اليمن : خيار الحرب والسلم
خطورة الوضع في اليمن تتصاعد بسرعة كبيرة. وعلامة الخطورة الآن أن اليمن يخرج، أو خرج بالفعل من حال الثورة ليقترب من حافة الانزلاق إلى حرب أهلية. نجح اليمنيون في شكل مذهل في تفادي حرب أهلية على مدى سنوات الثورة. إذ كان المطلب الشعبي إسقاط نظام علي عبدالله صالح. والآن باتت الدعوات إلى المحافظة على مؤسسات الدولة من الانهيار النهائي. الرئيس السابق لا يزال موجوداً في اليمن، رئيساً للمؤتمر الشعبي العام، وناشطاً سياسياً له تحالفاته داخل المؤسسة الأمنية للدولة وخارجها. خرج من بوابة الثورة، ليعود أولاً من نافذة المبادرة الخليجية، وثانياً من ثغرة الحوثيين. هذه أولى نقاط ضعف المبادرة الخليجية. كانت تجب مقايضة حصانته من المساءلة بخروجه من اليمن. المنطقة تدفع ثمن هذا التنازل.
من تداعيات ذلك أيضاً، وهي مفارقة من مفارقات السياسة اليمنية، أن الحوثيين عادوا أقوى مما كانوا عليه، من خلال عدوهم الأول علي صالح نفسه، وهم حلفاء لإيران! هل يمكن أن يصبح صالح حليفاً لإيران أيضاً؟ الأرجح أن هذا لن يحصل. وإذا حصل فسيكون على قاعدة يتمسك بها صالح، وهي أنه ليس حليفاً نهائياً لأحد. تحالفاته متنقلة. قد يستخدم الإيرانيين للضغط على خصومه في اليمن، بمن فيهم الحوثيون، والسعوديين خارج حدود اليمن. السعوديون أكثر من يعرف ذلك عن الرئيس السابق.
عندما تأخذ هذا الجانب من المشهد اليمني، ومعه وضع القوى السياسية المقابلة في الجانب الآخر، ثم تضيف إليه التعويل المفرط من السعودية ومجلس التعاون على حل سياسي صرف في اليمن، تنتابك مخاوف من أن اليمن يقترب سريعاً من حرب أهلية. التوازنات في اليمن مضطربة، والحوثيون إن لم يكونوا يريدون حرباً أهلية، فإنهم يدفعون الأحداث باتجاهها. أما الإيرانيون فهم يريدون هذه الحرب أكثر من غيرهم، هم أرادوها بالأمس قبل اليوم، لماذا؟ لأن الإيرانيين عرفوا فوائد الحرب الأهلية في أراضي غيرهم. لم يكن في وسعهم مد نفوذهم في العراق وسورية من دون حرب أهلية. من دون هذه الحرب تفقد آلية الميليشيا فعاليتها، وهي رافعة دور إيران الإقليمي، بل تفقد معناها تماماً.
المذهل أن بعض العرب الشيعة الذين توظفهم إيران وقوداً لآلية الميليشيا هذه، لم يتنبهوا إلى أن إيران لا تسمح بوجود ميليشيا، أياً كانت جنسيتها أو هويتها الدينية، على أراضيها. تريد ميليشيات شيعية عربية داخل دول عربية، لكن من دون أن تقترب من حدودها. الحرب الأهلية في العراق وسورية مثلاً، لا تكلف إيران بشرياً، هي تكلفها مادياً: مال وسلاح. ليس هناك شيء من دون ثمن، هي حرب على أراض عربية، وقودها سكان عرب، وأكلافها البشرية والمادية والسياسية أيضاً في معظمها أكلاف عربية، وربما هذا ما أغرى مستشار الرئيس «المعتدل» حسن روحاني بإعلان بداية إمبراطورية فارسية عاصمتها بغداد. وما هو خسائر عربية بالحجم الذي يحصل في العراق وسورية، هو مكاسب إيرانية، مكاسب موقتة، حتى الآن على الأقل، لكنها المكاسب الوحيدة التي تمكن الإشارة إليها في هذا الصراع.
بعد العراق وسورية تريد إيران حرباً أهلية أخرى في اليمن، لذلك تدعم الحوثيين هناك بالمال والسلاح. من خلال هذه الحرب وعلاقتهم بالحوثيين تحديداً، سيتمكن الإيرانيون من فرض أنفسهم لاعباً لا يمكن الاستغناء عنه في جنوب الجزيرة العربية، مثلما فعلوا في العراق وسورية ولبنان. آخر ما أقدمت عليه إيران في هذا الاتجاه توقيع اتفاق مع الحوثيين الأسبوع الماضي لتوسيع وتطوير ميناء الحديدة على أمل أن يصبح الميناء تحت سيطرتهم، وبالتالي السيطرة على باب المندب في البحر الأحمر.
ما الذي منع انفجار هذه الحرب حتى الآن؟ عاملان: الأول إصرار جميع القوى السياسية الأخرى، وخصوصاً أحزاب اللقاء المشترك، على تفادي الصدام المسلح مع الحوثيين، فتركوهم يتمددون من صعدة حتى صنعاء، بل وجنوب صنعاء أيضاً. والثاني تمسك السعودية ودول مجلس التعاون بخيار الحل السياسي للأزمة بين الأفرقاء اليمنيين. هنا يعود دور الرئيس السابق علي صالح إلى المشهد. كان صالح يتلقى الدعم من السعودية، والآن هو من يقدم الدعم للحوثيين، ولحلفائه! يشتهر الرئيس السابق بين اليمنيين بأنه صاحب البطاقات: بطاقة «القاعدة»، وبطاقة الحوثيين، والبطاقات السعودية والأميركية والروسية، وبطاقة المال، والأجهزة الأمنية، وبطاقات الحرب، ثم الهدنة وتبديل التحالفات. يمسك الآن ببطاقة قسم من الجيش والأجهزة الأمنية. يريد أن ينتقم من أحزاب المشترك، وخصوصاً الإصلاح، التي فرضت مغادرته كرسي الرئاسة. وبما أنه وافق ووقّع رسمياً، بصفته رئيساً، على وثيقة مغادرته، يريد الآن العودة من خلال ترشيح ابنه للرئاسة. من هذه الزاوية، لم يعد الحوثيون بطاقة «الزعيم»، كما تصفه صحيفة «اليمن اليوم» التي يمتلكها. قد يصبح هو أيضاً بطاقة في يد الحوثيين. هل يدرك الرئيس الذي حكم اليمن أكثر من 35 سنة، أنه من خلال الحوثيين قد يصبح أيضاً بطاقة في يد الإيرانيين؟
أين يقع الرئيس الشرعي عبدربه منصور هادي من كل ذلك؟ الحقيقة أن الأحداث كشفت عن أن هادي رئيس ضعيف. حاول أن يجاري الحوثيين، لكنه بذلك ساهم من حيث لا يريد في توسع التمدد الحوثي وسيطرتهم على العاصمة. واضطر أخيراً إلى الهرب إلى عدن لقيادة مواجهة الحوثيين. انتقاله إلى هناك أعاد ترتيب المشهد بما يسمح بتصحيح ما ارتكب من أخطاء، وأبرز هذه الأخطاء عدم وضع بند نزع سلاح الحوثيين ضمن مخرجات الحوار الوطني الذي اكتملت مجرياته في فندق «موفنبيك» في صنعاء العام الماضي. وكان من الطبيعي أن يتوج هذا الخطأ في وثيقة «السلم والشراكة» التي تم توقيعها بين القوى السياسية تحت فوهات سلاح الحوثيين إثر سيطرتهم على العاصمة.
ويتضح من هذا أن نجاح الرئيس هادي يتطلب أولاً وقبل كل شيء جعل «تخلي الحوثيين عن السلاح» أول بند في أي اتفاق سياسي مقبل، وهذا ممكن، فالحوثيون أقلية صغيرة حتى بين زيود اليمن، ويفتقدون قاعدة شعبية معتبرة، وهذا واضح من اعتمادهم الكبير على السلاح والتهديد باستخدامه ضد معارضيهم. يريدون تكرار تجربة «حزب الله» في لبنان، من دون إدراك حصيف بأن اليمن بتركيبته الديموغرافية والسياسية والجغرافية ليس لبنان، وآخر المؤشرات على أن وزن الحوثيين السياسي محصور في السلاح هو إعلان ولادة أكبر تكتل يمني معارض للحوثيين أمس. وبالتالي، فإن وقوف جميع القوى السياسية في شمال اليمن وجنوبه مع الرئيس هادي ومع المبادرة الخليجية، يعزل الحوثيين عملياً ويضعف موقفهم السياسي.
أمام هذا الوضع، قد يلجأ الحوثيون إلى الخيار العسكري، وقد يتحالف معهم في ذلك علي صالح. الأكيد أن الإيرانيين سيشجعونهم على تبني هذا الخيار لأنه الوحيد الذي يتيح فرض حضورهم وأخذ مصالحهم بعين الاعتبار في أي تسوية متوقعة. وما يزيد تشجيع الحوثيين والإيرانيين على ذلك أن الجيش منقسم، وأن الخليجيين ينفرون من الخيارات العسكرية أصلاً. من هنا تبرز أهمية الدور الخليجي في نجاح الرئيس هادي وحلفائه أو فشلهم في هذه المواجهة. وهي أهمية تؤكد أولاً ضرورة التمسك بحل سياسي متوازن وشامل لا يستثني أحداً، وثانياً الاستعداد الكامل لحماية هذا الحل عسكرياً إذا تطلب الأمر ذلك. ومن دون الجمع بين الاثنين ستنزلق اليمن إلى حرب أهلية طويلة. وهي حرب ستعزز احتلالاً إيرانياً آخر على باب المندب، بغطاء حوثي.
سيقال إن هذا قد يدفع إلى تفجير الوضع في اليمن بأكثر مما هو عليه الآن، وهذا احتمال وارد، لكن وجود كتلة كبيرة بحجم الاصطفاف اليمني الحالي تمثل الغالبية الساحقة من اليمنيين، مدعومة بموقف خليجي ودولي موحد خلف هذه الكتلة، يشكل رادعاً سيجبر الحوثيين على التفكير ملياً بمآلات الخيار العسكري. وإذا ما استقر هؤلاء على هذا الخيار، فليس هناك مفر من مواجهته، وإلا فسيقع الجميع تحت طائلة ابتزاز لا نهاية له. الحياة
القسام:استهدفنا قيادة جيش الاحتلال بنتساريم بالصواريخ
اكتشاف حقل غاز ضخم جديد في دولة عربية
اللواء أحمد العوضي:مصر لديها رئيس لن يتهاون بحماية الأمن القومي
ارتفاع التخليص على السيارات الكهربائية وانخفاض البنزين
المركزي يطرح الإصدار رقم 1 لعام 2024 من أذونات الخزينة
الأزايدة يعرض جهود الأردن بوقف حرب غزة في السفارة الصينية
منتدى التواصل يستضيف رئيس مجلس مفوضي هيئة الاتصالات
موعد الانتهاء من عطاء إنشاء محطة تحويل جرش
النائب الرياطي يشنّ هجوما على المكتب الدائم ورئيس المجلس
الفريق الوزاري يعقد اجتماعا في عجلون وجرش
مندوبا عن ولي العهد .. الخصاونة يفتتح مؤتمر الحوار الشبابي الثاني
انهيار سهم ستاربكس وماكدونالدز .. رسم بياني
واشنطن بوست:مدير CIA في قطر لمنع انهيار المفاوضات بين إسرائيل وحماس
مطلوبون لدفع مستحقات مالية .. أسماء
متى ينتهي عدم الاستقرار الجوي الذي يؤثر على المملكة
قرار المحكمة بحق شخص زوّر أوراق نقل ملكية أرض
المستفيدون من صندوق الاسكان العسكري لشهر 5 .. أسماء
هل منع الأردن دخول سيارات الكهرباء ذات البطاريات الصلبة
استمرار جدل انخفاض أسعار المركبات الكهربائية .. توضيحات
تحديد أسعار الدجاج في المملكة .. تفاصيل
اكتشاف موقع أثري جديد في جرش .. تفاصيل
إرادة ملكية بحصول شخصيات على ميدالية اليوبيل الفضي
الصناعة والتجارة تحدد سقوفًا سعرية للدجاج ابتداءً من الجمعة
جنود إسرائيليون يرتدون فساتين نساء غزة .. صورة
حالة الطقس من الخميس إلى الأحد .. تفاصيل