حوادث الغرق تتكرر وقناة الغور تحصد العدد الأكبر

mainThumb

16-06-2015 12:37 PM

السوسنة - يكاد لا يمر يوم دون أن يتناهى إلى مسامعنا حادث غرق لأطفال وشبان صغار في مياه البرك والمسابح أو في روافد قناة الغور الشرقية الأكثر ابتلاعا لمغامرين، لا يجيدون فن السباحة.

"لو يعرف الانسان ما يعانيه الغريق لحظة صراعه مع المياه، لما فكر أن يسبح وهو لا يجيد السباحة "، تلك كانت الحكمة التي خلص اليها "معتصم" أحد الناجين من حادثة غرق في قناة الغور الشرقية، مستذكرا ما حدث معه، وهو لا يعرف متى تنقطع أنفاسه عن الحياة.

يقول معتصم، إن تشجيع أصحابه له لتعلم السباحة دفعه للغطس داخل إحدى قنوات الغور الشرقية دون دراية بمبادئ السباحة ما عرضه لحالة اختناق واستغاثة لإخراجه، ولكنه يحمد الله لوجود أشخاص عملوا على إنقاذه.

وتتشابه حالة أحمد مع معتصم وهو يخوض تجربة السباحة دون إدراك مخاطرها وعواقبها، "فقد صارعت الموت وشعرت بأنني لن أعود للحياة مرة أخرى فأصبحت أرى الأشياء من حولي سوداء"، وفق ما يقول .

لكنه يعتبر أن الفضول دفعه لتعلم السباحة مثل بقية أقرانه في قناة الغور الشرقية، فالعديد من أبناء المنطقة يقومون بتعلم السباحة داخل القناة، ويساعد بعضهم بعضا، خاصة في فترة الصيف هربا من ارتفاع درجات الحرارة، مبينا أن عدم وجود الحواجز والارشادات التحذيرية تدفع الكثيرين إلى السباحة متجاهلين مخاطرها، خصوصا في حالات ارتفاع مستوى الطمي بعد فصل الشتاء، التي تشكل تحديا كبيرا وصعوبة في السباحة داخل القناة.

"أم ثكلى وأب يتفطر قلبه ألما وأخوة يصرخون ويبكون"، تلك كانت مشاهد لحالة رحيل الطفل احمد بشتاوي البالغ من العمر 11 عاما، الذي قضى غرقا في القناة الاسبوع الماضي، خلال لعبه مع أصدقائه في جانب القناة، ما أدى إلى انزلاق رجله وسقوطه داخلها.

(احمد) الذي كان آخر الغارقين في قناة الغور الشرقية (قناة الملك عبدالله)، حتى إعداد هذا التحقيق، صارع الموت وظل في وضع صحي حرج لأن رئتيه بمياه القناة المشبعة بالطين فتوفي متأثرا بذلك رغم الجهود التي بذلتها الكوادر الطبية لإنقاذ حياته، وفقا لوالده (أبو رمزي)، الذي يقول "إن عدم وجود حواجز وشبك على أطراف القناة يعرض الأطفال وغيرهم للغرق"، مشيرا الى ان ارتفاع منسوب الطمي في المياه يجعل من الصعوبة انقاذ الغريق".

ويطالب ابو رمزي بضرورة أخذ التدابير والاحترازات اللازمة للحد من هذه الظاهرة التي باتت تؤرق الاهالي.

ويؤكد أيمن الشمالي، أحد أبناء المنطقة، أن قناة الغور تشكل خطرا على أهالي المنطقة والزائرين، كونها محاذية للطريق العام، مذكرا ايضا بعدم وجود حواجز على أطرافها، فيما العديد يجلسون بجانبها بقصد التنزه وأطفالهم يلعبون من حولهم.

ويطالب الشمالي سلطة وادي الأردن والمسؤولين بإعادة الكشف على هذه القناة القريبة من المناطق السكنية وعمل ما يلزمها من احتياطات السلامة ومن ضمنها انشاء سياج حولها يحول دون مغامرة الصبية والشباب على السباحة فيها.

القناة التي تبتلع العدد الأكبر من الغرقى متصرف لواء الأغوار الشمالية عدنان العتوم يبين أن عدد حالات الغرق خلال العشر سنوات الماضية بلغ 102 حالة، مشيرا الى أن قناة الغور احتلت نصيب الأسد بحوالي 70 بالمئة من حوادث الغرق في المنطقة، إضافة الى البرك الزراعية وسدي زقلاب ووادي العرب.

ويشير الى أن في المنطقة حوالي ستة آلاف مزرعة معظمها يحتوي على برك داخلية، تكررت فيها حوادث غرق، إلا أنها مقتصرة على أصحابها او العاملين فيها.

ويؤكد أن القناة تفتقر لوسائل الحماية جراء الاعتداءات المتكررة من قبل المواطنين على "الشبك"، مبينا أن هذه الاعتداءات تحصل بسبب سرقة المياه؛ بغرض ري المزروعات أو العبث بها بقصد السباحة أو سرقة الشبك لغايات البيع.

ويشير الى اجتماع مع مدير عام سلطة وادي الاردن، الذي بين ان (الشبك) لا يفي بالغرض المطلوب للحماية، لأنه يتعرض للسرقة واعتداءات متكررة، لافتا إلى أن السلطة وضعت العام الحالي حواجز اسمنتية "جابلون" على تقاطعات الطريق مع القناة، التي يمتد طولها 110 كيلومترات من منطقة العدسية حتى نهاية الأغوار الوسطى، لكن التكلفة المرتفعة تحول دون حمايتها بشكل كامل.

ويلفت العتوم إلى أن السلطة طرحت عطاء بكلفة 50 ألف دينار لصيانة القناة، لكن الصعوبات التي تعترض حماية القناة ومرورها داخل الأحياء السكنية كمناطق "المنشية والريان والمشارع "، حال دون اتمام ذلك المشروع.

ويوضح أن قرار محكمة التمييز الصادر مؤخرا أخلى مسؤولية سلطة وادي الاردن من حالات الغرق بالقناة، كونه عبثا من المواطنين على مسطح مائي، مؤكدا ضرورة التعاون مع مؤسسات المجتمع المدني والبلديات لعقد ندوات وورش عمل لتوعية المواطنين وتحذيريهم من مخاطر الاقتراب من التجمعات المائية والسباحة داخلها كونها مناطق غير آمنة.

سلطة وادي الاردن لا تتحمل المسؤولية أمين عام سلطة وادي الاردن المهندس سعد ابو حمور يقول "إن السلطة عمدت ومنذ نشأة قناة الملك عبدالله الى عمل حواجز معدنية على طول القناة، خصوصا في المنطقة من نفق العدسية إلى الصوالحة في دير علا والتجمعات السكانية القريبة من القناة".

ويؤكد أن السلطة تقوم بطرح العطاءات الخاصة بحماية القناة كتركيب الحواجز، لافتا إلى أن الاعتداءات المتكررة من قبل المواطنين لأغراض السباحة أو الري أو السرقة تستدعي الصيانة الدائمة للقناة، مبينا أن هناك عقوبات تفرض على من يقوم بالاعتداءات، ويحول إلى المحاكم.

ويشير الى أن فرق دوريات الأمن والحماية التابعة للسلطة، تقوم بشكل دائم بمراقبة الاعتداءات وهناك إشارات تحذيرية على جوانب القناة بعدم الاقتراب من القناة.

ودعا ابو حمور المواطنين والمتنزهين إلى أخذ الحيطة والحذر وعدم الاقتراب من القناة، لاحتواء القناة على ترسبات طينية وغير مهيأة للسباحة، مؤكدا أن اي حادث غرق في القناة لا تتحمل السلطة مسؤوليته.

الدفاع المدني يدعو للالتزام بمتطلبات السلامة العامة مدير الإعلام الناطق باسم المديرية العامة للدفاع المدني العميد الدكتور فريد الشرع، يؤكد أن قناة الملك عبدالله تعتبر من أكثر المواقع المائية التي تقع فيها حوادث غرق بسبب الممارسات والسلوكيات الخاطئة والمتمثلة بعدم التقيد باللافتات التحذيرية أو قص الشبك المعدني الذي يطوق القناة بهدف السباحة للهروب من حرارة الجو.

ويشير إلى تعامل المديرية خلال النصف الأول من العام الحالي مع 35 حالة غرق نتج عنها 23 حالة وفاة كان منها 3 حوادث غرق بقناة الملك عبدالله نتج عنها وفاتان واصابة، مشيرا الى ان الخطورة في هذه الحوادث تكمن في نتائجها المؤلمة التي تكون في العادة فورية عندما تتعرض حياة الشخص للخطر والموت خلال دقائق معدودة.

ويبين أن المديرية اتخذت سلسلة من الاجراءات للنهوض بمستوى الخدمات المقدمة للمواطنين بدءا من تأهيل المرتبات وتوفير مجموعة من الغطاسين المحترفين وتوفير 33 نقطة غوص في كافة المحافظات، خصوصا في المواقع التي تكثر فيها المسطحات المائية القريبة من مناطق التنزه، بحيث تكون كل نقطة مزودة بفريق من الغطاسين المزودين بأحدث الاجهزة والمعدات والاليات اللازمة.

ويشير العميد الشرع إلى اسباب حوادث الغرق، التي تتمثل باستهانة البعض بمفهوم السلامة الشخصية وعدم التقيد بالتعليمات والارشادات الوقائية الخاصة بالسباحة وبالذات في السدود وقنوات المياه، وعدم أخذ الاحتياطات الوقائية، أثناء الرحلات الى المناطق المائية خاصة بما يتعلق بمراقبة الاطفال ومنعهم من الاقتراب من المياه العميقة، والاندفاع العاطفي في انقاذ شخص غريق دون أن يكون المنقذ متقنا للسباحة، وترك البرك الزراعية مكشوفة دون سياج، فضلا عن الابار المكشوفة وخزانات المياه التي تترك دون أغطية.

الغرق ثالث أسباب الوفيات غير المتعمدة في العالم وبحسب منظمة الصحة العالمية، فإن الغرق يمثل ثالث أهمّ أسباب الوفيات الناجمة عن الإصابات غير المتعمّدة في جميع أنحاء العالم، حيث تشير التقديرات إلى وقوع نحو 400 ألف حالة وفاة خلال عام، جرّاء الغرق في العالم،غالبيتهم من الأطفال، إذ يقف الغرق وراء حدوث 7 بالمئة من مجموع تلك الوفيات.

وتشير المنظمة الى بعض الإجراءات الوقائية من الغرق، مثل تسييج المسابح والتحكم بالوصول إلى المياه ، ومراقبة الأطفال، وتدريب الأطفال على فنون وأصول السباحة في المدارس او النوادي المتخصصة وتعزيز وسائل السلامة ومهارات الإنقاذ، ورسم السياسات وسن التشريعات الفعالة للوقاية من الغرق.

ويوجه التقرير العالمي عن الغرق الصادر عن المنظمة العام الماضي بعنوان "الوقاية سبب رئيسي من أسباب الوفاة"، الحكومات إلى ضرورة وضع وتنفيذ ما يناسبها من برامج فعالة بشأن الوقاية من الغرق وتحسين البيانات المتعلقة بالغرق ووضع خطط وطنية بشأن السلامة في المياه.--(بترا



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد