السوسنة - توصّل العلماء إلى أنّ جسم الإنسان لا يكفيه الحصول على الفيتامينات والمعادن ومضادات الأكسدة لكي يؤدي وظائفه على نحو جيّد، بل يحتاج أيضاً جرعاتٍ معيّنة من الأحماض الدهنيّة الأساسيّة. فكيف يتحقّق هذا الأمر؟
يعتقد بعض الأشخاص أنّ الأحماض الدهنيّة الأساسيّة تقتصر فقط على الأوميغا 3، خصوصاً أنّ الدراسات توليه أهمّية زائدة نظراً إلى إنخفاض مستوياته لدى نسبة كبيرة من الناس في مختلف بلدان العالم. غير أننا نجد أيضاً الأوميغا 6 و9 اللذين يتميّزان بخصائصهما المُنفردة. فما الفارق بين هذه المواد وكيف تستفيد منها؟
تعزيز أداء الخلايا
لمزيد من التفاصيل حول هذا الموضوع، قالت إختصاصية التغذية، كارول مارون، في حديث خاصّ لـ"الجمهورية" إنّ "الجسم يعجز عن إنتاج حامض الألفا لينولينيك (Alpha Linolenic Acid) لبناء الأوميغا 3، وحامض اللينولييك (Linoleic Acid) لبناء الأوميغا 6، لذلك يجب توفيرهما عن طريق التغذية".
وأضافت: "تُعرف الأحماض الدهنيّة الأساسيّة بأهمّيتها لتعزيز أداء كلّ خلايا الجسم، ولذلك يجب التأكّد من الحصول على كميات كافية منها خصوصاً لدى الحوامل لارتفاع حاجاتهنّ إلى الأوميغا 3 و6 الضروريّين لنموّ الجنين، وتطوير دماغه، وطريقة تصرّفه. كذلك يجب على المرضعات زيادة إستهلاك هذه الأحماض الدهنيّة بما أنّ الأطفال يتلقّونها بواسطة الرضاعة الطبيعية".
منافع لا تُحصى
وتطرّقت كارول إلى فوائد الأوميغا 3 قائلة: "تبيّن أنّ الحصول على كمية جيّدة منه يرفع مستوى الكولسترول الجيّد (HDL)، وفي المقابل يخفّض التريغليسريد ومعدل ضغط الدم المرتفع، وبذلك تشكّل هذه المادة إحدى أفضل الطرق للمساعدة على الوقاية من أمراض القلب وحتّى من السكتات الدماغيّة.
كذلك يساعد الأوميغا 3 على تقوية العظام من خلال رفع مستويات الكالسيوم في الجسم، وتعزيز تواصل الخلايا العصبيّة مع بعضها وبالتالي الحفاظ على صحّة العقل وسلامته ومحاربة الكآبة. ناهيك عن أنّ الدراسات أشارت إلى أنّ الأوميغا 3 قد يخفّض الالتهابات ويحسّن وظائف الرئة لدى الأشخاص الذين يعانون الربو، ويخفّف خطر الاصابة بسرطان القولون والثدي والبروستات".
إشارات النقص
غير أنّها أكّدت أنّ "كثيرين يُفوِّتون عليهم هذه المنافع نظراً إلى إنخفاض مستويات الأوميغا 3 في دمائهم من دون إدركهم ذلك، فيواجهون مجموعة من الأعراض التي تشمل التعب، والجفاف، وتساقط الشعر، وهشاشة الأظافر، والإمساك، والإكتئاب، وضعف التركيز، وآلام في المفاصل. لذلك يُستحسن عليهم اللجوء إلى طبيبهم لتحديد الجرعة الملائمة من المكمّلات الغذائية".
وأشارت كارول إلى "توافر الأوميغا 3 في أطعمة معدودة مثل بذور الكتّان، والزيوت (زيت بذر الكتان، والجوز، وفول الصويا)، والخضار الورقيّة الخضراء (الخسّ والقرنبيط والملفوف والسبانخ)، والبقوليّات (الفول والبازلاء)، والحمضيّات، والسمك. غير أنّ زيت بذر الكتّان يُعدّ الأهمّ، لذلك يُنصح بوضع ملعقة منه على الطعام"، مشدّدة على أنّ الأوميغا 3 لا يحتمل الحرارة وبالتالي لا يمكن استعماله في الطهي، والأفضل حفظه داخل زجاجات داكنة ووضعه في الثّلاجة".
العلاقة بين الأوميغا 3 و6
وفي ما يخصّ الأوميغا 6، أفادت: "أنّه مهمّ لالتهاب المفاصل، وتقليل أمراض الإكزيما، وخفض مستوى الكولسترول السيّئ في الدم، ومحاربة أمراض القلب. وعموماً يقدّم الطعام كميات كافية من الأوميغا 6 الذي يمكن الحصول عليه من الخضار الورقيّة، والبذور، والمكسّرات، والحبوب، والزيوت النباتيّة كالذرة ودوار الشمس وفول الصويا والسمسم، ولذلك ليس من الضروري تناول مكمّلاته الغذائيّة باستثناء إذا كان الشخص يتقيّد بنظام غذائي قليل الدهون".
وأوضحت أنّ "الأوميغا 6 يتنافس مع الأوميغا 3 عند استخدامهما في الجسم، لذلك من المهمّ أخذهما بالجرعات الملائمة، أي أن تكون كمية الأوميغا 6 أكثر بمرّتين فقط من الأوميغا 3. وبما أنّ معظم المواد الغذائيّة غنيّة بالأوميغا 6 وفقيرة بالأوميغا 3، فقد تصل نسبة الأوميغا 6 لدى بعض الأشخاص إلى 10 أو 20 مرّة أكثر من الأوميغا 3".
تناولها بذكاء
ماذا عن الأوميغا 9؟ "إنه حامض دهنيّ غير ضروري يُنتَج طبيعياً في الجسم، ولذلك لا يحتاج الإنسان إلى تناول مكمّلاته الغذائيّة، عِلماً أنه متوافر في زيت الزيتون، والمكسّرات، والفول السوداني، والبندق. ويُستخدم الأوميغا 9 خصوصاً في حال حدوث نقص في أحماض الأوميغا 3 و6، فيحاول الجسم التعويض عن طريق إنتاج الأوميغا 9. ومع ذلك، فإنّه ليس فعّالاً مثل الأوميغا 3 و6 على رغم أنّه مفيد لخفض أمراض القلب والكولسترول وارتفاع ضغط الدم".
وخِتاماً أكّدت كارول أنّ "الأحماض الدهنيّة الأساسيّة الأوميغا 3 و6 و9 مهمّة وتُكمّل بعضها، وبما أنّ نوعَي 6 و9 متوافران بكثرة في الأكل والجسم، يتهافت الناس إلى أخذ مكمّلات الأوميغا 3 الغذائية.
لكن هذا الأمر وحده لا يكفي للإستمتاع بالمنافع العظيمة التي يقدّمها، إنما يجب معرفة طريقة الحصول على هذه المادة بذكاء من خلال الإلتزام بالجرعة الملائمة، وعدم الإفراط فيها كي لا تصبح علاقتها بالأوميغا 6 مُعاكسة وتؤدّي إلى خلل في خلايا الجسم".الجمهورية