه المنصّة ضمن الوقت و الساعة و اليوم الذي يختارونه هم بانفسهم (ضمن فترة زمنية محددة ) و بما تسمح إمكانياتهم الماديّة و لتلبية طموحاتهم العلمية و الأكاديمية , ليس فقط لتزويدهم بحقول المعرفة , و إنما لتمكينهم من إكتساب مهارات عمليّة و علميّة تمكّنهم من إستغلالها في حياتهم العمليّة و من خلال شبكة الإنترنت كمهن أكاديميّة ( كالصحافة الرقمية و التسويق الإلكتروني و مهارات التواصل الإجتماعي ,  و ما إلى ذلك من تخصصات و حقول أكاديميّة و مهنيّة .

أغلب المساقات التي تقدّمها الجامعات و المراكز المرموقة و التي ينتسب إليها عشرات الألاف في بعضها (دورة المجلس الأوروبي للصحافة لصحافة البيانات حيث تقدّم لها أكثر من 21 ألف طالب و طالبة من جميع أنحاء العالم ) تقدّم مجّاناً للدارسين و تمنحهم شهادة معترف بها دوليًاً , و هذا ما نتمناه من مؤسسة " إدراك " أن تحذو حذو تلك المنصّات العالميّة  .

و بالعودة لهذه المنصّة التي جربتها شخصّياً أكثر من مرة , فأنا أشجع الشباب العربي على الإقبال بقوة و كثافة عليها للإستفادة منها لتنمية مهاراتهم الموجودة لديهم في الأساس  . و سيكون محظوظاً من يحالفه الحظ و يستفيد أكثر من المنصّات الإلكترونية الموجودة في العالم الغربي .

حينها سيكتشف أن الإنترنت ليس مصدر ترفيه و إضاعة للوقت , و إنما مجال واسع جداً لحصد المعرفة و تنمهية المهارات العمليّة و إكتساب المهن , كما سيكتشف أن العالم الغربي بات يتحدث حاليّاً حول  " the life after google  " في وقت ما زلنا فيه نستخدم بعضاً من أدواته لا أكثر , و بذلك سنتعرّف أكثر على طبيعة الحياة لديهم  , كما سندرك جيداً كم هو الفاصل الزمني و التكنولوجي الذي يفصل بين مجتمعاتنا و مجتمعاتهم , و أن الأمر لا يقاس  دائماَ بمسافة جغرافية تُحسبُ بالأميال  .



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد