عجلـون والانقلابات الطبيعيّـــة

mainThumb

09-01-2015 02:59 PM

كُنتُ أُواجَه دائماً وما زلتُ من الكثير ممّن أجالسهم (وحتى قبل أن أكتب هذه المقالة بساعات) بأسئلةٍ تدور حول الدور التاريخي والجغرافي الذي لعبته عجلون في الماضي(وخاصّة في العهديْن الأيوبي والمملوكي) ، ولماذا تراجع هذا الدور حاليّاً، وحتّى لا أكرر ما قلته كثيراً يُمكن للقراء الكرام أن يرجعوا إلى مقالاتي في وكالة عجلون لإجابة على هذه الأسئلة المباشرة، وباختصار أقول:
                 " نعم، عجلون أصيلة تاريخيّاً، وجميلة ومُميّزة جغرافيّاً".
*** فمن النّاحية التّاريخية لا أحد يُمكن أن يُنكر على عجلون أصالتها، والشواهد والبراهين التاريخية التي تُعزّز وتثبت هذه المقولة كثيرة، ومنها:
   - إنّ نباتات عجلون كانت الصيدلية الطبية لكل المناطق المجاورة والبعيدة، فالفراعنة اعتمدوا على نبات " بلسم جلعاد" الذين كانوا يحضرونه من عجلون في استخراج مادة التحنيط لموتاهم.
   - في العهديْن الأيوبي والمملوكي كانت منطقة عجلون من أهم مصادر أرزاق الجيش الإسلامي، وكانت مدينة عجلون( وخاصّة في العهد المملوكي) ثالثة ثلاثة مدن هي دمشق والقاهرة.
- عام 1596 كانت عجلون برتبة لواء يتبعه جميع المناطق التي يتكوّن منها الأردن حاليّاً باستثناء معان والبلدات الأردنية التي تحاذي الحدود السورية والتي كانت تتبع قضاء حوران إداريّاً(1). وللعلم فإنّ فلسطين وشرق الأردن وسوريا كانت تنقسم إداريّاً إلى سبعة ألويةهي(2):
  1- لواء القدس الشريف ورقم دفتره المفصّل 112.
  2- لواء نابلس ورقم دفتره المفصل 100.
  3- لواء غزة ورقم دفتره المفصل 192.
  4- لواء لجّون ورقم دفتره المفصل 181.
  5- لواء عجلون ورقم دفتره المفصل185.
  6- لواء صفد ورقم دفتره المفصل 72.
  7- لواء شام الشريف ورقم دفتره المفصل99.
- عام 1856 تشكّل في عجلون أول لواء في شرقي الأردن، تبعه لواء البلقاء( السلط) عام 1891، ثم لواء الكرك عام 1893.
          (( أعتقد هذا يكفي لإثبات النصف الأول من المقولة أعلاه "عجلون أصيلة تاريخيّاً" )).
***أمّا من الناحية الجغرافية " عجلون جميلة ومُميّزة جغرافيّاً" فهي صفة دائمة في عجلون، أي أنّها قديمة جديدة " ماضياً، وحاضراً، ومستقبلاً"، إذ من المعروف أنّ الجغرافيا الطبيعيّة تغيّرها بطيء جدّاً قياساً بالجغرافيا البشريّة، والانقلابات الطبيعيّة خير دليل على جمال وتميّز عجلون، كيف؟؟!!
  - في الانقلاب الصيفي للنصف الشمالي من الكرة الأرضيّة الذي يكون في20- 23 حزيران من كل عام، ترتفع الحرارة وتشهد غابات جبال عجلون وجوداً كثيفاً للسياح القادمين إليها من الخارج ومن كافة مناطق المملكة، وكلّما اشتدت الحرارة اشتدت كثافة هؤلاء السيّاح بهدف التّفيؤ بظلالها الوارفة واستنشاق هوائها المُنعش وتستقبلهم عجلون (الطبيعة والبشر) بحنوّ الجدّ لأحفاده، ألا تستحق عجلون" جميلة الجميلات" أن نُسميّها " حديقة الوطن" فهي بحق "رئة المملكة ومُتنفّسها".
  - أمّا في الانقلاب الشتوي للنصف الشمالي من الكرة الأرضيّة والذي يحلّ في20- 23 كانون الأول من كل عام، فتُصبح عجلون حديث الجميع بغزارة أمطارها وتساقط ثلوجها، ورغم جمال صيف عجلون، إلاّ أنّ الشتاء فيها أجمل(وأكاد أجزم أن شتاء عجلون يُعادل شتاء تونس وتركيا أو الدول الأوروبية أو ربما أجمل)، ولكنها لا تشهد إقبالاً من السيّاح إلاّ من بعض مراسلي الإذاعات والتلفزة لتغطية شتائها المُميّز!!، لأنّها – ببساطة- غير مؤهّلة لذلك من حيث البنية التحتية التي يحتاجها السائح، وفصل الرّبيع الزاهي الباهي في عجلون هو نتاج فصل الشتاء الممطر والمُثلج، وهنا فإنّ مقولتنا" عجلون مُتجدّدة العطاء " هي صحيحة مئة بالمائة.
***والآن بقي سؤال يتكرر كثيراً : هل يُمكن إعادة الدور التاريخي لعجلون؟؟!! نُجيب: نعم وبسهولة ويُسر، والجغرافيا هي التي تُجيب، فنقول: انطلاقاً من المقولة السابقة " عجلون مُتجدّدة العطاء في كلّ زمان"، فالعطاء الذي يُمكن أن يُعيد دور عجلون هو : السّيــــــــــــاحة بأنواعها المتعددة، كيف؟؟!!
   وكتبتُ عن ذلك وقُلت بأنّ الحلول هي:
  1- تفعيل وتعزيز مبادرة جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين المعظم والمتمثلة بـ: منطقة جبل عجلون التنموية الخاصة، والتي ولدت منذ زيارة جلالته لعجلون عام 2009، فهل من متابعٍ أو مجيب؟؟!! ست سنوات مضت ولم تراوح هذه المبادرة مكانها ،( فعلاً عجلون لا بواكي لها!!!!!).
 2-  إقامة أربع محميات طبيعية أخرى في المحافظة على غرار محمية عجلون(بالقرب من راسون(4))
   هذه المحميات تتوزّع جغرافيّاً على مناطق: الجنيد، والشفا، ووادي الطواحين، وراجب، على أن يتم ربط هذا المحميات بمسارات بيئية مخدومة ومؤثّثة سياحيّاً.
 3- وبعد أن تكتمل البنية التحتية السياحية في عجلون ويزداد الوعي السياحي بها، نتمنّى على جلالة سيدنا يحفظه الله أن يُطلق المبادرة الثانية " عجلون العاصمة البيئية للمملكة " بكل ما تحمله هذه المبادرة الملكية من استحقاقات، وبعدها....أراهنكم إن لم تُصبح عجلون من أهم مناطق الأردن جذباً للسكان، ومن أهمها مُساهمة في التخفيف من حجم البطالة، ومن أهمّها في المساهمة في الدخل!!! هل يُمكن ذلك؟!، وهل أنت عزيزتي/ عزيزي مع هذه التوجّهات؟؟؟!!!
المراجـــع:
(1) غرايبة، خليف( 2009)، المستقرّات البشريّة في لواء عجلون والجزء الجنوبيّ من قضاء حوران في نهاية القرن السّادس عشر (1596م)، مجلة آداب الكوفة، جامعة الكوفة، المجلد 1، العدد4 نيسان، ص13-35.
  (2) Hutteroth, W.D. and Abdulfattah, Historical Geography of Palestine, Transjordan and southern Syria in the late 15th century, England, 1977.
 
  (3)غرايبة، خليف( 2012) الدّور التنموي لمحميّة غابات عجلون في المملكة الأردنية الهاشمية، مجلة المُخطط والتنمية، معهد التخطيط الحضري والإقليمي للدراسات العليا، جامعة بغداد، المجلد17، العدد25 ، ص112-134.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد