الأمير الحسن يدعو إلى أطر عمل إنسانية من أجل الاستقرار العالمي

mainThumb

25-05-2009 12:00 AM

قال سمو الأمير الحسن بن طلال إن التفكير النقدي هو ذلك الحضور الإدراكي الفطن الذي يستحضر فيه المتعلّم خلاصة قدراته الثقافية للتأثير في المعطيات التي يتعامل معها، في عملية دقيقة مرتبطة بخطاب بنيوي.

وأضاف سموه، في خطابه الرئيسي الذي اختتم به أعمال "منتدى اليونسكو حول التعليم العالي في أوروبا"، في البرلمان الروماني ببوخارست السبت الماضي (23 - 5 - 2009)، أن أغلبية نظم التعليم في الغرب وفي أماكن أخرى، تعلّم التلاميذ الاعتماد على نظام الذاكرة التصنيفية للدماغ الذي يتم تنشيطه بالتكرار. وحتى في "الدول المتقدمة" حيث تتحدث الجامعات عن التفكير النقدي، تكون الحقيقة على أرض الواقع مختلفة جداً في أغلب الأحيان؛ مشيراً إلى أن نظام "العلامات" التي يتم الحصول عليها في البيئة الاصطناعية لغرفة الامتحانات، هو في العديد من الحالات أكثر العوامل حسماً في تقرير مصير الدخول إلى المؤسسات التعليمية، وفي أكثر الحالات، يُقرّرُ نوعية المؤهلات المرافقة.

وقال الأمير الحسن إن التعلّم الاستذكاري هو عدو للدماغ، وأساليب التدريس العدائية للدماغ هي عائق كبير في وجه التعليم التجريبي الحقيقي. والجامعات تكون في أفضل أحوالها عندما ترسّخ في عقول طلابها الحاجة للسعي وراء الوضوح والدقة والملاءمة الموضوعية والعمق وسعة التفكير والمنطق، وقبل كل شيء التعاطف. فالتعاطف يعني القدرة على أن يضع المرء نفسه مكان الآخر كي يرى العالم من خلال منظور ذلك الآخر. وغرس هذه الخصائص في ذهن الطلاب سيضمن انتاج العقول التي تتقصى وتحلل، وتجد الحلول للمشاكل، وتوسّع حدود المعرفة أكثر فأكثر.

وأضاف سموه أن تسليع التعليم العالي قد أصبح ظاهرة عالمية مع نمو التوجه نحو تأسيس العديد من الجامعات الخاصة. كما أن الجامعات العامّة، في العديد من الأماكن، تمت خصخصتها، بمعنى أنها أصبحت، وعلى نحو متزايد، مسؤولة عن جمع الأموال بنفسها. وأصبح يُنظر للطلاب بوصفهم "زبائن". وبالطبع، فإن التوسّع في القطاع الخاصّ يثير قضايا مراقبة الجودة والاعتماد، حيث في أجزاء عديدة من العالم لا توجد سيطرة قوية على توسّع القطاع الخاصّ؛ موضحاً أنه ليس ضد الجامعات الخاصة، وإنما ضدّ أن تُدار هذه المؤسسات كأعمال تجارية، من أجل الريعية فقط والحصول على الدخل من خلال تسليع الإنسان. فخصخصة التعليم تخاطر بتحويل الباحث إلى سلعة، وتحويل الفكر إلى خطّ إنتاج.

ودعا الأمير الحسن مؤسسات التعليم العالي إلى الانخراط في حوار جمعي وذي مغزى حول السبل التي يمكن من خلالها تعزيز مسير التعليم العالي من أجل الأجيال المقبلة؛ مشدداً على ضرورة التفكير في تأسيس منهجية راسخة للتعليم من أجل المواطنة، وتهيئة جيل المستقبل لتفعيل اهتمامه بالقواسم العالمية المشتركة التي تمثّل فضاءً انتقائياً يشمل مصادرنا البيئية والاجتماعية والثقافية والوراثية والفكرية، وهو الفضاء الثالث الذي ينتمي للجميع.

وكان سموه التقى خلال زيارته رومانيا رئيس الأكاديمية الوطنية الرومانية، البروفيسور يونيل هيدوتش، حيث دار حوار حول ضرورة التواصل بين الفضاءات الأوروبية وفضاء غرب آسيا وشمال إفريقيا، في العديد من المجالات الإنسانية. كما التقى سموه غبطة الدكتور دانييل شيوبوتيا، بطريرك الكنيسة الأرثوذكسية الرومانية، حيث دار حوار تركّز حول ضرورة أن تسمو الأديان فوق السياسة، وأهمية الروحانيات في تعزيز حقوق الإنسان، والمسؤولية والقيم المشتركة بين الأديان التوحيدية الثلاثة، والنماذج الإيجابية للتعايش السلمي والحوار بين أتباع الأديان.

من جهة أخرى، خاطب سمو الأمير الحسن، الأسبوع الماضي في فيينا، المشاركين في اجتماع اللجنة الخاصة لمواضيع الطاقة والبيئة، التابعة للجمعية البرلمانية الأورومتوسطية.

ودعا سموه، خلال الاجتماع الذي عُقد في البرلمان النمساوي، إلى إنشاء هيئة للمياه والطاقة من أجل البيئة الإنسانية، تكون مشتركة بين الاتحاد الأوروبي وإقليم غرب آسيا وشمال أفريقيا، بحيث تشكّل هذه الهيئة فوق القطرية إطار عمل مؤسسي يوفر محفزات جديدة لإدارة وحماية المصادر المشتركة.

كما دعا سموه إلى إنشاء صندوق للتضامن الاجتماعي، ففقراء العالم لهم الحق الشرعي بالوصول إلى خدمات الطاقة التي يجب أن تكون متوفرة وصحية وموثوقة ومستدامة. ويجب ضمان انخراط الفئات المهمشة والهشة من سكّان العالم كمشاركين في عمليات تنميتهم.

وثالثاً، دعا سموه إلى التفكير في تأسيس منظمة للأمن الإقليمي تتبنى مفاهيم الأمن الإنساني الجديدة، وتركز على التعاون عبر الحدودي لتطوير اتفاقيات للاستقرار والأمن فوق القطري الذي يستند إلى القوة الذكية.

وفي منتدى برونو كرايسكي للحوار الدولي بفيينا، ألقى سمو الأمير الحسن محاضرة فكريةً أكّد فيها على ضرورة تطوير الروح الجمعية وتحقيق الإنسانية المشتركة بين مجتمعات العالم، من خلال حوار إنساني يرتكز إلى إدراك أهمية الآخر.

وأشار سموه أنه لا بد من توفير سياق عالمي نضع فيه المحتوى الأهم الذي يتمثل في القضايا ذات الأولوية والمتعلقة بالأمن الإنساني، بوصف الناس جميعاً شركاء في هذا الكوكب.

ودعا سموه إلى الاستثمار النوعي في الإنسان، وزرع بذور المستقبل من خلال العلم والتكنولوجيا؛ مشدداً على ضرورة الالتزام الجمعي بالمبادرات التي تعزز القواسم العالمية المشتركة، والتعليم من أجل المواطنة.

وخلال اجتماع للفرع النمساوي لنادي روما، تحدث الأمير الحسن إلى نخبة من المثقفين والشخصيات العامة حول مبادىء حاسمة في صنع الاستقرار والسلام العالمي؛ مشيراً إلى حاجة أساسية معاصرة لتمكين الفقراء قانونياً، وجعل القانون يعمل من أجل الجميع.

وقال سموه إنه لا بدّ للمشاريع الاقتصادية الإقليمية أن تضع بعين الاعتبار القدرة الاحتمالية للمنطقة، بيئياً واجتماعياً وانسانياً، بحيث لا تقتصر هذه المشاريع ومختلف مشاريع التعاون على التفكير الريعي المحض.

وكان سموه، ترافقه سمو الأميرة ثروت الحسن، التقى خلال زيارته الرئيس النمساوي هاينز فيشر، ورئيسة المجلس الوطني النمساوي باربارا برامر.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد