القاتل الطليق على الطرقات

mainThumb

10-09-2007 12:00 AM

صباح أمس كان يتحدث على الهاتف من المقبرة حيث دفن طفله الوحيد قبل يومين، وقد ابكانا محمد الوكيل وفطر قلوبنا وهو يعيد تسجيلا هاتفيا بصوت عمر ذي السنوات العشر يتحدث مع البرنامج في وقت سابق بمناسبة الحملة الوطنية "لعيونك" ويعلن تبرعه بخمسين ديناراً، ويضيف سائلا: بماذا يستطيع أن يتبرع ايضا!

وكان ان ّاتفق عمر مع والده المقدم هاشم المجالي مدير مكافحة المخدرات في الزرقاء على التوصية بالتبرع بالقرنيات، ولم يعلم الوالد المكلوم أن وقتا قليلا سيمرّ قبل أن يتبرع فعلا بقرنيتي عمر. ألا فليغمرك الربّ القدير بفيض من الصبر والقوّة والجلد على فجيعتك يا ابا عمر.

أتيح لنا أمس عبر الأثير أن نعايش هذه الواقعة المفجعة عن قرب، وفي كل واحدة من حوادث الطرق المميتة قصّة فاجعة خلّفت وراءها اهلاً منكوبين وتفاصيل تدمي القلوب، مع ذلك ورغم كل ما قيل ويقال لم يتغيّر شيء لا في القوانين ولا في الاجراءات. وما زال - كما كتبنا ذات مرّة- أيسر أن تقتل رجلا في حادث سيّارة من كسر ساقه فقط؛ ففي الثانية سيتورط المسبب في التزام مديد بالنفقات وما يرافقها ويتبعها من مسؤوليات فيما الوفاة ثمنها عطوة وفنجان قهوة.

وقبل عام نكبنا في العائلة بوفاة ابن شقيقي وصديقه في حادث سير وكان موقف أخي انه لا يريد جاهات ولا عطوات ولا يريد مالا ولا تكليف ذوي المتسبب شيئا اطلاقا، بل فقط ان تأخذ العدالة مجراها حسب المسؤولية، وقد كان يسوق ليلا بلا رخصة شاحنة غير مخوّل بقيادتها، مع ذلك كان بعد أقلّ من شهرين طليقا رغم وجود قتيلين في رقبته ولعله عاد وراء المقود وعلى نفس الطرق بينما تنام القضيّة في احدى المحاكم.

الأهل لا يحركهم في هذه الحوادث أي حافز للانتقام. فلا شيء يعيد لهم أحبّتهم، لكن هل يعقل أن لا يتحرك الحق العام لحماية المجتمع، واسأل ما الفرق في وضع سائق لم يرتكب حوادث ابدا وآخر ارتكب حوادث خفيفة أو خطيرة؟ لا شيء!

نفس شروط تجديد رخصة القيادة ورخصة السيارة، نفس شروط ومبالغ التأمين كل عام! وماذا عن اجراءات التقاضي ومستوى العقوبات، حتّى لا نتحدث عن الجاهات والعطوات والصلحات؟

jamil.nimri@alghad.jo



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد