حرب بوش الفاشلة

mainThumb

10-09-2007 12:00 AM

يتذكر العالم اليوم الهجومين الإرهابيين اللذين قتلا الألوف من الأبرياء في نيويورك وواشنطن في الحادي عشر من ايلول (سبتمبر) 2001. الذكرى محطة لتأكيد إدانة الإرهاب العبثي الذي بات بلاءً دولياً ضحاياه من كل دين وعرق. وهي وقفة تستوجب تقويماً معمقاً لردة الفعل الأميركية التي جعلت العالم، بكل المقاييس، مكاناً أكثر خطراً تسوده النزاعات والصراعات الدموية والحضارية.

هجوما الحادي عشر من أيلول جريمة تكاد تكون غيّرت مجرى التاريخ الحديث. أطلقت هذه العمليات سياسة أميركية مبنية على استباق "الخطر" ومهاجمة الإرهاب في منابته. وتبنى هذه السياسة قائد بدا أكثر عطشاً للانتقام منه زعيماً يريد معالجة المشكلة.

وهكذا بدأت حرب أميركا على الإرهاب. سعي محموم وراء أهداف بعضها وهمي ومن دون الالتفات الى جوانب فكرية سياسية تشكل تفاصيلها أساس الانتصار على الإرهاب والإرهابيين.

الذين نفذوا عمليات نيويورك وواشنطن عرب ومسلمون. هذه حقيقة اعترف بها تنظيم القاعدة وتبجح بها شيخ الإرهابيين اسامة بن لادن. لكن ما أغفلته واشنطن هو أن هؤلاء أعداء للعرب والمسلمين بقدر ما هم أعداء لها. وما جهلته أيضا هو أن الانتصار على هؤلاء يستوجب مواجهة فكرية عقائدية لا يمكن أن يحسمها الا عرب مسلمون.

قزّمت الإدارة الأميركية الحرب على الإرهاب الى منازلة عسكرية. ظنت أن قتل بعض الإرهابيين يمكن أن يحسم المعركة. وفي ظمئها الى تقديم نتائج، حتى ولو خادعة، لجهدها، ضحت إدارة جورج بوش باستقرار دول، بل حتى بوجودها كما هي الحال في العراق، من أجل الادعاء بأنها تدمر البنية التحتية للارهاب.

لكن الفشل كان ذريعاً. العراق صار ساحة من الفوضى يجول فيها الارهابيون ويصولون. أسامة بن لادن ما يزال حياً يبث الكفر والحقد والكراهية. والفكر الارهابي ما يزال يتمدد في غير مكان. لكن بدلاً من ان تستدرك واشنطن خطاياها، أوغلت في الخطأ. ووظف الإرهابيون دمارية سياساتها في حملاتهم تسميم عقول المحبطين وجرهم إلى عالم الضلالة الذي يعيشون.

الحرب على الإرهاب لن تحسم في ميادين المعارك وحدها. الانتصار على الإرهابيين يتطلب جهداً دوليا يتعاون فيه كل ضحايا الإرهاب لتعرية الفكر الإرهابي وتبيان عبثيته وعدميته. وبما أن الإرهابيين يستغلون إحباطات العرب ويزيفون عقيدة الإسلام، فإن إزالة أسباب الإحباط وتقدم العرب والمسلمين جهود محاربته هي الطريق الأنجع لدحره.

في الذكرى السادسة لذكرى إرهاب الحادي عشر من أيلول تبرز مشروعية السؤال عن سبب فشل الحرب عليه. والإجابة واضحة. الكل يراها الا جورج بوش، الذي يحتاج الى أن يسمع بدلاً من أن يملي. الإرهاب لا يبرر. من يبرره شريك فيه. ومن لا يدينه بوضوح لا لبس فيه يشجعه. الا أن فهم البيئة التي ينمو فيها الإرهاب شرط لمواجهته. الإرهاب بيئته اليأس والإحباط وغياب العدالة. تغيير هذه البيئة يعزل الإرهابيين ويحد من انتشارهم. من هنا تأتي أولوية رفع الظلم في فلسطين وبناء الدولة الآمنة في العراق واحترام حقوق الإنسان ومنح الناس الأمل بأن الغد، سياسيا واقتصاديا وإنسانياً، أفضل. هذا ما تحتاج أن تفهمه الإدارة الأميركية إذا أرادت ان تُسهم فعليا في مكافحة الإرهاب.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد